Site icon IMLebanon

من محاصصة المشاريع إلى محاصصة اللقاحات

 

كنّا نتساءل عن كيفية توزيع اللقاحات المدعومة من البنك الدولي، وإذا ما كان الذين أوصلونا إلى الأزمة الإقتصادية، والإجتماعية، والنقدية وحتى الصحية الكارثية الراهنة، هم ذاتهم الذين سيتولون أمانة ومسؤولية اللقاحات؟ وهل سيوزعونها لكل اللبنانيين على السواء، مثلما وعدوا بتأمين التيار الكهربائي 24 ساعة على 24؟ أو مثلما حاولوا إطفاء الحرائق بمعدّات من دون صيانة منذ سنوات؟

كنّا نتساءل أيضاً إذا كان المسؤولون سيُواجهون هذه الأزمة الصحية، وسيُقدّمون استراتيجيات بالطريقة نفسها مثلما عالجوا التدهور المالي والإقتصادي والإجتماعي، الذين تسببّوا به، ومثلما واجهوا انفجار 4 آب، أو مثلما دعموا العائلات المحدودة المداخيل؟

 

لقد شاهدنا برنامجاً تلفزيونياً، بل شاهدنا فيلماً سينمائياً لافتاً بحلول هذا الإنجاز العظيم، وقد احتل خبر وصول اللقاحات وبدء التلقيح الشاشات التلفزيونية في الأيام الثلاثة التي تلت هذا الوصول المرتقب. لكن، لم يستطيعوا أن يصمدوا ثلاثة أيام، قبل أن تسقط الأقنعة مجدداً، وتظهر حقيقتنا المرّة.

 

إن السياسيين بعد أن دمّروا البلاد بحرب أهلية ما بين بعضهم البعض خلال 15 عاماً، ومن ثم اتفقوا على أن تُوزّع الحصص في ما بينهم، وتقاسموا البلاد والمشاريع، ودمّروا الاقتصاد خلال 30 عاماً، وأخيراً ضربوا ضربات موجعة، كل القطاعات المنتجة المالية، والتجارية، والصناعية، والسياحية، والصحية، ها هم الآن يُتاجرون بمناعة اللبنانيين وحياتهم، من خلال المتاجرة بلقاحات المواطنين وصحتهم.

 

وبعدما خسر السياسيون ثقة شعبهم، وثقة المغتربين والمجتمع الدولي، حان الوقت كي يخسروا أيضاً ثقة جمهورهم، بعدما نصّبوا أنفسهم في الأولوية، تاركين شعبهم وحتى محبّيهم، يُواجهون مصيرهم المجهول.

 

يا للأسف، فبعدما أفسدوا وتقاسموا المساعدات الدولية، والإستثمارية والإنمائية، ها هم يتقاسمون المساعدات الإنسانية، والمعيشية، والصحية، بعدما أهدروا أموال المودعين، وأفسدوا المساعدات، كذلك ها هم يتقاسمون اللقاحات ليحموا صحتهم فقط، كي يرسّخوا أنفسهم في مقاعدهم، بعد ثلاثة أيام على إقامة الحملات الإعلامية، وأعادونا إلى كابوسهم الحقيقي، إذ كلّما وصلنا الى قعر الحضيض، يحفرون حتى ما دونه.

 

رسالتنا الأولى اليوم إلى المجتمع الدولي هي أن لبنان واللبنانيين والإقتصاد، رهينة لأقطاب السلطة والسياسيين والفساد.

 

الرسالة الثانية التي أعطاها رجال الحكم للبنانيين والعالم، هي أنهم لا يُريدون ويرفضون تماماً أي تدخلات أو مساعدات دولية إستثمارية، وإقتصادية وحتى إنسانية وصحية، ونحن نقول إنه لن تمر عبرهم أو عبر قنواتهم المظلمة، وهذا يعني تمهيد الطريق نحو عدم الذهاب والمفاوضة مع صندوق النقد الدولي أو حتى إعادة التدقيق الجنائي، لإنقاذ الاقتصاد والبلاد.

 

الرسالة الثالثة هي أننا نتخوّف من أن اللقاحات لن توزّع الى المحتاجين والمسنّين، لكن للسياسيين وحدهم، وحتى ثمة مخاطر، بأن تُصدّر هذه اللقاحات إلى خارج الأراضي اللبنانية.

 

الرسالة الرابعة هي أنه لن يُنجز تلقيح الشعب كاملاً، في حال لم يقم القطاع الخاص باستيراد اللقاحات المستقلة عن الدولة، ويقوم هو نفسه بتوزيعها وحتى بيعها للمواطنين، وإلا لن تحصل عملية تلقيح الشعب اللبناني من الآن وحتى السنوات الخمس المقبلة.

 

رسالتنا الأخيرة للبنك الدولي والمجتمع الدولي هي اننا نعتذر باسم شعبنا وبلادنا، من هذا الهجوم المبرمج والممنهج، والذي يواجهنا يومياً منذ عقود. نتمنّى أن يُتابعوا جهودهم تجاه الشعب، وألا يستسلموا للضغوط، وأن نُثابر سوياً بهذا النضال، حفاظاً على لبنان وشعبه الرهينة، الذي يتعذّب وينزف.