«نحو 3 ملايين مقيم على الأراضي اللبنانية سيصابون بفيروس كورونا»، في حال عودة الحياة الى طبيعتها وعدم الالتزام بتاتاً بالتباعد بين المقيمين أو بقواعد التعبئة العامة التي أعلنتها الحكومة والحجر المنزلي. هذا التوقّع هو الأسوأ بين ثلاثة سيناريوات عملت عليها دراسة أعدّها مكتب الدراسات والأبحاث لخريجي الجامعة اللبنانيّة الأميركية (LAU). الدراسة انطلقت بحساباتها من أعداد الإصابات بالفيروس في لبنان حتى 19 آذار، ولغاية نهاية حزيران المقبل، في فترة ممتدّة على 112 يوماً. الأرقام تقريبيّة، وقائمة على عمليّات حسابيّة، يمكن أن تزداد أو تنقص وفق تغيّر المعطيات، وتنطلق من واقع الدولة والإصابات فيها، وتستند إلى المسار البياني لتطور الإصابات بالمقارنة مع دول أخرى انتشر فيها الفيروس.
السيناريو الأول، يفترض أن السكان لا يلتزمون بأي مقاييس للتباعد في ما بينهم، بمعنى أن تعود الحياة الى طبيعتها ويخرج من يشاء من منزله. هذه المقاربة هي الأسوأ، وتفضي إلى إصابة 42.51% من سكان لبنان، أي ما يزيد على مليونين و911 ألف شخص، يتعافى منهم مليونان ونحو 735 ألفاً، ويفوق عدد الوفيات 173 ألفاً. في حين يفترض السيناريو الثاني خروج شخص من بين كلّ 4 في لبنان، أي يكون فيه الالتزام بمعايير الوقاية متوسّطاً، وينتج منه إصابة 2.29% من السكان، أي نحو 157 ألفاً، يتعافى منهم نحو 135 ألفاً، ويتوفى ما يزيد على 4 مصابين.
السيناريو الثالث هو الأفضل، وافتراض أنه «قد يكون الأقرب» إلى الواقع الراهن لانتشار الفيروس في لبنان يحتاج إلى مسوحات اجتماعيّة وإحصاءات، مع الإشارة إلى الخروقات والتفاوت بمدى الالتزام بين الأفراد وإمكانيّة تغيّر الواقع ربطاً بمدى الالتزام بالإجراءات. يفترض هذا السيناريو الالتزام بالتدابير الصارمة والتباعد، مع خروج شخص واحد من كل 8 مقيمين، ويفضي إلى إصابة 0.23% من السكان، أي 15 ألفاً و906 أشخاص، يتوفى منهم 472 شخصاً. حسابات الوفيات أجريت على أساس أن نسب الوفيات المحتملة بين المصابين هي 3% أي النسبة العالميّة المفترضة. وتحذّر الدراسة من أن هذه النسبة قد ترتفع لتلامس الـ 6% في حال تخطّى عدد المصابين المحتاجين للعناية الفائقة الـ 250 مصاباً.
عميد الدراسات العليا والأبحاث في الجامعة اللبنانية الأميركية الدكتور سامر صعب، شرح لـ«الأخبار» أن «افتراض ارتفاع نسب الوفيات قائم على أساس أن 75% من أجهزة التنفس في لبنان مشغولة من مرضى غير مصابي كورونا»، ويضيف «الدراسة قائمة على حسابات رياضيّة من دون احتساب المتغيّرات في النظام الغذائي ومتوسّط الأعمار وتغيّرات الطقس وسواها».
3 ملايين سيصابون في حال عدم الالتزام بالحجر المنزلي
رئيسة قسم الالتهابات الجرثوميّة في مسشتفى LAUMC – رزق، الدكتورة رولى حُصني سماحة، توضح أن «دراسة التوقّعات تجريها البلدان في سبيل التوعية للحدّ من الإصابات والوفيات والتأثير السلبي على القطاع الصحّي وبهدف تحضير البلد لأسوأ الاحتمالات، ففي كندا أشارت التوقّعات إلى إصابة نصف السكان، وفي ألمانيا نحو 70% منهم». وتنبّه إلى اختلاف نسب الوفيات بالفيروس ربطاً بـ«القدرة الاستيعابيّة للقطاع الصحي وجهوزيّته وفقاً للبلد، وعدد الحالات المقفلة ملفّاتها (Closed Cases)، وهذا الاختلاف واضح بين الصين حيث النسبة الأوضح (3%) وإيطاليا حيث النسبة الأسوأ (6%)»، بالإضافة إلى «الطفرات الجينيّة المحتملة للفيروس».
توقّعات دراسة «اللبنانية الأميركية» تنطبق وفق سماحة على «اللحظة الراهنة حصراً، وقد تختلف بين يوم وآخر بحسب تطوّر عدد الإصابات ومدى الالتزام بالتدابير التي تضعها وزارة الصحة»، مشيرة إلى أن الإجراءات المتبعة من الحكومة حتى نهاية الشهر الجاري «اتخذت انطلاقاً من المعطيات المتوافرة وهي ستختلف تباعاً». في السيناريوات الثلاثة التي افترضتها الدراسة، يصل المسار البياني إلى الذروة في أيار ويبدأ انخفاضه اعتباراً من حزيران، وعليه تعلّق سماحة «كل مسار يرتفع إلى الذروة وينخفض بعدها، والمتوقع أن يكون في أيار في لبنان… وإذا نظرنا إلى نموذج الإجراءات في بريطانيا سنداً إلى المناعة الجماعية، فإنها تراهن على هذا الانخفاض بعد ترك الحالات لتلامس الذروة، لكن وفقاً للمتغيّرات التي أشرنا إليها سابقاً ولمعرفة الحكومة الدقيقة بجهوزيّتها».