Site icon IMLebanon

«أوقات كورونا العصيبة»

 

تتّجه الدول إلى العودة لحياتها الطبيعية بعدما أحسنت التعامل مع فيروس كورونا وتمكّنت من تطويعه، ما سمح لها أن تُقيم له ضوابط يُمكن من خلالها محاصرته لعدم فلتانه كما في المرحلة الأولى من انتشاره، وأيضاً التقاط الأنفاس لاستعادة العافية تدريجاً.

 

أين نحن من ذلك؟ الجواب جاء أمس، ولليوم الثاني على التوالي، على لسان رئيس مستشفى رفيق الحريري الجامعي فراس أبيض وهو، من أسف، يكشف حقيقةً مرّة فحواها أننا مُقبلون على «أيامٍ عصيبة»، فالطريقة الرائعة التي واجهنا بها الفيروس في مرحلة انتشاره الأولى سقطت بالعجز والجهل والمُكابرة.

 

المُكابرة لأن الكثيرين أصرّوا وما زالوا يصرّون على أن فيروس كوفيد-19 لا يُخيفهم. وهذا جيّد مبدأياً. ولكنهم رفضوا التدابير الاحترازية كما شاهدنا في مناسباتٍ عديدة. فكان أن تفشى بشكلٍ مروّع، وارتفعت نسبة الإصابات عندنا كثيراً، إلى أن شابهت مرحلة الإنفلاش الأولى في إيطاليا.

 

أما الجهل، فأكثر ما يتبدّى في ما نسمع من كلام البعض الذي ما زال، حتى اليوم، يُنكر وجود الفيروس أصلاً. وعندما تستوضح أصحاب هذا الرأي، تكتشف أن لهم أصدقاءً وأهلاً ورفاقاً أُصيبوا بالوباء، بل سقط منهم ضحايا.

 

أما العجز، فهو في السلطة التي اتّخذت تدابير كانت مطلوبةً بالتأكيد، فعجزت عن حُسن إدارة تطبيقها. والأمثلة عديدة في هذا المجال. ومن عجبٍ، أننا لم نتمكّن، حتى الآن، من توفير المناعة بتعميم اللقاح إلا لقلّةٍ ضئيلة من الناس.

 

وبالتالي لم يكن مجرّد مصادفة ارتفاع نسبة الإصابات والوفيّات صعوداً إلى أرقامٍ مؤلمة جداً. فقد عدنا إلى تسجيل نحو أربعة آلاف إصابة والوفيات تُراوح بين 54 و60 يومياً، في رقمٍ اعتبره فراس أبيض واضحاً جداً إذ قال: «حالات الإصابات بكورونا في ارتفاع (…) كما زاد عدد الحالات الحرجة، إنها أوقاتٌ عصيبة تنتظرنا».

 

هذا كلّه يُنذر بأننا ماضون إلى الأسوأ… وهذا ما يطرح أسئلة عن مدى إدراك المسؤولين خطورة هذا الوضع الصحي الدقيق المُتفاقم بما يتعذّر تقدير عواقبه وتداعياته.

 

هل ثمّة مجالٌ لتدارك الأسوأ؟ مبدئياً لا نشكّ في أن التعامل مع هذه الحال ممكن، فقط إذا أبعدنا السياسة والمحسوبيات وتركنا لوزير الصحة والمنصة ومستشفى الحريري والجهات الطبية والعلمية المعنيّة أن تتصرّف وفق المُقتضى. ولكن، من أسف، التجارب ليست مُشجّعة في التوصّل إلى المواءمة بين الشأنَين الصحي والاقتصادي بعيداً عن المصالح السياسية.

 

خليل الخوري