IMLebanon

مواليد الكورونا يعززون النمو السكاني

 

انتظرونا في أواخر العام…

 

سؤال ملّح يطرح نفسه بعد الحجر المنزلي: هل سنشهد زيادة في معدل المواليد في أواخر العام 2020 أي بعد 9 أشهر بالتمام والكمال من بدء انتشار وباء الكورونا والتزام الناس منازلهم؟ هل شكل الحبس الإجباري دافعاً للأزواج لتوسيع أسرهم عن سابق تصور وتصميم او عن طريق الخطأ (وعلى قاعدة مجبر أخاك لا بطل)؟ أم أن حالة الذعر والتوتر التي كانوا يعيشونها كبحت عندهم كل رغبة وكادت تقطع نسلهم؟

 

لا شك أن الحجر شكل لحظة الحقيقة بالنسبة للأزواج، فالاختلاط القسري على مدى 24 ساعة كشف المستور وطرح الكثير من التساؤلات حول العلاقة. وضع الزوجين في مواجهة مباشرة مع ما يجمع بينهما من مشاعر: فإما فتور تخرج العلاقة منه عرجاء مترنحة أو تنافر يقود بخطى حثيثة نحو الانفصال أو على العكس تقارب حميم يبشر(عند من لم يفطموا بعد ) بظهور طفرة من المواليد الجدد يمكن ان تعرف باسم: جيل الكورونا.

 

مهما اختلفت المشاعر يبقى الأمر الأكيد أن الأزواج وجدوا أنفسهم وجهاً لوجه على مدار الساعة مضطرين لقضاء المزيد من الوقت معاً. وإذا كانت صباحاتهم مشغولة بالعمل من المنزل ومتابعة أخبار الكورونا فإن أمسياتهم فارغة يحاولون ملأها بطرق شتى. صحيح ان الرومانسية ليست دائماً على الموعد والحب من خلف القناع صعب، ولكن مع الاختلاط القسري لا بد أن تحدث شرارات تسمح بتكهن حدوث طفرة من الولادات في غضون بضعة أشهر. وهذا ما يقودنا إلى السؤال التالي: هل الأوبئة على قبحها ووجعها يمكن أن تُزهر معها الحياة فتقود الى زيادة في معدل الولادات؟

 

في الولايات المتحدة، غالباً ما يشاع أن بعض الأحداث الطارئة مثل انقطاع التيار الكهربائي أو الأمسيات الباردة تؤدي إلى ذروة في الولادات بعد تسعة أشهر. ولكن مع انتشار جائحة الكورونا بات أكيداً أن الظاهرة ليست بهذه البساطة ومن المستبعد في هذه الظروف بحسب الباحثين أن يؤدي الفيروس التاجي إلى طفرة في الولادات لا بل أن النمو سيكون حتماً سلبياً رغم الحجر المنزلي وبقاء الناس في بيوتهم.

 

زيادة في الوفيات يعقبها انخفاض في معدل المواليد

 

يرى ليمان ستون، الباحث في المعهد الأميركي للأبحاث حول الأسرة، أنه عبر التاريخ تمت ملاحظة ظاهرة متكررة وهي أن الحدث الذي يتسبب في زيادة معدل الوفيات يؤدي بشكل متوازٍ إلى انخفاض في الولادات في الأشهر التالية. وهذا الارتباط تم التحقق منه خلال العديد من الأوبئة: مثل الإنفلونزا الروسية عام 1889، والإنفلونزا الإسبانية عام 1918 أو وباء الإيبولا الذي ظهر في غرب إفريقيا في نهاية عام 2013.

 

وقد تأكدت هذه العلاقة نفسها بين زيادة معدل الوفيات وانخفاض معدل المواليد بعد موجات الحر في فرنسا، أو الزلزال في اليابان، وكذلك الأعاصير في الولايات المتحدة.ومع ذلك، فإن الرابط ليس واضحاً تماماً ولا يمكن قياسه من خلال نسبة محددة تربط بين عدد الوفيات وانخفاض عدد الولادات. كما أن ثمة اختلافات واسعة بين البلدان ومن المستحيل على سبيل المثال القول أن زيادة في معدل الوفيات ستؤدي مثلاً إلى انخفاض بنسبة 3% في معدل المواليد.

