جابر: لإعادة النظر بإقفال حسابات المودعين.. و أسئلة لبطيش حول الورقة الاقتصادية
فيما يواصل العالم أجمع معركته ضد وباء «كورونا» بتفاوت في الإجراءات وفق القدرات المتوافرة بين بلد وآخر، يقف لبنان بإمكاناته المتواضعة وبإقتصاده المنهك متصدياً لهذا الوباء من خلال سلسلة تدابير أضحت معروفة في إطار قرار التعبئة العامة.
ربما تكون هذه الإجراءات هي أقصى ما يمكن أن تصل إليه الحكومة وفق ما ذكرت صحيفة «اندبندنت» البريطانية قبل يومين، وربما لا.. لكنها تأخذ في الحسبان ما يطرأ من جديد، وتعمل خلية الأزمة التي شكلت لهذه الغاية بشكل يومي لمتابعة آخر المستجدات، ولأنه لا يمكن تحديد موعد نهائي للحدّ من تفشي الوباء فقد تضطر الحكومة إما الى تمديد آخر للتعبئة أو تتجه الى منحى آخر، لا سيما في ضوء الاعتراض الناجم على الاقفال للمؤسسات والشركات التي تراجع عملها في الأساس منذ أزمة فقدان العملات الأجنبية.
وعن هذا الموضوع لا ترغب مصادر وزارية عبر صحيفة «اللواء» في جزم المنحى الذي سيسلكه هذا الملف، مشيرة الى ان هناك حاجة للانتظار منعاً لتعريض المواطنين لأي احتمال للإصابة، مؤكدة أن الحكومة لن تصم الآذان عما يطالب به الناس، لكن في الوقت نفسه لن تضع البلد في مهب الريح لجهة امكانية تفشي فيروس كورونا.
وتؤكد المصادر أن ثمة استعداداً لإصلاح أي خلل في الخطط التي وضعت وتوضع للمعالجة على الصعيد المعيشي مع العلم ان الوقت قد لا يكون في مصلحة احد.
لكن ما يسابق الحكومة، لا بل ما قد يغلبها، هو الواقع الاقتصادي الذي يزداد انهيارا ولم يكن ينقصه إلا تداعيات ازمة الوباء الكوني، وهي تداعيات تلاحق المواطن اللبناني من كل حدب وصوب سواء في ارتفاع الأسعار او حتى في أمنه الغدائي أو في استمرارية عمله.
جابر: أين وزارة الاقتصاد؟
ويقول رئيس لجنة الخارجية والمغتربين النائب ياسين جابر لـ«اللواء» إن «العمل النظري لا ينفع، فالصلاحيات التي يملكها وزير الإقتصاد والتجارة كبيرة بإمكانه ان يصادر حين تقع المخالفة جراء ارتفاع الأسعار أو أي أمر آخر»، ويضيف: «بإمكان المكتب الفني لوزارة الاقتصاد في حال كان لا يزال موجوداً أن يجري تحليلا للأسعار»، ويستذكر «حين كنت وزيرا للاقتصاد استعنت بضباط متقاعدين من أجل ضبط المخالفات والقانون الحالي جيد، وأستغرب اللجوء الى قانون جديد».
ويلفت جابر الى ان «كارثة كورونا غلبت العالم، وفي لبنان كانت التدابير في الملف الصحي جيدة وتمكن من التعاطي مع الموضوع بشكل جدي وربما افضل من كثير من دول العالم، لكننا نعيش في ظل وضع اقتصادي له انعكاساته الخطيرة، وأزمتنا لم تبدأ منذ كورونا بل منذ تشرين الأول من العام 2019»، ويضيف: «معظم دول العالم سارعت في اتخاذ تدابير التصدي للانعكاسات جراء الاقفال من كورونا فعمدت الى تخفيض الفوائد في المصارف لنسبة الصفر من أجل تخفيف الأعباء عن الشركات والمؤسسات. لكن ماذا فعل لبنان؟ ابقت المصارف على فوائد الـ14 بالمئة وتجرأت على ذلك وكل مصرف بدأ يتصرف كما يشاء».
ويشير جابر الى انه «لم يعد هناك من عملات اجنبية وكل ذلك سيدفع الى ظهور حالات افلاس وازدياد الديون المتعثرة».
