Site icon IMLebanon

“كورونا” يهزم الايديولوجيات

 

 

هزم “كورونا” كثيرين. هزّ الدول والمجتمعات، حاصر اتباع الأديان على مختلف مللهم، وكشف الأيديولوجيات والمواقف المستندة إليها في تقسيم العالم وقاراته.

 

انطلق الفيروس من الصين، ورواية نشوئه وانتشاره لم تكتمل بعد، وكي تُكتمل ينبغي أن يشارك الجميع في روايتها، بصراحة وشفافية. لدينا حتى الآن خطوط عامة بشأن قصة الانتشار. قوامها أن العلاقات الواسعة بين الصين وكل من إيران وإيطاليا كانت سبباً في انتقال الوباء بسرعة إلى الشرق الأوسط وأوروبا، تضاف إليها احتفالات رأس السنة الصينية (عام الفأر) التي شهدت انتشاراً للسياح الصينيين في أنحاء العالم، وبعضهم حمل الفيروس إلى حيث وجد من ينقله إلى أصقاع الكرة الأرضية.

 

لم يعد المنشأ مهماً بقدر أهمية إفصاح هذا المنشأ عن كل الحقائق وسعيه إلى تعاون عالمي شامل للقضاء على الوباء.

 

وحتى اللحظة لم ينجح الغرب في تقديم نفسه نموذجاً ناجحاً في قيادة الحرب الكونية على المرض، فيما قدم الشرق صورة فيها ما يكفي من الجاذبية. نجحت الصين بقيادة الحزب الشيوعي في الظهور بمظهر القيادة المنظمة والقادرة على محاصرة الوباء، وانتشرت في العالم صور عمليات التعقيم والتنظيف والمعالجة والعزل في مدن يساوي عدد سكانها عدد دول أوروبية كبرى. وفي لحظة الهلع الأوروبي الكبير كانت الصين قادرة على إعانة إيطاليا وصربيا وبلجيكا وفرنسا في موازاة مواصلتها كبح المرض في الداخل، ويكتمل المشهد في شعور إيطاليا انها متروكة من الاتحاد الأوروبي، وحلف الأطلسي… فكل دولة في أوروبا غارقة في مشاكلها، وبلدان الرخاء هذه تبين أنها لم تكن مستعدة في بنيتها وجهازها الصحي، وهي مستعدة للسرقة توفيراً لأبسط الضروريات.

 

اضطر حلف الأطلسي إلى إلغاء وتعديل مناورات تقليدية على الحدود مع روسيا، وإيطاليا الركن الاساس في هذا الحلف اضطرت لطلب عون “العدو” الروسي بل ولجأت الى كوبا الشيوعية، وهكذا هدرت في أجواء روما عشرات طائرات الإغاثة الروسية والكوبية اضافة الى الصينية، فيما لا يزال ترامب يحرج معاونيه بفيروس صيني واكتشافات علاج “مذهلة” وتغيب اميركا عن حضورها الإغاثي التاريخي في العالم.

 

ذلك هو جزء صغير من المشهد العالمي في عصر “كورونا”، ولن تكتمل الصورة كلياً الا بعد وقت لا احد يعرف أوانه.