لا شك أن تضخيم تفشي فيروس “كورونا” نكاية بإيران أمر لا يجوز. كذلك فإن الاستهتار باتخاذ الإجراءات اللازمة للحد من إنتشاره دفاعاً عن إيران لا يجوز أيضاً.
ولكن بين التضخيم والاستهتار تبقى حقيقة واقعة علينا كلبنانيين، ويجب أن نواجهها، أو نصمت فنتعايش معها. شاء من شاء. وأبى من أبى.
فالتطورات الحاصلة على صعيد هذا الوباء تشير الى ما هو أبعد منه. ولا جدال في القاعدة الذهبية التي تنص على أن إقفال طريق الحرير ممنوع، مهما كانت الدوافع. فهو سيبقى الطريق المعبد الى الجنة. وعلى اللبنانيين أن يسلكوه، أو الاستسلام له عندما يسلك باتجاههم. لا شيء يعرقله. لا فيروس “كورونا” ولا جثث شباب بعمر الورود تهدر دماؤهم في الصراع الدامي للأطماع الإقليمية والدولية، ولا اللجوء الى صندوق النقد الدولي ولا إقفال المعابر غير الشرعية.
يجب أن يبقى هذا الطريق مفتوحاً على خطين مهما كانت التداعيات الباهظة على هذه الدولة المتداعية، أمناً وصحة واقتصاداً. وحاكمك ظالمك في ظل التوازنات التي ترهن لبنان لحساب وصاية محور الممانعة المنخرط في لعبة الأمم وصراع القوى الإقليمية والعالمية، والى أجل غير مسمى. ومن لا يعجبه فليبلّط البحر.
لحظة!! حتى البحر، كما البر والجو، يدخل في حماية هذا الطريق، وتحديداً مع الكنوز الكامنة فيه، والتي قد تتحول جوائز ترضية للسائرين على هدى محور الممانعة.
وليس أدل على ذلك أكثر من استخدام الدستور المسكين لتبرير عدم إقفال الحدود بوجه الوباء القادم عبر طريق الحرير. و”أي لبناني مقيم بأي دولة في العالم من حقه أن يرجع الى بلده”، على ما قال وزير الصحة حمد حسن في تعليقه على استمرار دخول الوافدين من إيران الى لبنان.
أما ما تبقى من نصوص الدستور لجهة السيادة والاستقلال، فهي لعمري من لزوم ما يلزم.
والمهزلة هي في استخدام صفة “الطلاب” لكل من يعود من إيران، وفي غياب أي معطيات عن عدد الطلاب اللبنانيين هناك، وماذا يدرسون؟ ولماذا يجب أن تستمر الرحلات براً وجواً لنقلهم؟ والى متى؟ ومن يدخل معهم وبحجة حقهم بالعودة الى بلادهم؟
ممنوع طرح الأسئلة. فالتكتم على حقيقة الإصابات بالفيروس يدخل في نطاق الأسرار العسكرية للحزب الإلهي.
ولا يجوز لوباء لا نعرف أكثر من الكمامة والقفازات وميزان الحرارة وسيلة لمواجهته، أن يقف حجر عثرة في الخطط الاستراتيجية للمشروع الممانع.
وبـ”كورونا” أو من دونه مكتوب على اللبنانيين تحمل تبعات هذا المشروع. فالمكتوب لا مهرب منه.
وفي انتظار الفرج الذي قد يطل مع ارتفاع الحرارة الكفيلة بالقضاء على هذا الوباء، فلنلتزم بالتعميم الصادر عن وزير الطاقة والمياه ريمون غجر، القاضي بعدم التقبيل أو المصافحة وحفظ مسافة متر بين المتكلمين.
فهذا كل ما تملكه الطبقة السياسية الواقعة في قبضة الوصاية بمواجهة كل ما يُصَدَّر إلينا عبر طريق الحرير بـ”كورونا” أو بغيرها.