IMLebanon

سيناريو حالة الطوارئ… هذه هي الخطوات الأساسية 

في جبيل وكسروان طرقات شبه خالية

 

وكأنّ جبيل تأخذ استراحة… تتجول في شوارعها فتشعر وكأنك في مدينة أشباح، “ولا دومري” على الطريق، بالكاد ترى عناصر شرطة البلدية بلباسهم الوقائي يحرسون أحجار مدينة الحرف. حالة طوارئ وحظر تجول التزم بهما أهالي المنطقة من تلقاء أنفسهم، بعد انتشار الكورونا في المنطقة، وأعلن عنها رسمياً لاحقاً من قبل نواب قضائي جبيل وكسروان الفتوح. فماذا تنتظر حكومتنا العتيدة لاعلان حالة طوارئ على مستوى الوطن؟
كل ما كان ينقص لبنان بعد، انتشار فيروس كورونا المشؤوم في أرجائه، لنزيد ثقةً بتقاعس دولتنا عن القيام بواجباتها وتحمل مسؤولياتها، سواء بتعاطيها مع الطائرات الحاملة مصابين محتملين وأكيدين أو ببطء سد نقص التجهيزات في المستشفيات الحكومية، وتحميل المواطن كلفة فحص الكورونا في المستشفيات الخاصة، وتالياً لا نستغرب حالة اليأس التي وصل اليها اللبنانيون نتيجة المصائب التي تعصف بهم من كل حدب وصوب، فأصبحوا يتمنون لو أنهم تقبلوا زيادة الـ6$ على الواتساب، أو لو أنّ أكبر مشاكلهم ما زالت تقتصر على الصراعات بين جسر الرينغ والخندق الغميق… فباتت مثل هذه الأحداث تمثل لهم “الزمن الجميل، وراحة البال”!

كل مواطن… مسؤول

ولكن مهلاً، صحيح أنّ دولتنا فشلت باتخاذ القرارات الوقائية، وهي المسؤولة الأساسية عن وصول الناس الى هذا الدرك، الّا أنّ كل مواطن فينا يتحمل أيضاً مسؤولية نشر العدوى أو سماحه بانتقالها اليه. فمن مرّ من طريق فاريا باتجاه فقرا الأحد الماضي وشاهد الرحلات الجماعية بالباصات على الثلج، لمس بالتأكيد قلة وعي البعض واستهتارهم بصحتهم وصحة أولادهم، وكأن “الدني بألف خير”، ولا وجود للكورونا الوباء العالمي الذي اصاب حتّى يوم أمس، أكثر من 131479 شخصاً وقتل 4900 حالة منهم في 116 بلداً.

في لبنان، يستمر العدد في الارتفاع يومياً مع تسجيل 3 حالات وفاة حتّى الآن، علماً أن لا احصاء دقيقاً لعدد الإصابات، وعلى الرغم من ذلك لم ير الرئيس حسان دياب وخلية الأزمة الحكومية ما يدعو إلى إعلان حالة طوارئ صحية عامة، بل اكتفيا ببعض القرارات الخجولة.

في جبيل…

“الصحة أهم من الرزقة”

أمّا في جبيل، فيستمر الفيروس بالانتشار بشكل سريع، ما فرض على أهالي المنطقة لباساً موحداً فباتوا لا يتخلون عن الكمامات والكفوف عند خروجهم من المنازل، وما دفع ببعض أصحاب المحلات التجارية إلى اتخاذ إجراء فوري باغلاق أبواب مؤسساتهم الى فترة غير محددة انطلاقاً من مبدأ “الصحة أهم من الرزقة” على حد قول أحدهم. ولم يتأخر مصففو الشعر النسائي والرجالي من اعلان حالة طوارئ في صالوناتهم، فالتزم أصحاب 42 صالوناً في جبيل بهذا القرار لحماية أنفسهم و”تزيين” زبائنهم “بالصحة والعافية”.

وفي هذا السياق، نشط نواب قضاءي جبيل وكسروان- الفتوح مطالبين باتخاذ الخطوات الجريئة والعملية التي قد تصل إلى حد إعلان حال الطوارئ في البلاد، وخصوصاً لمنع ارتفاع العدوى الناتجة عن الاختلاط واتباع سبل الوقاية عبر التزام المنازل وعدم التنقل إلا في حال الضرورة القصوى. وعلى اثر اجتماعهم في دير سيدة المعونات طلبوا من كل المؤسسات العامة والخاصة في قضاءي جبيل وكسروان الفتوح الإقفال تحت طائلة الملاحقة، باستثناء تلك التي تؤمن الحاجات الأساسية والضرورية، بالاضافة الى تجهيز مستشفى البوار الحكومي والطلب من باقي المستشفيات الخاصة في المنطقة تأمين غرف عازلة مجهزة بالمعدات الطبية اللازمة لاستقبال المرضى عند الحاجة، ومطالبة وزارتي الصحة والداخلية بتأمين مراكز مخصصة إلى جانب المستشفيات، لعزل حاملي المرض من دون عوارض، ومراقبتهم من قبل فرق مختصة، على أن يبادر النواب بالمساعدة في تأمين مراكز كهذه في قضاءي كسروان الفتوح وجبيل.

