IMLebanon

إرحموا من في الأرض

 

ما من خيمة فوق رأس أحد من الاصابة بفيروس “كورونا” وأن تنتقل العدوى من شخص إلى آخر. وبالتالي فإن كل مواطن لبناني يجب أن يضع في حسبانه أن هذا الاحتمال وارد في أي لحظة يخالف فيها قرار حظر التجول الذاتي الذي قررته الحكومة وأن عليه أن يواجه أيضاً تداعيات المرض من العلاج إلى الحالة النفسية إلى تصرفات بعض من يمكن تسميتهم بـ”مرضى العقول” في هكذا حالات، رغم أن هؤلاء يدّعون العلم والمعرفة والإيمان والإنسانية وهم أبعد ما يكونون عنها.

 

هذه الفئة من “المرضى” تنظر إلى المصاب بفيروس كورونا وكأنه ارتكب المعاصي ولذلك عاقبه الله وبالتالي يجب أن يُحاصر وأن يضغط عليه ليصل إلى وضع نفسي يدفعه ربما إلى الانتحار.

 

هذه الفئة من الناس تخلت عن كل رحمة وإنسانية يُمكن أن تكون موجودة في قلبها وفي ضميرها، وبعضها يقول ويجاهر بأنه لا يقبل مثلاً أن يعود المصاب بـ”كورونا” إلى منزله كي يحجر نفسه فيه، متناسياً ان لهذا الإنسان الحق المقدس في العودة إلى منزله وأن لا أحد يمكنه أن يمنعه، كما يتناسى هؤلاء الناس أن الفيروس لا يخترق الجدران ولا السقوف، ولا ينتشر في الهواء لعشرات الأمتار، وأن المصاب لن يترك وسيلة طبية وتدابير وقائية إلا وينفذها كي يتخلص من هذا المرض، كما أن هناك جهات مولجة بمراقبته تفرض عليه عدم خرق الحجر الصحي.

 

هناك أيضاً من هو أسوأ من هذه الفئة من الناس، وهي الفئة التي ترفض إقامة مراكز الحجر الصحي في مناطقها، وهي مراكز بإشراف وزارة الصحة وفيها أيضاً لا تخترق الفيروسات الجدران والسقوف ولا تتنقل من منزل إلى آخر، فهؤلاء أيضا وتحت ذريعة من هنا وذريعة من هناك يفقدون ما تبقى لديهم من إنسانية أو ضمير إذا وجدا.

 

لهاتين الفئتين من الناس سؤال: ماذا لو أصيب بالفيروس واحد منكم أو من عائلتكم أو أقاربكم أو أصدقائكم وطُلب منه الحجر المنزلي وأتى من يرفع الصوت معترضاً، فهل تلقونه إلى جانب الطريق، هل تتركونه في العراء، ألا تشعرون بوجع في القلب وألم نفسي لا يوصف؟

 

نعم هذه الحال قد تصيبكم وقبل أن تصلوا إليها طبقوا القول: “إرحموا من في الأرض، يرحمكم من في السماء”.