أجهز وباء كورونا على ما تبقى من نشاط إقتصادي… فمن استطاع الإفلات من قبضة الإفلاس، علق بنتوءات الفيروس القاتل للإقتصاد والإنسان. إذ وفي الوقت الذي تضرب فيه لبنان أعتى أزمة إقتصادية ومالية في تاريخه، دفعت بمئات المؤسسات إلى الإقفال وصرف آلاف الموظفين والموظفات، جاء الـ”كورونا” ليفرض بانتشاره السريع حجراً اقتصادياً على اللبنانيين يزيدهم عزلة ويمعن في الإطباق وإحكام الطوق على دورة حياتهم اليومية.
قطاعات كانت بالأساس مترنّحة تحت وطأة الأزمة الاقتصادية والمالية، باتت اليوم محاصرة بالوباء ومسلسل الإقفالات القسرية يتوالى في المطاعم والنوادي ودور السينما وأماكن اللهو والمقاهي، فأكمل الـ”كورونا” ما كانت قد بدأته الأزمة الاقتصادية بعدما أجهزت على أكثر من 885 مؤسسة منذ بداية العام، مع تعميم الأغلبية منها إجازات من دون راتب لعمالها. نجمة كازينو لبنان الشهيرة أُطفئت موقتاً وسط توقع خسائر بمئات ألوف الدولارات يومياً على المؤسسة وتراجع إيرادات الدولة من هذا المرفق السياحي. الوقع الأكبر للأزمة المستجدة كان على قطاع السفر، حيث تم إلغاء الكثير من رحلات الطيران من وإلى بيروت. تراجع عدد الرحلات من 130 إلى حدود 30 رحلة فقط يومياً. أما عدد الركاب فتراجع بمقدار 8 آلاف راكب في اليوم الواحد. هذا التراجع كبّد قطاع مكاتب السياحة والسفر خسائر بالملايين قدرت، بحسب نقيب أصحاب “المكاتب”، بحدود 42 مليون دولار نتيجة ترافق الأزمتين الاقتصادية والصحية منذ أواخر العام الفائت وصولاً إلى اليوم.
وإلى المدارس والجامعات التي علقت دروسها إلى أجل غير مسمى على ما يبدو، بدأت أبواب المؤسسات الخاصة والعامة توصد أبوابها تباعاً. موظفو الإدارة العامة أعلنوا وقف العمل في جميع الإدارات وإقفالها موقتاً لضرورات التعقيم، مطالبين المسؤولين بوضع العوازل لمنع الإحتكاك مع المواطنين بشكل مباشر. أما بقية المؤسسات الخاصة فتتجه إما للإقفال موقتاً أو إلى الطلب من موظفيها العمل من المنزل.
لكن في موازاة ذلك صبّت الأزمة في مصلحة عدد قليل من القطاعات الإقتصادية وتحديداً تلك التي تُعنى بأدوات التنظيف والمعقمات والقفازات والكمامات. فازدهر الإقتصاد “الكوروني” محققاً فورة في عمل شركات الخدمات الصحية والبيئية وارتفع الطلب على مواد التطهير والتعقيم مؤدياً إلى زيادة “صاروخية” في المبيعات والأرباح. إلا انه بحسب أحد أصحاب المؤسسات فإنّ هناك خشية من عدم القدرة على الاستمرار في تأمين المستلزمات الضرورية من المواد الأساسية والأولية للصناعات التي تستورد بمعظمها من الخارج في ظل الأزمة الاقتصادية والنقدية وحظر التحويلات المالية الخارجية من لبنان، بينما تدفع الأزمة الصحية المتسارعة إلى استهلاك المخزون المتوافر راهناً في المخازن وتناقصه بوقت قياسي غير متوقع.