 

الناجون أيضاً ضحايا

 

إحدى الفرضيات التي طرحها الباحثون لتبرير انخفاض الولادات تناولت فكرة “الضحايا غير المباشرين” وهؤلاء هم الأفراد الناجون من الحدث سواء كان جائحة، إعصاراً أو زلزالاً إنما على الرغم من نجاتهم تضرروا منه؛ ربما فقدوا وظيفتهم أو منزلهم أو أحد أحبائهم أو ابتعدوا عن أهلهم ووطنهم وبيتهم. وبالتالي، أصيبوا بصدمة تختلف حدتها بين فرد وآخر، وهذا الجرح العميق سيحدد سلوكهم الحالي والمستقبلي، ولا سيما رغبتهم في الأطفال. ولكن يرى الباحثون انه وبشكل عام، يمكن ان تعود معدلات الولادة الى نسبها الطبيعية بعد 10 إلى 11 شهراً من انتهاء الوباء، مع وجود اختلافات كبيرة بين البلدان تبعاً لمدى خطورة الوضع فيها والألم الذي اصابها نتيجته.

 

بالنسبة لوباء كورونا فقد شهدت الصين وفقاً لصحيفة غلوبال تايمز، الصحيفة الدولية الرسمية في الصين، ازدياد عدد حالات الطلاق بشكل حاد بعد إجراءات الاحتواء في البلاد. أما بالنسبة لذروة المواليد، فتقول الصحيفة أنه لا يزال من السابق لأوانه مراقبة هذا الأمر رغم أنه مستبعد جداً نظراً لما عاشته البلاد من أهوال وموت ولا بد من الانتظار حتى شهر كانون الأول لاكتشاف “جيل الفيروس التاجي”.

 

استراحة للرجولة في الحجر المنزلي

 

هل ما يصح في بلدان العالم أجمع ينطبق على بلد العجائب لبنان؟ أم أننا تعايشنا مع الكوارث على أنواعها وحبلنا من أوضاعنا السياسية والمعيشية والاقتصادية فصرنا ننتظر ولادة وشيكة لم تعد تحتمل التأجيل ؟

 

أعباء كورونا ألقت بظلالها الثقيلة على كل الأسر اللبنانية، وإليها أضيف عبء الحالة الاقتصادية والمعيشية فما كان تأثير هذه التراكمات جميعها على تصرف الأزواج أثناء الحجر المنزلي؟

للاجابة عن هذا السؤال المحيّر سألنا د. ساندرين عطالله الطبيبة المختصة في علم الجنس علنا نعرف منها ما إذا كان اللبناني قد شدّ حيله أمام الكورونا ام ترك الرجولة لأوقات أفضل: ليس لدينا البعد الكافي للتأكد من الحالة التي أوجدها وباء كورونا بالنسبة للممارسات الزوجية ولا يمكننا التعميم في هذا الشأن؛ لكن إذا شئنا النظر بعين المنطق الى الأمور يمكننا القول أن الممارسات الحميمة لا شك ازدادت عند المتزوجين الجدد أوالأزواج الشباب أو الذين لا أولاد لديهم. فهؤلاء يستفيدون من بقائهم معاً في المنزل ويحوّلون أوقاتهم الى مناسبة للتمتع بحياة زوجية ناشطة ربما لم يكن يسمح بها الوقت سابقاً. أما عند العائلات التي يتواجد اولادها في البيت ويعمل الأهل فيها من المنزل وحيث الكل يعاني من الـ”سترس” والضغوطات فمن الطبيعي ان تكون الرغبة في الممارسة الجنسية قد تراجعت ولا سيما عند الأكبر سناً. والكل يعرف أن الرغبة ترتبط ارتباطاً وثيقاً بالحالة النفسية للأفراد فتزداد حين يكونون مرتاحين لا يشعرون بالتعب او الضغوط النفسية وتتراجع مع ازدياد الخوف والـ”سترس”.

