Site icon IMLebanon

أن تكون لبنانياً في زمن “كورونا”

 

ان تكون لبنانياً في زمن “كورونا” يعني أن تواجه معادلات مستحيلة.

 

عليك أن تكون شجاعاً الى درجة التهور لتجاهل الخطر المبين بغية تأمين الحد الأدنى من مستلزمات الحياة، وفي الوقت نفسه عليك أن تكون جباناً الى ما لا يمكن تصوره من جبنٍ، فتدفن نفسك حياً لتحتمي من أنفاس من حولك.

 

فأنت لا حول لك ولا قوة، كونك رهين حكومة لا تملك الإمكانات للتحكّم بحدودها البرية والجوية. والأنكى أنها تعتبر نفسها نموذجاً للدول الأوروبية في مكافحة الوباء، مع أنها لا تملك إحصاءات أو دراسات ميدانية أو أي داتا معلومات لأحوال اللبنانيين المعيشية والسكنية والصحية، لتتمكن من توفير خطة عمل على قواعد صلبة وفعالة.

 

عليك ان تنسى أنك تعيش في دولة. والأهم، عليك ان لا تستمع الى المؤتمرات الصحافية لوزير الصحة ورئيس الحكومة ومقررات مجلس الوزراء التي تعتبر أي احتجاج على التقصير موجّهاً ضد الحكومة للنيل منها لغايات سياسية. عدا ذلك، فالمعلومات العامة التي يتم اجترارها لا تحمل جديداً. وإذا حملت، فهي تزيد من الرعب الذي لا بد منه.

 

أو عليك أن تصدق أنك سوبرمان، وقدراتك الذاتية تغنيك عن هذه الإدارة البدائية للأزمات التي لم تتجاوز المرحلة الأولى من التدريب على مواجهة هذه التداعيات…

 

وبمعزل ان كان هذا الجهل لجهة القدرة على مواجهة تفشي “كورونا”، ذنب هذه الحكومة بالتحديد، الا أن سلوكها في التعامي عن هذه الوقائع واعتبار ما تقوم به هو أكثر من واجبها لن يزيد الأمور الا سوءاً. لذا “خليك بالبيت”.. هذا اذا كنت قادراً على هذا الترف.

 

لكن، ماذا لو كانت لديك أفواه عليك ان تطعمها وليس لديك راتب ثابت؟ ماذا لو كنت لا تملك المال الكافي لشراء المعقمات التي يرتفع سعرها بغياب أي حضور لحماية المستهلك؟

 

ماذا لو كان منزلك غرفة أو غرفتين مع عائلة كبيرة؟ اين تحجر نفسك اذا استوجب الأمر ذلك؟

 

كيف تطبق الوصايا المكلفة للوقاية اذا كنت ضمن الخمسين بالمئة من اللبنانيين الذين يلامسون خط الفقر أو ينسحقون تحته؟

 

ماذا تفعل اذا كنت لبنانياً فوق خط الفقر بقليل، وحولك الفقراء الجائعون؟

 

من يحميك اذا أفلتت الأمور بعد فترة، بحيث لا يعود همك ان تحمي نفسك من “كورونا”؟ عندما يصبح التحدي ان تحمي نفسك من اللادولة واللامؤسسات مع انهيار مقومات الحياة بحدها الأدنى، يصبح التعويل على حكومة تتباهى بأن العالم معجب بإجراءاتها لحماية شعبها أشبه بالانتحار.

 

مع إقفال معظم المؤسسات والمرافق الخاصة، وما ينتجه هذا الواقع من تفاقم للبطالة وبالتالي للجوع، من يدعم صمود اللبنانيين المهددين بالوباء؟ وماذا نفعل عندما تصبح المعادلة لقمة الخبز وليس الحماية من الوباء؟

 

وستصبح، لأن دولتك عاجزة عن تأمين مخزون سلع غذائية ومحروقات ومواد طبية وكادر بشري لتلبية أمور الناس الواجب بقاؤهم في منازلهم؟ واذا تبرع لنا أحدهم بكل ما يلزمنا، لا نضمن أن المساعدات ستصل الى حيث يجب.

 

وإذا جف حلقك، وكل هذه الوقائع تعصف في ذهنك، واذا شعرت بضيق نفس.. لا تخف. ليس الفيروس هو السبب.. ولكن كونك لبنانياً تعيش في زمن “كورونا”.