IMLebanon

القطاع التعليمي “يتيم”… لن تشمله أولوية “التلقيح” وإلى التمديد درّ

 

إقترب موعد وصول اللقاح الى لبنان للبدء بحملات التلقيح لقطاعات خطوط الدفاع الأمامية في مواجهة “كورونا”، باختزال العاملين في القطاع التربوي، ما يجعله يتيماً لا أمٌ ترعاه ولا أب يوجهه، خِلافاً للمعايير التي اعتمدت عالمياً باعتبار المدارس والعاملين فيها جنوداً في الصفّ الأول.

 

وأظهرت الإرتجالية في الشأن التربوي أن القرارات يتمّ إتّخاذها من دون رؤية تربوية مستقبلية واضحة، تعتمد على التقييم الاكاديمي للطلاب لتحدّد من خلاله “الممكن” في حدّه الادنى، و”الاستثناء” في حدّه الاقصى، لا أن تكون خبط عشواء، تؤسّس لجيل أمّي وفاشل.

 

فالمؤشّر أنه بعد مرور سنة على انتشار فيروس “كورونا” وتعدّد القرارات والإقفال والعودة عنه واليه، وما تكبّده اللبنانيون من خسائر، وبين التعليم عن بعد والتعليم المدمج بالحضور الجزئي، لم تجرِ حكومة حسان دياب تقييماً فعلياً لقراراتها المسبقة بشفافية، وبالتالي ضاع الطلاب والأهالي، والمدارس بين تفاصيل قرارات واستثناءات وأذونات فيما المدارس مقفلة، وبعضها مهدّد بالاقفال الكلي مع استمرار الاقفال لعدم التزام الاهالي بدفع المستحقّات، وبالتالي خسارة عشرات المعلمين وسائقي حافلات نقل الطلاب وأصحاب المحلات الصغيرة لوظائفهم. وتؤكّد المعطيات والممارسات التي رافقت انتشار الفيروس أنّ المدارس هي أقلّ المؤسسات التي تسبّبت بالإنتشار، واكثرها إلتزاماً بالإجراءات الوقائية والإحترازية ولديها القدرة على ضبط الأمور من خلال التعاون مع الأهالي.

 

وبحسب مصادر في وزارة التربية لـ”نداء الوطن” أنّ “الوزارة بصدد الإعلان عن تمديد العام الدراسي لمدّة شهر ونصف الشهر، عوضاً عن ايام الإقفال العام، وعن عطلة الأعياد الميلادية، لأنّ اقفال المدارس بدأ منذ منتصف شهر كانون الأول”. وأكدت المصادر أنّ “اللقاح لن يشمل جميع المعلمين، فقط معلمي القطاع الرسمي، وتلقّي اول جرعة للقاح لن تكون في المرحلة الاولى، انما في آذار، اما معلمو القطاع الخاص، مدارس وثانويات، فكان رأي رئيس الجمهورية، أنّ على القطاع الخاص ايجاد آلية تسمح لهم بإستيراد اللقاح أو شرائه من شركات تستقدمه ليتمّ تلقيح جميع الكوادر التعليمية، وأن لا يسمح لأي مدرسة بفتح ابوابها ما لم يتمّ تلقيح كافة أطقمها التعليمية”.

 

ويرى مدير إحدى المدارس الرسمية أنّ “الوضع التعليمي عن بعد يؤّسس لجيل فاشل غير قادر على الالتزام”، ويحمّل الحكومة مسؤولية ما آلت إليه الأمور لعدم مواكبتها للوضع التعليمي عن قرب”، ويعتبر أنّ اطلالة وزير التربية الأخيرة “أشبه بالبكاء على الاطلال، كان كلامه إنشائياً ولم يقدّم جديداً، كنّا ننتظر منه أن يعتبر جميع العاملين في القطاع التعليمي من الجنود في الصفوف الامامية الذين يستحقّون اللقاح، ليتسنّى لنا مواكبة العام الدراسي حضوراً مع التلاميذ وإنقاذ ما يمكن انقاذه، فيتمّ فتح المدارس بناء على تلقّي جميع مدرسيها وطلابها اللقاح”.

