IMLebanon

حمد حسن: مسبار الحلم

 

لم يكن ينقص إحتفالية السبت، عشية عيد الحب، سوى تقليد كابتن الطائرة الذي هبط بـ 28500 جرعة من لقاح فايزر – بايونتيك على أرض مطار رفيق الحريري الدولي، وسام الإستحقاق الفضي، بالتزامن مع إصدار فرمان رئاسي يقضي بالتعطيل ثلاثة أيام احتفالاً بالحدث التاريخي على أن يحظى اللقاح بكل بروتوكولات التكريم وقوفاً وقعوداً وبوضعية “المسطّح الملقّح” في قيلولة طويلة. كم كان ليكون المشهد أسطورياً بأن يجرّ جيب مفتوح شحنة فايزر الأولى المدولبة وإلى جانب سائق الجيب ينتصب حمد حسن مثل خوان بيرون، ويخترق الجيب ببطء شوارع العاصمة، فتقف الجماهير على الميلين مصفقة لقاهر كوفيد ـ 19 ومنقذ الشعب اللبناني من الهلاك المحتوم، فيرد حسن على محبة الجماهير بنظرات حالمة ذات معنى، وعلى المقعد الخلفي تقف وراء المنقذ وزيرتنا منال عبد الصمد وتلوّح بقطعة من حرير “هيدا لحلح طيارة؟ لأ هيدا شال”.

 

“ارتياح وسعادة عامرة لوصول لقاح فايزر ضد وباء كورونا الى بيروت، بعد سنة من ظهور أول إصابة بفيروس كورونا في لبنان”. قال وزير الصحة، تخيّلوا كم كان سيتضاعف منسوب السعادة والإرتياح في ما لو وصلت دفعة أولى من حليب نيدو المغذي لطفلك سيدتي؟ أو وصل مخاض الحكومة إلى مرحلة بانَ فيها رأس وزير الداخلية؟ أو قصد مواطن صيدلية الحي وفوجئ بالصيدلي يباغته، بعد الـ “مرحبا”، بقوله:”بيطلعلك تنين Sachets بانادول مش واحدة؟”.

 

في كانون الأول من العام الماضي حصل السودان على 8،4 ملايين جرعة لقاح، كدفعة أولى، وبالكاد طلِع حسّ دولة الرئيس عبد الله حمدوك، ونحن ثمانية وعشرون الفاً وخمسمائة جرعة فقط وفعلت بنا كل هذا؟ بثمانية ملايين جرعة يطير حسن من فرط السعادة مخترقاً الغلاف الجوي ليتحول مسباراً للحلم.

 

وفي نهاية الشهر المقبل ينجز الكيان الصهيوني تلقيح ثمانية ملايين إسرائيلي علماً أن قادته واقفون على إجر ونص منذ ثمانية عشر شهراً.

 

أما في بلاد الأرز والتبغ والتنباك، وبفضل السياسة الصحية الرشيدة، والسياسة الإجتماعية الواعية، والقيادة السهرانة على مصلحة المواطن وسعادته، فقد وصلنا، بعونه تعالى، إلى المرتبة الأولى عالمياً، لجهة عدد الإصابات بكوفيد 19 قياساً إلى عدد سكان لبنان، ومع ذلك تجد وزير الصحة اللبناني مغتبطاً بدفعة هزيلة من اللقاحات، إلى درجة تعتقد أنه الأب الشرعي للقاح فايزر، وإن لم يكن والده فهو أمه بالتأكيد.

 

ويسألونك عن السعادة.”دي محتاجة لسؤال؟”. فمن لديه مثل من لدينا، كيف لا يكون من أسعد السعداء في هذا السيرك العظيم؟