قرار وزارة الصحة العامة، أخيراً، بفرض دفع كلفة فحوص الـpcr للوافدين عبر مطار بيروت الدولي عبر البطاقة الائتمانية والوثيقة الإلكترونية (EMD)، كان «تخريجة» لائقة لإنهاء «النصبة» التي قامت بها شركات الطيران بحق الجامعة اللبنانية. إذ كانت الشركات تستوفي من المسافر خمسين دولاراً «فريش» مقابل فحص الـpcr، وتحوّلها إلى الجامعة بـ«اللولار».
على مدى ستّة أشهرٍ متواصلة، حرمت شركات الطيران الجامعة اللبنانية من حقوقها، وامتنعت عن دفع البدلات التي استوفتها من المسافرين. علماً أن الاتفاق المبرم بين الوزارة والجامعة والمديرية العامة للطيران المدني يقضي بتحويل الأموال إلى شركتي الخدمات الأرضية «LAT» و»MEAG»، لتحوّلا بدورهما إلى حساب محتسب «اللبنانية» في مصرف لبنان بمعدل 45 دولاراً عن كل فحص، فيما تحوّل الدولارات الخمسة المتبقية إلى حساب وزارة الصحة.
في الفترة الأولى من الاتفاق، كان «ماشي الحال»، على ما تقول مصادر الجامعة، باعتبار أن شركات الطيران كانت تسمح للوافدين الدفع بموجب شيكات مصرفية بالدولار، وكانت الجامعة تتقاضى الشيك المصرفي من «المركزي» على أساس سعر منصة الـ3900. ولم يكن ذلك يشكّل عائقاً، إذ إن سعر المنصة لم يكن بعيداً جداً عن سعر صرف الدولار في السوق الموازية. إلا أن الأمور انقلبت منذ تموز الماضي، عندما ألزمت الشركات المسافرين دفع قيمة فحص الـpcr بالدولار حصراً، واستمرت في تحويل شيكات مصرفية بالدولار من حساباتها في المصارف إلى الجامعة اللبنانية. ورغم مطالبات الجامعة بتحصيل أتعابها «فريش»، كما تتقاضاه الشركات من الزبائن، لم تلق أي جواب. راسلت المدير العام للطيران المدني فادي الحسن تطالب بمستحقاتها، غير أن الجواب الذي أتى متأخراً «دافع فيه الحسن عن الشركات معتبراً أنه لا يحق للجامعة أن تتقاضى المبلغ فريش»، بحسب رئيس الجامعة بسام بدران. ألحق محامي الجامعة الكتاب الأول بثانٍ، إلا أن الردّ لم يأت بعد.
بعد أربعة أشهرٍ من المراجعاتٍ، قررت «اللبنانية» أن تخوض معركتها بالقانون مع شركات الطيران، ومن خلفها مديرية الطيران المدني، لتحصيل حقوقها التي تبلغ خمسين مليون دولار. ووصلت القضية قبل أيام إلى مكتب المدعي العام لدى ديوان المحاسبة القاضي فوزي خميس الذي باشر التحقيق مع المعنيين، فاستمع الى بدران الذي زوّده بالمراسلات والأوراق ونص الاتفاق، ووزير الصحة فراس أبيض والمدير العام للوزارة فادي سنان، وإلى الحسن الذي تشير معلومات إلى أنه «اعتبر أن العقد لم ينص على الدفع بالدولار حصراً»، وهو ما يشكّك به الديوان لناحية أن «العقد مش واضح إنو لازم يندفع لولار للجامعة اللبنانية، وإنما دولار أو ما يعادلها بالليرة بحسب سعر صرف السوق». لذلك، تشير المصادر إلى أن خميس «يتجه لاستدعاء الحسن مجدداً للاستماع إليه، وللمعنيين في شركات الخدمات الأرضية».
ستنتظر الجامعة اللبنانية أن ينهي خميس مهامه، إلا أن الدرب الذي ستسلكه بعد ذلك هو التوجه نحو رفع دعوى بحق الشركات بتهمة إساءة الأمانة، إذ تصرّفت الشركات بلا مسؤولية تجاه أموالٍ هي «أمانة لديها»، أو بتهمة الإثراء غير المشروع، مع تقاضيها 50 دولاراً من كل مسافر على مدى ستة أشهر، وغضّ النظر عن حق الجامعة فيها، وهذا أقرب إلى «السرقة الموصوفة والنصبة»، على ما يشير بدران، مؤكداً أن الجامعة «لن تتنازل عما هو حق لها»، والعملة التي تريدها في حساباتها «كما دفعها المسافرون»، أي بالدولار «الفريش».