 

رومنسية مؤجلة

 

نسأل الطبيبة المختصة هل يختلف الأمر ما بين الحجر المنزلي في زمن الكورونا و” قعدة” الملاجئ في زمن الحرب؟ “الوضع بين الحالتين مختلف كلياً” تجيبنا. “ففي الملاجئ كان الناس مزروبين، مقوقعين في زواياهم، خائفين من القذائف يواسون بعضهم بعضاً بشتى الطرق. اما الحجر المنزلي فهو ليس مجرد “زربة “بل ترافق مع انشغالات عدة من داخل البيت مثل العمل والدراسة، وباتت هذه الإنشغالات تستغرق الكثير من وقت أفراد العائلة وتحتم عليهم كمّاً اكبر من الضغوط لذا لم يعد التفكير متجهاً نحو الجنس او التقارب بين الشريكين وبكلام آخر “مش فاضيين يفكروا بالجنس” ولا سيما بوجود نقاط استفهام كثيرة تسبب لهم التوتر ليس أقلها مصير الكورونا ومدة الحجر وغيرها من اسئلة مؤرقة.

 

قبل الحجر كان الشريكان يعملان خارج المنزل ويتعرضان لكافة اشكال الـ”سترس” لكنهما كانا يجدان راحة في العودة الى المنزل تصحبها فرحة اللقاء بعد يوم عمل. كانت الأمسيات الرومنسية التي يقضيانها معاً خياراً لهما يسبقها تحضير لأجواء مؤاتية لعلاقة حميمة. في الحجر المنزلي صار اللقاء إجبارياً وغابت فكرة الإغواء عن المرأة كما الرجل، فلم يعد أي منهما يفكر بإغراء الآخر والقيام بما يلزم لجذبه.

 

ولكن ما يجب التأكيد عليه أنه لا يمكن التعميم في هذا الصدد، فالبعض قد يلجأ الى الممارسة الجنسية كفشة خلق تبعده عن الخوف والـ”سترس” والبعض الآخر قد يكبح الخوف عنده والضغط كل رغبة ويبعد عنه مجرد التفكير بها. كما أن مكان الحجر وظروفه تلعب دوراً في تخفيف الضغط أو زيادته على المحجورين؛ فمن يسكن في شقة ضيقة محصورة بالكاد يستطيع رؤية الخارج منها غير من يحجر نفسه في بيت ريفي مع حديقة وإمكانية التجول في الطبيعة بحيث يكون مسترخياً ومرتاحاً ومستعداً للاحتمالات الرومنسية؛ ومن تلقى المساعدة الكافية أثناء الحجر غير من تترتب عليها أعباء إضافية في هذه المرحلة الدقيقة وتمنعه من مجرد التفكير بالتقرب من الشريك. ولكن عموماً كل وضع يطول يصبح ضاغطاً ومزعجاً بالنسبة لمن يعيشونه.

 

إذا كان هذا الوصف يصح بالنسبة للمتزوجين الذين يعيشون تحت سقف واحد والذين اثبتت الملاحظات اليومية زيادة نسبة العنف المنزلي بينهم فما هو حال العاشقين المحجورين كل في منزله؟ لا بل ما هو حال العازبين في هذه “الزربة”؟

 

يبدو ان اللبناني بحسب ملاحظات د. ساندرين عطالله موسوس على صحته وقد أخذ موضوع الفيروس والعدوى بشكل جدي جداً فاختار الكثيرون من العشاق أن يضحوا برغباتهم لحساب صحتهم، وإن حدثت بعض الخروقات والزعبرة بين جيل الشباب. لقد استبدل السواد الأعظم من هؤلاء اللقاءات العينية بالجنس عن بعد إذا صحت التسمية فصارت المكالمات الجنسية والرسائل النصية ذات المضمون الجنسي تسد فراغات القبلة والغمرة والإثارة وما بعدها. وهذه الوسيلة في التواصل لا تخلو من الحرارة لا بل قد تكون اشد حرارة من العلاقات عن قرب.

 

من جهة أخرى لوحظ غياب تام للعلاقات العابرة أو ما يعرف باسم Casual Sex فالجميع، مستقيمون او مثليون، يتفادونها يخشونها ويسعون الى علاقات آمنة ليس بالمعنى الجنسي وحسب بل آمنة على صعيد الكورونا.

