جديد “مماطلة” وزارة الصحة في تسهيل استيراد الشركات الخاصة لقاح “كورونا” بهدف رفع نسبة التمييع في أقصر مدة زمنية ممكنة، ما نُشر من لائحة تُظهر 20 شركة أعطيت “إذن التفاوض” مع الشركات المصنّعة وليس “إذن الاستيراد” للقاح. والملفت أنها شركات صغيرة أخذت موافقات لكنها غير قادرة على تمويل الاستيراد وستحاول تأمين الأموال من نفس المؤسسات والمجموعات التي تريد اللقاح. لكن ها هي كلها تتنافس على شراء اللقاحات من المصادر نفسها والجهات نفسها، والوزير يعلم ذلك!
لا إصرار على التشويش بل على تصويب المسار، إذ إن الوقائع تقول إن لا شيء يمنع عرقلة المفاوضات، وضغط بعض الجهات على الشركات في الخارج للامتناع عن التفاوض الجدي أو البيع، ولن يُفاجأ أحد في حال حدث هكذا سيناريو “لا قدّر الله” وأُقفل الباب أمام القطاع الخاص بذريعة “المحاولة والفشل”.
على عكس ما يتم تداوله محلياً ووزارياً، لا تريد بعض الشركات العالمية أن يُنظر إليها على أنها تستفيد من الوباء، خاصة بعد تلقيها الكثير من التمويل الخارجي، فتعهدت شركة الأدوية الأميركية “جونسون أند جونسون”، وشركة “أسترازينيكا” البريطانية، التي تعمل مع شركة التكنولوجيا الحيوية في جامعة أكسفورد، ببيع اللقاح بسعر لا يغطي سوى تكاليفهما إذ يبدو أن AstraZeneca حالياً ستكون الأرخص بسعر 4 دولارات لكل جرعة. وهنا، بدل تعاون الوزارة مع القطاع الخاص في خلق آلية تمويلية تشاركية لا تدر الربح على الوزارة وتضبط هامش الربح عند الوكيل، نجد أن الوزارة أعطت إذن التفاوض فقط مع أسترازينيكا (الأرخص) لشركة “أومنيفارما” وتدرس إحتمالية إعطائها لـ”بنتا” بالتزامن مع تصريح الوزير المتناقض، بأن شركة “أسترازينيكا” كـ”موديرنا” و”فايزر” سترفض بيع القطاع الخاص. وفي الجهة المقابلة، أعطى الوزير إذن التفاوض لـ7 شركات على اللقاح الصيني “صينوفارم” والذي تبين أن فعاليته غير عالية بالرغم من غلاء ثمنه والذي يصل إلى أكثر من 60 دولاراً للجرعتين، ناهيك عما سيكلف ذلك من دعم من المصرف المركزي للمستوردين وما يمكن أن يصل سعره إلى السوق السوداء، إن لم تعمل الوزارة على آلية مراقبة واضحة وشفافة تماماً كما حدث مع أدوية بروتوكول “كورونا كريمديزيفير” و”ايفرميكتين”. أما السؤال الأكبر الذي يُطرح هنا، ما الذي سيدفع باللبنانيين إلى شراء اللقاح الذي لا تصل قدرة تأمينه للحماية بسعر مرتفع؟ وهل سيدعم مصرف لبنان استيراد اللقاح؟ وهل ستكون هناك آلية مراقبة؟ ولماذا لم يتم توجيه الشركات إلى التفاوض مع لقاحات أرخص كـ”أسترازينيكا” و”جونسون أند جونسون”؟
أضف إلى ما سبق أنه وبالرغم من رفع الصوت لا آلية واضحة حتى الساعة لإصدار شهادات تلقيح بعد اجراء فحص المناعة لاستخدامها في امور متعددة، مثل السفر والتنقل والذهاب الى أماكن العمل خلال فترات الحجر مستقبلاً… فكيف ستطبق آلية اصدار الشهادات مع اللقاحات المُستقدمة من الشركات الخاصة؟ وماذا لو تم بيعها عبر السوق السوداء؟
اللقاح موجود ولكن!
أما في جديد متابعة عمل المنصة الإلكترونية وتباين الأرقام بين التقارير الصادرة عن الوزارة وتلك الصادرة عن التفتيش المركزي، فقد استدرك فريق الوزارة أهمية نشر جداول أسبوعية لحملات التلقيح في المراكز مع تحديد كميات المخزون في الوزارة وعدد اللقاحات للمراكز، وما بقي في مخزونها مع العلم أنها وحتى الساعة لم تصل إلى الرقم المرجو من الوزارة أي 140 ألف لقاح، بل هي 101 ألف و300 لقاح فقط (28500 جرعة الأسبوع الأول، 31500 جرعة الأسبوع الثاني، 41300 جرعة الأسبوع الثالث)، في حين أن عدد الذين تسجلوا حتى الآن على المنصة، يبلغ بحسب الوزير سبعمئة وثلاثين ألفاً (730000)، من بينهم ثمانية وثمانون ألفاً وسبعمئة شخص (88700) يتجاوزون الخمسة والسبعين عاماً تسجلوا في الأيام الأخيرة، وبالمقارنة مع أعداد الذين حصلوا منهم على اللقاح والذي لا يصل إلى 35 ألفاً مع نهاية الأسبوع الثاني (تحديداً 34894 بحسب impact، حيث تمّ في الأسبوع الأول تحصين 13150 مسناً وفي الأسبوع الثاني تم تحصين 21616 مسناً فقط)، أي عملاً بهذه الأرقام الرسمية، هناك على الأقل 53 ألفاً و806 اشخاص مسنين مسجلون ويريدون اللقاح ولكن الوزارة لم تحدد لهم موعداً، ما يحسم أن وتيرة التحصين جد بطيئة وأنه يمكن أن يتعرض هؤلاء المسنون لخطر الموت، مع أن اللقاح متوفر على الأراضي اللبنانية وفي المستودعات التي حددتها الوزارة!! فلماذا كل هذا التأخير والبطء في حين أن الإعلام والعديد من المؤسسات عملت جاهدة لاقناعهم بالتسجيل وأن اللقاح مفيد، فضلاً عن أنه يمكن تلقيح الجميع خلال أسبوع واحد إذا ما تم توسيع دائرة المراكز وزادت المواعيد!