Site icon IMLebanon

العلاج للأثرياء أما الفقراء فلَهم كمامة ودعاء وزهورات

 

“كورونا” يفتك مجدّداً والشاطر من ينجو منه

 

 

فرَط عقد الالتزام بالكمامة وتدابير “كورونا” الصحية، رغم أن اعداد الاصابات في المنطقة الى إرتفاع ملحوظ، وفاتورة الإستشفاء والدواء باتت خارج المستطاع، ومع ذلك تخلى الناس عن دِرهم وقايتهم الوحيد، بعدما خرج الفيروس عن سكة اهتماماتهم، وقد باتت تتمحور فقط حول لقمة العيش والدواء والطبابة والتدفئة. ثلاثي بات شغل الناس الشاغل هذه الأيام، رغم أن أقسام “كورونا” تمتلئ مجدداً والاصابات عادت لتشكل خطورة على الحياة برمتها، غير انها باتت خارج دائرة الاهتمام، بعدما زرعت الحكومة والسلطة الحاكمة ألغام الفقر والعوز في دروب الناس ممن باتوا يستيقظون على كابوس الغلاء وينامون على مخاوف رفع الأسعار.

 

بات في حكم المؤكد أن المدارس في النبطية ومنطقتها موبوءة، فأعداد الاصابات داخلها تنذر بالكارثة، فكل يوم هناك صف يقفل هنا، وصفّان هناك، فيما الاصابات تتزايد في صفوف الطلاب والمعلمين على حد سواء، ومع ذلك لم يستدع هذا الأمر فرض حالة طوارئ أو وضع خريطة طريق صحية للمعالجة، فكل مدرسة تتصرف بما تمليه عليها مسؤوليتها، أما الأهالي فيأكلون حصرم ارتفاع اسعار الدواء ويعجزون عن شراء دواء سعلة ورشح للاولاد، ما يعني أننا أمام بؤرة تدهور صحي لا مثيل له.

 

حالة التدهور الحاصلة لم تدفع البلديات لرفع الجهوزية الصحية، فالأخيرة تعيش صراعات جمة، تشل قدرتها التنموية والاجتماعية وأضيف الى عجزها الشح المالي في صناديقها ما يجعلها مشلولة وعاجزة حتى عن فرض خريطة طريق صحية وقائية. فالخلافات الداخلية في البلديات أدت الى تعطل معظمها وخروجها عن الخدمة، وترك الناس يتخبطون في مصيرهم سواء لجهة شح المياه أو الصراع مع أصحاب الاشتراكات أو “كورونا”.

 

أعداد الاصابات المرتفعة والعوارض القاسية فرضت على مستشفيات النبطية إعادة افتتاح اقسام “كورونا” بعد تراجع ملحوظ في الاشهر الماضية، غير أنها اليوم “مفولة” ما يعني العودة الى نقطة الصفر في الحرب الدائرة بين الوباء والناس. فلمن الغلبة هذه المرة، سيما وأن المعركة غير متكافئة؟ فعلاج “كورونا” مكلف و”ع الدولار” ومعه ايضاً الدواء والطعام فهل بمقدور الناس تحمل الفاتورة؟ بالتأكيد لا، يجزم معظم الاهالي ممن يرفضون العودة للكمامة على قاعدة “المسلِّم الله”.

 

غير أن مدير عام مستشفى نبيه بري الجامعي الدكتور حسن وزني دقّ ناقوس الخطر بعدما إمتلأ قسم “كورونا” مجدّداً ومع وجود حالة حرجة في صفوف المصابين، واطلق صافرة انذار للاهالي للتنبه من مخاطر الوباء، مؤكداً أن “كورونا سيبقى معنا، ويجب أن نتعايش معه، وقسم كورونا سيصبح جزءاً اساسياً من اركان المستشفى مثله مثل قسم الامراض السرطانية والقلب والحروق”.

 

لا يخفي وزني ان الوضع الصحي في خطر سيما بعد رفع الدعم عن الدواء، وهذا يفرض حتماً ارتفاعاً في فاتورة الاستشفاء، غير انه يؤكد “أن المستشفى يراعي ظروف الناس ويتحمل جزءاً من الاكلاف الطبية، غير ان الأزمة الكبرى تتمثل في المستلزمات الطبية التي يرتفع ثمنها وأحياناً لا تتوفر، كما أننا قد نكون أمام معضلة اضافية، وهي الأدوية التي ما زالت مؤمنة حتى الساعة، ولكن لا أحد يعلم ما الآتي”.

 

يبدو أن المستشفى الحكومي يواجه الازمة بثبات، حتى الساعة لا زال قادراً على تأمين الرواتب للطواقم الطبية والتمريضية وحتى باقي الاقسام، مع زيادة نصف راتب مكافأة على المعاش، لأن هذا الأمر يعتبره وزني اولوية واساسياً، لان المستشفى لا يستطيع الاستمرار بخدمة المرضى من دون الطواقم الطبية والتمريضية، فالمصل لا يعطى online والعملية لا تُجرى عبر تطبيق zoom بل بالحضور اليومي للمستشفى، ما يحتم تأمين البنزين للممرضين والمساعدة الاجتماعية حق لهم أكثر من أي موظف في القطاع العام الذي يحضر الى عمله يومين او ثلاثة أيام . وزني الذي جزم بأن الوضع الحالي للمستشفى ما زال تحت السيطرة، أكد أن التحدي الصحي في خضم الازمات المتتالية يحتم الحذر ويفرض اطلاق ناقوس الخطر، والذي يفترض من خلاله وضع خطط صحية طارئة، سيما مع عودتنا مجدداً لـ”كورونا” وتداعياته الخطيرة، وارتفاع أسعار الادوية، كل ذلك يفرض على الناس الحذر والعودة للوقاية الصحية قبل ان يفلت ملق الصحة ويصبح الندب على الاطلال لا يؤدي إلا للموت”.

 

اذاً، يبدو أننا دخلنا مجدداً في قلب اعصار “كورونا”، وهذه المرة المواجهة خطيرة، فالدواء بات للاثرياء والمستشفى كذلك، أما الفقراء من عامة الشعب فعليهم بثلاثة: الكمامة، الدعاء وشرب الزهورات وعدا ذلك “كورونا” بدأ يفتك والشاطر من ينجو منه، لانه هذه المرة اكثر فتكاً من السابق، فهل يتعظ الناس؟!