IMLebanon

فحوصات الـ«كورونا»: شركات التأمين تتهرّب!

 

في المبدأ، لا يتطلّب العلاج من مرض «كوفيد 19» الذي يتسبّب به فيروس كورونا المُستجد أي إجراءات استثنائية تنصّ عليها عادة بواليص التأمين. فإضافة إلى أن غالبية الحالات تتطلب علاجاً «بسيطاً» للعوارض التي ترافق المرض (السعال والحرارة) يمكن تلقّيه في المنزل (كثير من الحالات غير الحرجة يتم علاجها في المنازل وفق ما تنص عليه معايير منظمة الصحة العالمية)، لا تتضمّن مراحل الاستشفاء التي قد تخضع لها الحالات الأكثر حرجاً أي تدابير استثنائية أيضاً (علاج الالتهاب الرئوي الحاد ووصل المصاب على أجهزة التنفس وغيرها).

رغم ذلك، تتنصّل شركات التأمين، في ظلّ الأزمة الصحية الحساسة التي تعصف بالبلاد، من مسؤولياتها بحجة «ظروف الوباء الاستثنائية». وهي لا تزال، حتى الآن، ترفض «الاعتراف» بتغطية كلفة فحص الـpcr المخصص للكشف عن الفيروس، «وهو الإجراء الوحيد والأبرز الذي يفرضه الواقع الحالي وكلفته غير مرتفعة إذا ما تم الالتزام بتسعيرة وزارة الصحة»، وفق مصادر معنية بملف الضمان.
هذا التنصّل يأتي في وقت تزداد الحاجة يومياً إلى إجراء أكبر عدد من الفحوصات المخبرية وفق ما تتطلّبه مرحلة الترصد الوبائي، وفي ظلّ ضغط هائل على مُستشفى رفيق الحريري الحكومي بسبب الإقبال الكثيف عليه كونه الجهة الوحيدة التي تجري الفحص مجاناً، فيما لم تلتزم المُستشفيات الجامعية الخاصة بتسعيرة الوزارة (150 ألف ليرة) للحالات غير الجدّية (احتمال الإصابة بعيد نسبياً)، ولا بمجانية الفحص للحالات الجدّية. وقد أدى ذلك إلى رواج «تجارة» الفحص المخبري (راجع «الأخبار»، العدد السابق).
هذا الواقع يفترض وضع شركات التأمين أمام مسؤولياتها. علماً أن لبنان يضمّ أكبر عدد من شركات التأمين في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا. وقد بلغت أقساط التأمين المكتتبة لدى شركات التأمين اللبنانية نحو 1.7 مليار دولار عام 2017 (4.74% من مجموع الأقساط في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا). ووصلت أرباح هذه الشركات في العام نفسه إلى نحو 170 مليون دولار، أي 7.88% من إجمالي أرباح شركات التأمين في المنطقة! (https://al-akhbar.com/Finance_Markets/267966).
في اتصال مع «الأخبار»، اكتفت رئيسة لجنة مراقبة هيئات الضمان بالإنابة بالقول إن «كل الاقتراحات في هذا الصدد لا تزال قيد الدراسة»، فيما أحال ممثل شركات التأمين في المجلس الاقتصادي والاجتماعي التعليق إلى رئيس جمعية شركات التأمين إيلي طربيه الذي حاولت «الأخبار» التواصل معه، إلا أنه لم يردّ على الاتصالات المتكررة.
أما في ما يتعلق بالصندوق الوطني للضمان الاجتماعي، فقد كان المُدير العام للضمان الاجتماعي قد أصدر في 11 آذار الجاري مُذكّرة (رقم 632) «تتعلّق بالتشخيص المخبري لفيروس الكورونا»، حدّدت تعرفة الفحص المخبري بـ 150 ألف ليرة كحدّ أقصى. إلّا أن المادة الثانية من المُذكّرة حدّدت «ضوابط يتوجّب على طبيب الطوارئ في المُستشفيات والمراكز الطبية التقيّد بها لإجراء هذا الفحص على أن يُنظّم تقرير خطي بالحالة الطبية المحتمل إصابتها». وتشمل هذه «الضوابط»، وفق المُذكّرة، الحرارة المرتفعة، السعال الحاد، وجع رأس المؤلم والحاد وضيق التنفّس الحاد. وتم تحديد كل من مُستشفى رفيق الحريري الحكومي الجامعي، مُستشفى الجامعة الأميركية في بيروت، مُستشفى القديس جاورجيوس، مُستشفى رزق و«أي مُستشفى آخر متعاقد مع الصندوق» لإجراء الفحص.