 

العازبون، وهم الحلقة الأضعف او ربما الأقوى في هذه الظروف، يلجأون بحسب الدراسات الى المحتوى الإباحي وتكثر عندهم في ظل الحجر ظاهرة مشاهدة الأفلام الإباحية التي تشكل لهم فشة خلق مناسبة وعملية وتملأ بعض الفراغ الذي يعيشونه.

 

بعد هذا يمكننا القول ان انعكاس كورونا داخل البيوت الآمنة كان ربما اشد وقعاً منه في الأماكن المزدحمة حيث العدوى قد تصيب الجسم والرئتين، فيما عدواه داخل البيوت اصابت القلوب والأعصاب ولم توفر جهازاً تناسلياً ولا إدراكياً او هضمياً. فهل اثر كورونا على الفحولة اصاب أهلها بالعجز او الوهن؟

 

تقول د. ساندرين إن العيادات الجنسية لم تشهد بعد أي أثر من هذا النوع للوباء أو على الأصح للحجر المنزلي الذي رافقه. وبحسب ملاحظاتها لم يتذمر أحد من عجز مستجد نتيجة الخوف من المرض. ولكن ما يمكن أن تجزم به أن الوضع الاقتصادي في لبنان وحالة عدم الاستقرار التي يعيشها اللبنانيون هي التي تؤثر على قدراتهم الجنسية وتتسبب لهم بمشاكل لا سيما بالنسبة للرجال. فالرجل الذي يشعر أنه المسؤول عن تأمين قوت عائلته يحسّ بطعنة في الصميم حين لا يتمكن من تأمين هذه اللقمة الأمر الذي ينعكس سلباً على كل نواحي شخصيته وعلى قدرته الجنسية بشكل كبير.

 

فانتبهوا ايها اللبنانيون إنهم لا يسرقون قوت يومكم فحسب بل يسرقون رجولتكم.

 

سرير المولود الجديد علينا!!!

يمكن ملاحظة التأثير الإيجابي على معدل المواليد خلال الأحداث التي يُنظر إليها على أنها «بدون مخاطر». هذا هو الحال بشكل خاص خلال الأعاصير والعواصف التي تضرب بانتظام ساحل أميركا الشمالية.

 

ولكن لكي تعمل هذه الظاهرة بشكل عام وتظهر طفرة صغيرة في المواليد، يجب ألا يترافق البقاء في المنزل مع قلق كبير، إذ كلما زاد القلق قل احتمال حدوثها.

 

بناء على هذه المعطيات قامت إحدى شركات المفروشات في ألمانيا بإعلان طريف للترويج لمبيعات الأسرة في الشركة وجاء فيه:

 

بعد يومين من إعصار ساندي في نيو جيرسي ازداد عدد الولادات بنسبة 35%، و بعد يوم من الصقيع في موينستار ارتفعت نسبة الولادات الى حدود 30%،

 

أما بعد ثلاثة أيام من انقطاع التيار الكهربائي في ماسدريال في هولندا فتمّ تسجيل ارتفاع في الولادات بلغت نسبته 44%.

 

من هنا دعت شركة المفروشات زبائنها الى التحسب لما سيكون بعد تسعة اشهر والنظر الى البعيد الآن وقد مضى على الحجر المنزلي أكثر من 30 يوماً ودعتهم الى الاستفادة من عروضها وحجز سريرهم الزوجي الجديد منذ اليوم وستقدم لهم معه هدية عبارة عن سرير للمولود الجديد!!!

 

خدعة الرجولة المفقودة

 

في مطلع أزمة الكورونا حين لم يلتزم الناس البقاء في منازلهم سرت كالنار في الهشيم عبر مواقع التواصل الاجتماعي شائعة أظهرت نفسها كواقع علمي يقول أن أحد اخطر تداعيات الكورونا على الناجين منه في الصين هو العجز الجنسي الذي اصيبوا به. وفيما كان القصد من هذا الكلام مجرد مزحة، إلا أنه بدا أكثر فاعلية من إرشادات الحكومة في حث الناس على التزام منازلهم. فبعد ان كان الجميع يظنون ان فيروس كوفيد -19 مجرد انفلونزا موسمية خالية من اي خطر حقيقي، جاءتهم هذه الشائعة لتلجم كل تحركاتهم وتجبرهم على الحفاظ على أعز ما يملكون في زمن عز فيه الرجال….