نواجه اليوم تحدّياً جديداً مع ارتفاع الخطر بإنتشار فيروس «كورونا» والالتزام بأعلى معايير الحيطة والحذر، وهذا واجب وطني في الدرجة الاولى، وعلينا ان نمتلك وعياً مجتمعياً في المرحلة المقبلة عبر عدم الاستهتار والتصرّف بمسؤولية للحدّ من انتشار الفيروس .
لا يحتاج الفرد اليوم الى قرار وزاري او إعلان حال طوارئ للتصرّف بأقصى إمكاناته للحدّ من انتشار الفيروس، الوعي مطلوب من الجميع.
ولكن، بالتوازي مع الإجراءات المُتخذة لمكافحة «كورونا»، يجب ان نعمل لإبقاء العجلة الإنتاجية الضرورية للصمود وتأمين حاجات الناس الصحية والغذائية والخدمات الضرورية كالكهرباء والمياه الخ … لكي لا نتعرّض لانهيار، تكون تبعاته كارثية وتضع شريحة كبيرة من المجتمع اللبناني في دائرة مفرغة يتعرّضون فيها للفقر ولانقطاع السِلع والخدمات الاساسية.
يجب ان لا نستهتر ايضاً بأي خطوات تُتخذ اليوم لدعم الحياة الإنتاجية الضرورية في لبنان لتأمين السلع الرئيسية، وخصوصاً انّ اقتصادنا في هذه المرحلة لا يسمح بإيقاف عجلة الإنتاج وبخاصة التصدير.
من هنا، المطلوب خطة عمل متكاملة ولجنة طوارئ عبر حضّ الجميع على ألّا تؤثر الإجراءات المُتخذة على الإنتاج والتصدير. فبالطبع علينا ان نتخذ كل التدابير للحدّ من انتشار «كورونا». ولكن علينا ان نتأكّد من استمرار الأمور الحياتية، من استيراد وتصدير وتوزيع الأدوية والبضائع …
نتخوف اليوم من ان تكون «كورونا» غطاءً جديداً لتبرير البيروقراطية الإدارية والكسل الإداري، وأُعطي مثالاً، ما حصل من تأخير في إصدار مذكرة لتنفيذ قانون الإعفاء من الغرامات من الضمان الاجتماعي وتمّ تبرير ذلك بسبب «كورونا»، يجب الابتعاد عن التجمعات مفهوم، ولكن عدم إصدار مذكرة لتنفيذ قانون الإعفاء من الغرامات بسبب «كورونا» غير مقبول!
المطلوب اليوم اتخاذ إجراءات تضمن إنتاجية العمل الاساسي، من دون تعريض حياة الموظفين للخطر، عبر تقسيم ساعات العمل، وتنظيم الاولويات بين الامور الطارئة والامور الأقل عجلة، وان يكون الاهتمام بالإبقاء على الفعالية لمواكبة الفترة بأقل خسائر ممكنة.
فمثلاً، إنخفض سعر برميل البترول الى حدود الـ30 دولاراً ، قد تكون فرصة جيدة لاستيراد كميات كافية مسبقاً لتسدّ حاجاتنا لسنة 2020، وبالتالي نستطيع توفير نصف فاتورة المحروقات.
علينا العمل عبر خطة وطنية موحّدة تشمل الجميع، مع تعاون اساسي لتنظيم العمل والتحرّكات بطريقة واضحة. فليس الوقت اليوم لتسجيل النقاط وإدخال النزاع السياسي والتشفي، لأنّ المجتمع المشتت لا يملك فرصة لمواجهة التحدّيات المقبلة.
الوقت اليوم هو وقت الاتحاد والعمل المنظّم والالتزام بخطة واضحة المعالم. نستطيع منع الانتشار وفي الوقت نفسه عدم تجويع الناس عبر قرارات عشوائية.
والأهم، التزام الشفافية المطلقة دائماً والمصارحة مع المواطنين. ففي وقت الأزمات لا يجوز إخفاء أي معلومات أو اعتماد أي غموض، فهذا من شأنه أن يزيد الهلع غير المبني على وقائع، وبالتالي كلما زادت الشفافية كلما أصبح المجتمع أكثر وعياً وقدرة على التصرّف بمسؤولية بحسب ما تمليه الوقائع.
نعم، نستطيع تطبيق حالة الطوارئ من دون إيقاف عجلة الإنتاج الاساسية والضرورية عبر تنظيم العمل واتخاذ الإجراءات الوقائية، والاعتماد على التواصل عن بُعد وتخفيف الاحتكاك، وتطوير اساليب معتمدة عالمياً، والتمتع بأكبر مقدار من المسؤولية.
حمى الله لبنان واللبنانيين.