وعن المساعدات التي اقرت في مجلس الوزراء للعائلات، يوضح جابر ان «الحكومة تأخرت في تقديم المساعدات»، مضيفاً: «منذ ثلاثة اسابيع وهم في حيرة في ما يمكن وضعه في السلة ومن ثم أتت فكرة توزيع المال وكانت الحيرة في موضوع الدفع النقدي الى ان حصل ما حصل».
المشكلة تكمن في ان الجوع لا ينتظر، هذا ما يؤكده جابر الذي أشاد بالقطاع الأهلي وبجهود الميسورين في عدد من المناطق الذي وعلى الرغم الوضع الصعب قدم المساعدات وكان ليقدم الكثير لولا مشكلة الدفع النقدي للبضائع، محذرا من تفاقم الوضع في الفترة المقبلة جراء خسارة الناس لوظائفها، متوقفا في هذا الشأن عند تعاميم حاكم مصرف لبنان رياض سلامة حول الزام المودعين الصغار بسحب اموالهم، ويقول: «إن اقفال الحسابات المصرفية خطأ وأدعو الى التراجع عن هذه الخطوة اذ قد يكون المودع ورث شيئا او حصل على اموال غير متوقعة»، مشيرا الى ان «المطلوب تغيير النموذج الاقتصادي والعودة الى الزراعة وتشجيع الصناعات التي يمكن ان تحل مكان تلك التي نستوردها».
ويشدد جابر على أهمية «الاقلاع عن فكرة انتظار الدعم الخارجي، لأنه ما لم نساعد انفسنا فإن ما من مقدور احد مساعدتنا»، ويسأل عما تم تقديمه في الاجتماع الأخير مع مجموعة الدعم الدولية لناحية تعيين الهيئات الناظمة او حتى في مجال الاصلاحات ووقف الهدر مع العلم ان ما تطالب به هذه المجموعة كان واضحا في اجتماعاتها الأخيرة في شهري كانون الأول والثاني الماضيين، ويدعو الحكومة الى اظهار استقلاليتها والقدرة على اتخاذ القرارات، مشيرا الى انه «من المهم الا تكون مثل الـback seat driver وما اقوله هو من باب النصح».
ويختم بالقول: «نريد حوارا، وازمة كورونا دفعت الى اقفال باب المجلس النيابي لأنه في الحوار يتم سماع مختلف الأراء».
بطيش: للابتعاد عن الزبائنية
من جهته، لا يرغب وزير الاقتصاد السابق منصور بطيش الدخول في تفاصيل الطروحات المقدمة. بالنسبة اليه، فقد حذّر داخل مجلس الوزراء السابق وخارجه من السياسات الاقتصادية، لاسيّما السياسات المالية والنقدية المعتمدة. قدم ورقة اصلاحية مفصلة اثناء مناقشة موازنة العام 2019 ولم يتم الاخذ بها. رفع الصوت في 4 نيسان 2019، طارحاً أسئلة مشروعة وتقنية تطال اداء مصرف لبنان وسياساته، فكادوا ان يؤبلسوه.
ومع ذلك، يعتبر بطيش ان الحكومة تحاول القيام بواجباتها في ظروف شديدة التعقيد. ولا بد من تضافر الجهود والعودة الى سُلّم سويّ للقيم والابتعاد عن الزبائنية ليصار الى تبنّي خطط يتعاون فيها الجميع لتجاوز هذه الازمات الاخطر في تاريخ لبنان.
ويلفت الى انه وفق ورقة الحكومة الأصلاحية، فإن مجمل الخسائر تتجاوز 150 مليار دولار منها 83 وضِعَت على عاتق المصارف التي تبلغ أموالها الخاصة 21 مليارا، وعِلماً بأنه من اصل الـ 83 مليارا هنالك خسائر بـ55 مليارا جرى تحويلها من اصل خسائر مصرف لبنان. وتساءل: مَن سيُغطّي فَرق الـ62 مليارا؟ وهذا يعني هيركات مُقنَّع، وكيف ستؤمَّن رسملَة القطاع ومن سيُشرف على اعادة هيكلته وادارته؟