IMLebanon

“إنتفاضة” وزير: “اللي استحوا ماتوا”

 

سريعاً، إختلط فيروس «الكورونا» الوافد بالأوبئة السياسية في لبنان، الأمر الذي زاد الطين بلّة وأدّى الى مزيد من الضعف في المناعة الوطنية، بدل رفعها الى اعلى المستويات لمواجهة التحدّي الجديد. من المعروف، انّه عندما تواجه اي «دولة طبيعية» خطراً داهماً، تجتمع الموالاة والمعارضة على التصدّي له، وبالتالي تترفعّان ولو مرحلياً عن خلافاتهما ومناكفاتهما من اجل التفرّغ لمواجهة هذا الخطر، فاذا تمّ تجاوزه يعود كل منهما الى موقعه وحساباته، وتستعيد اللعبة السياسية إيقاعها.

يبدو انّ هذه القاعدة لا تسري على لبنان، الذي يدفع مرة اخرى ثمن تشظي طبقته السياسية والحزبية، في لحظة كان يُفترض ان يتفوّق فيها الجانب الإنساني والأخلاقي على اي مصالح او اعتبارات ضيّقة، خصوصاً انّ «الكورونا» عابر للحدود والطوائف والمذاهب والسياسة، وبالتالي لا يميّز بين ضحاياه ولا يختارهم على الهوية، وهو بالتأكيد ليس منخرطاً في محور اقليمي ضد آخر وليس منتمياً الى 8 او 14 آذار.

 

ومع ذلك، لم تراع القوى الداخلية المستغرقة في نزاعاتها خصوصية الظروف المصيرية والاستثنائية، وطبيعة العدو الجديد والماكر، واستطراداً لم تتعامل مع «الكورونا» على اساس انّه يشكّل تهديداً غير تقليدي، يحتاج الى نمط مختلف من السلوك والمقاربة، بعيداً من الحرتقات التقليدية والاصطفافات المعلبة، بل ظل القديم على قِدمه وكأن شيئاً لم يحصل.

 

وهكذا، تحوّل الفيروس المتسرّب جزءاً من ادوات اللعبة الداخلية واوراق الضغط، وبات وسيلة للنكايات وسلاحاً مستخدماً في الاشتباك على خطوط التماس السياسية والطائفية، مع انّه من انواع الأسلحة المحرّمة.

 

ولعلّ هذه النزعة الى توظيف الكورونا في التجاذبات اللبنانية، أظهرت حجم الكيدية المتحكّمة بطريقة التعاطي بين القوى المتنافسة، على ما يمكن اعتبارها «بقايا» السلطة والدولة، اللتين حولتهما الأزمة الاقتصادية والمالية كومة من الأنقاض.

 

وانطلاقاً من فرضية انّ بالإمكان «التشاطر» على كورونا وتطويعه لخدمة أجندات سياسية، اصبح الفيروس الزاحف مادة للسجال بين الحكومة ومعارضيها، وبين خصوم إيران وحلفائها!

 

وإذا كان معارضو حكومة حسان دياب قد وجدوا في نمط تعاملها مع التحدّي الطارئ فرصة للانقضاض عليها، من زاوية انّ تدابيرها الوقائية رخوة وهشة، فإنّ دياب لم يتردّد خلال جلسة مجلس الوزراء امس الاول، في التنبيه إلى وجود استثمار سياسي للكورونا ضد الحكومة، على قاعدة «عنزة ولو طارت»، بعدما كان قد لفت قبل يومين، إلى انّ هناك من يلجأ إلى المزايدات لتسجيل نقاط في السياسة، ما يفيد بأنّه مستمر في الردّ بالمثل على «مصادر النيران»، كما سبق ان فعل في مناسبات اخرى، وانّه يتجنّب إعطاء اي اشارة ضعف او تراجع، قد تشجّع خصومه على مزيد من الاستشراس ضده.

 

يشعر دياب انّ هناك استهدافاً متعمداً له ولحكومته في كل الملفات، سواء كانت اقتصادية او مالية او سياسية او صحية او قضائية، وذلك استناداً الى أحكام مسبقة صادرة عن جهات لم تتقبّل اصلاً وصوله الى السراي وتحاول تقصير أمد اقامته فيها، بمعزل عن الكلفة التي قد ترتبها مثل هذه المحاولات.

 

وبينما يؤكّد رافضو سياسات الحكومة، انّ المعارضة هي حق ديموقراطي ومشروع يجب ان يحترمه دياب، يُنقل عن وزير «تكنوقراط» قوله: «لم يكتفوا بأنّهم سلمونا دولة مهترئة وخزينة فارغة، بعد عقود من وجودهم في السلطة وتماديهم في التفريط بكل الفرص التي أُعطيت لهم، بل فوق ذلك كله، هم يشنون الحملات المتلاحقة على رئيس الحكومة ويمعنون في التشويش عليه حتى بات يصح فيهم القول: «اللي استحوا ماتوا».

 

ويشير الوزير المنتفض، انّ الحكومة ورئيسها يحرصان، قدر الإمكان، على عدم الإنجرار الى مهاترات سياسية وشخصية لا طائل منها، انما من دون ان يعني ذلك انّه لن يكون هناك ردّ مدروس على الاتهامات الظالمة كلما اقتضت الضرورة، بهدف منع أي تضليل او تشويه للحقائق.