IMLebanon

التعيينات في زمن “كورونا”… داءٌ بلا دواء

 

الخلاف على الحصص والأسماء يُفاقم الأزمة النقدية ويؤجّل “الكابيتال كونترول

 

لم يخرج الدّخان الأبيض من جلسة مجلس الوزراء، في ما خص التعيينات “المالية”، ولن يخرج في القريب العاجل. فالمقرر الحقيقي لا يجلس شخصياً الى طاولة الحكومة، بل يتولى إدارة الملفات عن بعد بالطريقة القديمة نفسها. يعدّها بمعزل عن كل التطورات، لا بل الإنهيارات الإقتصادية، الإجتماعية، الصحية والمالية، ويرسلها بالظرف المختوم والبريد المضمون عبر سعاة موثوقين ليجري الإعلان عنها رسمياً. إنها الحقيقة البشعة، التي تنذر بفشل ذريع في إدارة أكثر الملفات حساسية في المرحلة الأكثر إحراجاً التي يصلها لبنان. لكن قريباً سيذوب ثلج “كورونا” ويظهر مرج الإخفاق.

الخلاف اليوم هو التعيينات الشاملة لنواب حاكم مصرف لبنان، وأعضاء لجنة الرقابة على المصارف، وأعضاء هيئة الأسواق المالية ومفوض الحكومة لدى مصرف لبنان. هذه المناصب الشاغرة أو التي ستشغر قريباً لها الأهمية نفسها على الصعيدين النقدي والمالي لكن بأولويات مختلفة. فالحاجة الأكبر اليوم هي لتعيين نواب حاكم مصرف لبنان، الذين يشكلون إلى جانب الحاكم المجلس المركزي، الذي يناط به الكثير من المهام الملحة آنياً. فيما يعتبر أحد المصرفيين ان تغيير الأسماء في لجنة الرقابة على المصارف “ملحوق عليه”، خصوصاً ان “هناك رضى عن عملها، إلا اذا كان السبب الأساسي هو تغيير رئيسها سمير حمود المحسوب على الحريري (رئيس الحكومة الأسبق، سعد الحريري)”. أما في ما خص هيئة الأسواق المالية، فلا يعتبر المرجع نفسه “الأمر ملحاً، نظراً لكون مهامها المنوطة بشكل اساسي بمراقبة البورصة والعمليات المصرفية التي تتعلق بالأسهم وسندات الخزينة، معطلة حالياً بسبب الظروف، فـ”وول ستريت” مقفلة اليوم وبالتالي لا ضرورة للإستعجال”.

 

المربع الأول

 

بغض النظر عن الحاجة الملحة من عدمها، فان ما يجري يثبت اننا “ما زلنا في المربع الأول للازمة، أي في نفس المكان قبل تشكيل الحكومة”، يقول عضو تكتل الجمهورية القوية النائب عماد واكيم، “وهذا هو السبب وراء مناداتنا منذ البداية بحكومة مستقلة، لديها القدرة على اتخاذ قراراتها بشفافية وبعيداً من المحسوبيات، وخصوصاً في موضوع التعيينات. وهذا الأمر تحديداً كان من صلب القانون الذي تقدمنا به عبر النائب جورج عدوان حول آلية التعيينات في الدولة على أساس الكفاءة والخبرة والمصلحة الوطنية”، يضيف واكيم.

 

أمام هذا الواقع ما زالت هذه الحكومة ومن لف لفيفها يراهنون على نيل ثقة الداخل والخارج، وهذا ما برز في تصريح رئيس جمعية المصارف سليم صفير الذي ركز في كلمته من السراي على عبارة “لم يبق أمامنا الا مساعدة الخارج والهيئات المانحة”. وهنا يسأل واكيم: “على أي أساس ستساعدنا الدول المانحة وصندوق النقد الدولي والبنك الدولي وغيرها ونحن لم ننجز لغاية اللحظة أي خطة شفافة وواضحة، وما زلنا نتماحك على حصة جبران باسيل وغيره تحت ستار الحفاظ على المسيحيين، وهم كل همهم المحافظة على مصالحهم الشخصية”.

 

المشكلة في التقاسم والخلاف على التعيينات بحسب منسق الإدارة السياسية في حزب الكتلة الوطنية أمين عيسى هي “نسخ ولصق عن الحكومة. فمن الممكن ان ينتج في النهاية من هذا التقاسم أسماء ممتازة لجهة الكفاءة والخبرة ونظافة الكف، لكن كل قرار سيتخذونه سيكون له مرجع ما، وهذا المرجع سيقيس قبوله أو رفضه للقرار بميزان كيفية تصريفه انتخابياً أو مادياً، وليس بحسب متطلبات خطة شاملة وكاملة للسنوات القادمة”.

 

ولئلا نذهب بعيداً في التحليل فإن “تعميم مصرف لبنان الأخير الذي يتعلق باقراض المؤسسات المتعثرة بالليرة والدولار من أجل جدولة الديون عن أشهر آذار، نيسان وأيار، وارجاع الأموال الى المركزي بالدولار، هو خير دليل على التفرد بأخذ القرارت التي لا تكون بالضرورة صحيحة في معظم الاوقات. وبالتالي فان الحاجة الى أعضاء الحاكمية ولجنة الرقابة ومفوض الحكومة في المركزي اكثر من ضرورة”، يقول عيسى.

 

لا كابيتال كونترول

 

بعيداً من التوزيع الطائفي والحزبي لأعضاء نواب الحاكم ولكل من رئيس لجنة الرقابة على المصارف وهيئة الأسواق المالية وأعضائهم، فان “عدم تعيين نواب حاكم مصرف لبنان يعني لا اقرار لقانون الكابيتال كونترول في المستقبل القريب”، يقول المحامي المتخصص في القانون المصرفي والمالي عماد الخازن. وبرأيه، فان “الكابيتال كونترول يجب ان يخرج بطريقتين: إما بقانون من مجلس النواب، وهو أمر مستبعد بسبب عدم رغبة معظم النواب بالتصويت على قرارات غير شعبية، وهذا يظهر من خلال استمرار تقاذفهم للمسؤوليات. أما الطريقة الثانية فهي عبر تعميم يتخذ من مجلس حاكمية مصرف لبنان وليس بشكل منفرد من قبل الحاكم. وعليه فان النتيجة، بحسب الخازن، استمرار تطبيق الكابيتال كونترول بشكل عشوائي واستنسابي من قبل المصارف من دون أي ضوابط أو قانون”.