IMLebanon

“كورونا” يُنقذ ماكرون من فيروس سياسيي لبنان… ما تداعيات التأجيل؟

 

تعتبر تجربة الرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون مع السياسيين اللبنانيين من أسوأ التجارب التي خاضها في حياته السياسية، وهو الذي كان يستعدّ لزيارة لبنان الأسبوع المقبل لكن “كورونا” باغته وفرض عليه دخول الحجر الصحي وبالتالي فان زيارته بيروت قد تأجلت.

 

ربما إذا سُئل الرئيس ماكرون أيهما تفضل: الإصابة بـ”كورونا” أو المجيء إلى لبنان لسماع أخبار حكامه حتى لو قرّرت عدم لقائهم؟ فسيكون الجواب حسب إحساس كثيرين إن “كورونا” أرحم من الحكّام الذين فتكوا بشعبهم أكثر من أي مرض آخر ولم يكونوا على قدر كلمتهم.

 

ولم يكن الرئيس الفرنسي يدرك أنه سيصل إلى حائط مسدود لحظة إطلاقه مبادرته اللبنانية الأخيرة، والتي كانت تقوم على الإصلاح وتحييد المشاكل الإقتصادية عن الخلافات السياسية. وبات معلوماً أن ماكرون لم يراهن كثيراً على زيارته المنتظرة لأنه وصل إلى درجة اليأس من الطبقة السياسية الحاكمة.

 

وفي السياق، فان كل دوائر القرار الداخلية كانت تنتظر ماذا ستكون نتائج زيارة ماكرون، على رغم معرفتهم أنه ستكون هناك “بهدلة” جديدة من الرئيس الفرنسي للسياسيين في حين ان هؤلاء لم يتأثروا سابقاً ولن يتأثروا حالياً.

 

وحتى لو لم تلغ الزيارة، لم يكن هناك أمل بولادة الحكومة وسط تمترس كل فريق وراء مطالبه وعدم رغبته بالتنازل، حتى إن الإتهامات تذهب أبعد من ذلك بكثير لأن الفريق الخصم لـ”حزب الله” يتهم “الحزب”، بأنه لن يقدم أو يسمح بأي خطوة حكومية قبل معرفة إتجاه السياسة الاميركية الجديدة مع تولي الرئيس جو بايدن الإدارة رسمياً في 20 كانون الثاني المقبل، ما يعني أن اكتشاف السياسة الجديدة يحتاج أشهراً إضافية.

 

لكن الأكيد أن الزيارة كانت ستعطي جرعة أمل ودعم للشعب اللبناني الذي يتوق إلى تغيير في مكان ما أو يشاهد حكّامه يتبهدلون ولو عبر أيادٍ خارجية، في حين أن الوضع الكارثي بات يتدهور بسرعة وبالتالي كان هناك بصيص أمل لدى الشعب في ان يحدث ماكرون خرقاً في مكان ما أو يساعد على تأليف حكومة جديدة.

 

أما وقد أُرجئت الزيارة بسبب إصابة ماكرون بـ”كورونا” فهذا يعني أن الحلول الحكومية لا تزال بعيدة المنال، وهذا التأثير الأكبر لتأجيل الزيارة وسط رهان البعض على تشكيلها قوة دفع إيجابية، ففرنسا هي التي تتابع الوضع اللبناني بحذافيره عكس الولايات المتحدة الأميركية المنشغلة بانتقال السلطة.

 

وهذه التطورات الخارجية تُبقي المأزق الحكومي كما هو لأن الدول الكبرى الأخرى هي دول مؤثرة في الواقع اللبناني وليست دولاً فاعلة وتملك حسّ المبادرة.

 

وأمام كل ما يحصل سيبقى الوضع اللبناني معلقاً، فالشق الإقتصادي الحالي من الزيارة حصل في باريس من خلال مؤتمر الدعم الإنساني للبنان، أما بالنسبة إلى الحلّ الأكبر فهو مشروط بالإصلاح وسط غياب أي إتفاق أو تحريك المفاوضات مع صندوق النقد الدولي لأن هناك موانع سياسية تمنع ذلك، كما أن لا إمكانية للقيام بمثل هكذا خطوة في ظل عدم وجود حكومة، وبالنسبة إلى مؤتمر “سيدر” فكان ماكرون سيكرر جملته الشهيرة أن لا أموال من دون إجراء إصلاحات جذرية في القطاعات التي تسبب الهدر العام، وبالتالي يبقى الأثر الاكبر في إلغاء الزيارة متعلقاً بمسألة تأليف الحكومة الجديدة وسط غياب الحسّ الوطني الداخلي والحاجة إلى قوة دفع خارجية دائماً.