IMLebanon

تلقيح بالواسطة  

 

فضيحة التلقيح بالواسطة لبعض النوّاب اللبنانيين»Delivery» في مقر المجلس النيابي والتي رفع الصوت عالياً في وجهها الدكتور عبد الرحمن البزري إلى حدّ الاستقالة ليست فضيحة غريبة على المحسوبيات والوسائط وناس بسمنة وناس بزيت ومسخرة «بالدّور يا شباب» تؤكّد أنّ الفساد له تاريخ مأسسة في لبنان وأنّه يبدأ من فوق وأنّه على ما يقول المثل اللبناني «التّلم الأعوج من التور الكبير»!!

 

للمناسبة «كورونا» بعدو بأوّلو، واللّقاح مرحلة تجريبيّة نحن أمام لقاحات لا نعرف آثارها الجانبيّة بعد، وقد اعتاد اللبنانيّون أنّ الحال في لبنان لا يتغيّر وأنّه من سيء إلى أسوأ، ومع  هذا لا يغار اللبناني من النوّاب الأفاضل إن تلقّوا اللقاح قبله فهؤلاء النوّاب هم أنفسهم مواكبهم تحتاح الطرقات وتطلق النار على المواطنين، مثلما يُدرك اللبنانيّ أنّه مع هكذا مسؤولين يعيش باللطف الإلهي، عهود من الانتظار مرّت علينا وهذا ما ساعد اللبناني على الاستمرار، وحتى اليوم لم يفقد اللبناني قدرته على الانتظار هرباً من الإحساس بالخيبات والحسرات المتتالية بعدما فقد ثقته نهائيّاً بكلّ الوعود والسياسات وكلّ المؤسسات والهيئات الموكل لها حماية مصالح الشعب اللبناني، كورونا يتحكّم اليوم بالجميع حتى السياسة على سخافة مصارعاتها الغوغائيّة اليوميّة!

 

وحتى لا نكون في غيبوبة الرّكون إلى أنّ اللّقاح هو نقطة الوصول نشير إلى تصريحات بريطانية أشارت أنّ العالم يواجه نحو 4 آلاف سلالة من فيروس كورونا، الأمر الّذي أدى إلى سباق على تحسين اللّقاحات، إذ بدأ باحثون اختبار الجمع بين جرعتين، إحداهما من لقاح فايزر والأخرى من لقاح أسترازينيكا، وقد تمّ توثيق آلاف السلالات مع تحوّر الفيروس، ومنها السلالات التي يطلق عليها البريطانية والجنوب أفريقية والبرازيلية والتي تنتشر أسرع من غيرها، تقول النظريةُ العلمية مبنية على العمليةِ العالمية لتوزيع اللقاحات وسرعتِها. إن مناعةَ القطيع أو الجماعة تتحقق بتطعيم سبعين إلى خمسةٍ وثمانين في المئة من مجموع سكانِ العالم وعندها فقط يمكن الحديثُ عن عودةِ الحياةِ إلى طبيعتِها..

 

قد يكون السؤال الّذي يثير حفيظة اللبنانيّين ويتردّد على ألسنتهم أكثر من أي سؤال شغلهم طوال العقود الماضية من القرن العشرين هو:»هل ستأخذ اللّقاح»؟والحقيقة أنّه وإن أجاب اللبنانيّون على هذا السؤال بـ «نعم»، إلا أنّ هذه الـ «نعم» محمّلة بعشرات علامات الاستفهام، هذا عدا عن الإرتباك الصعب لأنّه بالأساس قائم على الإختيار الشخصي بين من يريد أخذ اللّقاح وبين من قرّر أن لا يأخذه، وللمناسبة قد لا يثير هكذا تفصيل أخذاً وردّاً في النّطاق الغربي حيث الأمر يشبه العمليّة الإنتخابيّة لا أحد يسأل الآخر من ستنتخب، فيما في ديارنا يسألون ويُكتّرون!!

 

بعد فضيحة الأمس عاد اكتئابٌ خفيّ يتحرّك ليعبث بنفوس اللبنانيّين، والضغط على النفوس كان قد بلغ مداه مع دخول وباء كورونا عامه الثاني والقلق الذي يزداد حدّة كلّما أُعلن عن عودة فتح تدريجيّة للبلاد مع مشهد أرتال السيارات للعائلات اللبنانيّة الذاهبة إلى الثّلج في أكبر عمليّة فلتان وعدم احتياط من التسبّب في تفشّي فيروس كورونا كأنّهم لا يتابعون أخبار الصحف ولا حكايات البلد عن كورونا الذي يختطف الرضّع والأطفال والشباب قبل الكبار!! وأخيراً هل تكون خارطة التلقيح في مواجهة كورونا عبثيّة وعالقة مثل خارطة تشكيل حكومة؟