IMLebanon

لـبـنـان بـعد انحسار «كورونـا» أمام الأزمة المالـيّة الخطـيرة

 

على الرغم من المخاوف المتزايدة من أزمة انتشار فيروس «كورونا»، والتي وصلت إلى درجة متقدمة وغير مسبوقة على مستوى الإجراءات والتدابير والإقفال العام للمعابر البرية الحدودية، وشبه الإقفال للأجواء، فإن الأزمة المالية ـ المصرفية تبقى في أولوية الهموم على الساحة الداخلية، انطلاقاً من حلول الساعة الصفر لاستحقاق سندات «اليوروبوند» من جهة وبروز ملامح مواجهة سياسية ـ مصرفية تحت عناوين متنوّعة من جهة أخرى.

 

وفي هذا الإطار، تؤكد معلومات مالية، أنه اعتباراً من الأسبوع الجاري، فإن كل استحقاقات الدين الخارجي والبالغة نحو 30 مليار دولار، باتت مطروحة على الطاولة محلياً ودولياً، وذلك كنتيجة أولية ومباشرة لقرار التخلّف عن دفع سندات «اليوروبوند»، والذي أتى بشكل غير مبرمج. وتشير التطورات المتسارعة على مسار الأزمة المالية، إلى أن هذا التحدّي، المؤجّل بفعل حال الطوارئ الصحية، لن يغيب طويلاً، كما تؤكد مصادر نيابية في لجنة المال والموازنة، لأن التوقف عن دفع الإستحقاقات المالية الخارجية، يفتح الباب أمام سيناريو مالي يهدف إلى احتواء كل التداعيات السلبية لهذا القرار، والتي ظهرت في الدرجة الأولى في تراجع مرتبة لبنان في التصنيفات الدولية، على أن تتبعها ارتدادات في المرحلة المقبلة على الصعيد المحلي أيضاً، مع طرح خطة إعادة هيكلة الدين العام، وتنشيط الإقتصاد تزامناً مع التوجّه المعلن من قبل الحكومة إعادة ترتيب علاقات لبنان مع الدائنين، وفتح باب التفاوض حول المرحلة المقبلة.

 

وتكشف مصادر نيابية في لجنة المال عن مناخات غامضة تحيط بهذا الملف في ضوء الكتمان وعدم الوضوح بالنسبة لكيفية إطلاق هذه المفاوضات، لا سيما وأن فترة السماح التي كانت مدتها سبعة أيام لبت شأن السندات قد انتهت من دون أن تتّضح صورة الإتجاهات والقرارات التي ستعتمد، مع العلم أن هاجس فيروس «كورونا» يطغى بقوة على كل الأجندات العالمية، ومن الطبيعي أن يدفع نحو المزيد من التأجيل على مستوى مسار الأزمة المالية اللبنانية.

 

وعليه، تؤكد المصادر، أن لبنان، وبعد انحسار أزمة «كورونا»، هو أمام سيناريو مالي وحيد، وهو ركود اقتصادي بانتظار بلورة العلاقات مع صندوق النقد الدولي، وبدء المفاوضات مع الدائنين في الخارج، وتنظيم الواقع المصرفي في الداخل من خلال قانون «الكابيتال كونترول» المرتقب صدوره في وقت ليس ببعيد، وصولاً إلى إطلاق الإصلاحات المصرفية والمالية والإقتصادية. وتوضح أن المؤشّرات المالية في الفترة الراهنة هي أكثر من سلبية، وتتطلّب تركيز كافة الجهود الرسمية على العنوان المالي، وذلك، بصرف النظر عن الإنشغال العام بضبط واحتواء تردّدات انتشار فيروس «كورونا»، والحؤول دون انتشاره في غالبية المناطق اللبنانية.

 

ومن هنا، فإن الواضح ، كما ترى هذه المصادر ذاتها، أن الحكومة قد تكون ذاهبة نحو الإستعانة بصندوق النقد الدولي الذي لا مفرّ منه بحسب الظروف المتوفّرة، وذلك بموافقة كل أطرافها والمشاركين فيها.