إصابات في جهاز أمن المطار

في ظل الأوضاع الصحية التي وصلنا اليها، يطالب المواطنون من الدولة اعلان حالة طوارئ عامة في البلد، وكانت بعض المؤسسات الخاصة دعت موظفيها للعمل من منازلهم، أو من خلال العمل مداورةً عبر تقسيم العاملين الى مجموعات، لمنع التجمعات والاختلاط. كذلك، اتخذت قيادة الجيش والقوى الأمنية سلسلة من الاجراءات لحماية ضباطها وعناصرها من خلال اتباع الاجراءات الوقائية الموصى بها دولياً في المستشفيات العسكرية وأماكن الطبابة والمستوصفات. بالاضافة الى وقف كل النشاطات داخل النوادي العسكرية وخارجها، وتقسيم أيام الخدمة مداورةً بين العسكريين من خلال مجموعات بعديد قليل. كذلك، تم توزيع المعقمات والصابون على الثكنات، والتشديد على فحص كل من يدخل اليها والتزام كل فرد بنقطته والابتعاد عن التجمعات بين بعضهم البعض. وللأسف، لم تمنع هذه الاجراءات من اصابة ضابط و 7 عناصر في جهاز أمن المطار ومفتشة مدنية، حيث تبينت اصابتهم صباح الامس، نتيجة الاحتكاك بمصاب من الجنسية العراقية يدعى “ك.ع”، والذي كان مسافراً على متن طيران الشرق الاوسط المتوجهة الى بغداد، بحسب معلومات خاصة لـ”نداء الوطن”، وطُلب من المصابين تطبيق العزل المنزلي ووجوب التقيد التام بارشادات العزل على أن تجري متابعة أوضاعهم الصحية.

سيناريو حالة الطوارئ

على أي حال، إعلان حالة طوارئ مدنية صحية ليس بالأمر المستبعد في الأيام المقبلة، فكيف يمكن أن يكون شكلها في حال نفذت؟

يرسم جنرال متقاعد في الجيش اللبناني خطة من الخطط التي يمكن تنفيذها للعمل بحالة الطوارئ وحظر التجول على الشكل الآتي:

– وقف الرحلات من البلدان الموبوءة، الخطوة التي كان يجب تنفيذها منذ اليوم الاول.

– في المرافئ العامة: منع أي شخص من الخروج من البواخر، وسحب “الكونتينرات” لرشها وتعقيمها قبل اخراج البضاعة منها.

– المعابر غير الشرعية… حدث ولا حرج. الّا أننا بحاجة اليوم لجرأة اغلاقها، لحماية صحة كل لبناني بعيداً من الحسابات السياسية.

– فرض الحظر على الدخول والخروج من المخيمات حيث التجمعات السكنية الكبيرة، فاذا اصيب شخص قد ينقل العدوى الى كل من هو موجود داخل المخيم.

– وقف النقل العام بكل أشكاله.

– إعلان ضرورة اغلاق كل المولات وأماكن الترفيه من أقصى الشمال الى أقصى الجنوب، والمؤسسات والشركات العامة والخاصة لمدّة 14 يوماً، لفصل المصاب عن المعافى، ومنع انتقال العدوى، تحت طائلة الملاحقة القانونية، باستثناء تلك التي تؤمن الحاجات الأساسية والضرورية، شرط مداورة العمل فيها.

– تعقيم المناطق يومياً من قبل البلديات لتقليل فرص العدوى قدر الامكان.

– يحق للحكومة مصادرة ما تراه مناسباً لمواجهة الحالة، لذلك يمكن مصادرة طابق في كل مستشفى خاص بعد التفاهم مع ادارتها وتخصيصه للحجر الصحي (بما أن مستشفى الحريري اكتمل)، مع أخذ وزارة الصحة التدابير اللازمة لاحقاً بحق المستشفى الذي يرفض استقبال المرضى من خلال عدم تحويل المرضى اليها. كذلك، يمكن مصادرة المستشفيات المتوقف العمل فيها وتجهيزها لتصبح مثل مستشفى رفيق الحريري الجامعي.

– الطلب من الاختصاصيين التطوع للعمل في المستشفيات التي خصصتها الدولة لهذا الموضوع للاستفادة من خبراتهم، مع الاستعانة بأطباء المستشفى العسكري.

– تحديد وزارة الصحة ميزانية لتقديم الفحوصات والعلاج اللازمين للمريض.

– القيام بالحملات الاعلامية المتواصلة لتثقيف المواطنين حول الفيروس المستجد.

تختلف تفاصيل كل حالة طوارئ بحسب المعطيات الراهنة، وفي كل نقطة من الخطة تفاصيل كثيرة يجب التأكد من تنفيذها، بحسب الجنرال المتقاعد الذي شدد على أهمية “فرز المصاب من المعافى”، مشيراً الى أننا “لسنا امام حظر تجول أمني بل صحي، وتقتضي مصلحة كل مواطن الالتزام بمنزله، ولكن على الدولة تنفيذ خطة كاملة متشابكة يتعاون فيها المواطن والدولة على حد سواء، لمنع “غير الواعين” على صحتهم من التحرك ونقل العدوى الى غيرهم”.