 

ويقول: “للاسف، لم يتمّ تقييم الوضع أكاديمياً، كما لم يتمّ التعامل مع الموضوع من حسّه الوطني، على قاعدة أنّ الطلاب هم مستقبل لبنان”، ليتابع بتأفّف: “كان حريّاً بوزير الصحّة أن يؤمن الـ pcr مجّاناً للمعلمين والمعلمات خصوصاً في المدارس الرسمية، لا أن يدفع المعلم ثمنه 150 ألف ليرة في وقت يدفع من جيبه ثمن فاتورة انترنت وهاتف ليوصل المعلومة الى الطلاب، في ظلّ غلاء فاحش موازاة مع رواتب أصبحت مجرد قروش على سعر صرف الدولار”.

 

الوضع الأكاديمي يحتاج تقييماً سريعاً

 

بدوره، يشدّد مدير مركز عمر المختار التربوي محمد نجم الدين على أنّ القطاع التربوي يعيش معاناة فعلية، واكثر إيلاماً في تأثرها وتأثيرها على كل الأسر في المجتمع، ويقول: “المفارقة المؤسفة هذا التجاهل التام لهذا القطاع في الخطط التي تتناول الفتح التدريجي، أو عدم شمول المعلمين وكل العاملين في القطاع التعليمي في اللقاحات في المراحل الأولى تسهيلاً لإعادة استئناف التدريس المدمج على الأقل”.

 

ويردف نجم الدين: “يكفي القطاع ما يعانيه من الأوضاع المادية الناجمة من الإقفال وعدم تمكّن الأهل تسديد ما يتوجّب عليهم”، ويعتبر أن عدم موافقة المجلس النيابي حتى الآن على صرف المساعدات للمدارس الخاصة يزيد العجز لديها وينعكس إرباكاً في تأمين الرواتب ومستلزمات التعليم عن بعد، علماً بأن الاساتذة والأهل والمدرسة يتحمّلون أعباء الإنترنت والهاتف والكهرباء وثمن المنصة التعليمية، ليبقى التعليم عن بعد منتظماً بالرغم من انقطاع الكهرباء وضعف شبكة الانترنت”. ويطالب الدولة “بإيلاء هذه المواضيع الأهمية القصوى بانتظار أن تزول الظروف التي فرضت هذا النوع من التعليم الذي لا يغني أبداً عن الدوام المدرسي من كافة النواحي التعليمية والتربوية والنفسية”.

 

اما مديرة مدرسة أفروس كوليج في البقاع الأوسط فريال الحشيمي، فاعتبرت أنّ “الاستمرار في هذا الوضع المأزوم يدفعنا الى إعادة النظر في استقبال الطلاب وفي إعداد الاساتذة والموظفين والإداريين الذين لم تعد المدرسة قادرة على استمرار التعاقد معهم، وقالت: “لا اعرف ما هي المعايير التي اعتمدتها الدولة لاتخاذ القرارات بالاقفال، كيف يفتحون المطار وفتحوا المطاعم والنوادي فترة الاعياد فيما المدارس مقفلة، علماً أنها اثبتت انها تلتزم بكافة الاجراءات الاحترازية والوقائية وكل معايير الوقاية من فيروس كورونا”.

 

وتابعت: “المدارس الخاصة ما زالت تعتمد الاقساط على سعر الصرف الـ 1515، ولم ترفعها، بالرغم من انها تأثّرت بشكل مباشر لأنّ الأهـــــالي اصبحوا يعتبرون التعلم عن بعد رفع عتب، ويجب أن يقابله تقلـــيل في الاقســـاط، وهذا الأمر خلق لنا مشكلة في عدم الإلتزام، وعدم قدرة الاهل في الدفع، ما انعكس على التزامــات المدارس بدفـــع رواتب المعلمين، عدا عن أن سائقي الحافلات يئنّون من الجوع كونهم لم يتقاضوا أجرة نقل طلاب لم ينقلوهم اساساً، بالتالي اصبحوا عاطلين عن العمل”.

 

وطالبت وزيري التربية والصحة بتأمين اللقاح للمعلمين والمعلمات في أسرع وقت ليتسنّى لهم فتح أبواب المدارس وانقاذ ما تبقّى من العام الدراسي.