Site icon IMLebanon

اللُّقاح قبل فوات الأوان

 

منذ شباط العام 2020 ونحن نحذّر من وباء كورونا، ونطالب بالتعاطي بدقّة وصرامة وجديّة مع الوباء وإغلاق البلاد في وجه كورونا ولكن كان ما كان، حذّرنا من أن نلحق بالنّموذج الإيطالي وكدنا بعد فتح البلاد للسهر والكيْف والمطاعم والحفلات فيما الدّول التي هي مقصد سياح العالم أقفلت أبوابها فيما نحن شرّعناها حتى انهار الوضع الصحّي في البلاد، أخيراً أشفقت الدولة على مواطنيها وأعلنت الطوارىء العامّة الصحيّة بعد تأخّر بلغ أشهر عشرة منذ ربيع العام الماضي، ومع هذا ما تزال هذه الدولة متخلّفة إلى أبعد الحدود عن إنقاذ أرواح مواطنيها فعلى ماذا تعوّل بعد وبأي عين وحجّة تخترعها بعد للضحك على المواطنين؟!

 

بالأمس وبوقاحة شديدة ألقى رئيس حكومة تصريف الأعمال الذي نسينا أنّه موجود حتى التهمة على الشعب اللبناني وحمّل اللبنانيين مسؤوليّة تراخي حضرته عن القيام بتصريف الأعمال في لحظة يضرب فيها لبنان وباء يفوق حرباً دامية تخوضها البلاد والعباد، لم تستحِ حكومة تصريف الأعمال من تحميل المواطن اللبنانيّة مسؤولية موته وانتظاره في باركينغ المستشفيات علّه يجد سريراً لأبٍ أم أمّ أو ابنٍ أو طفل، فيما نفس الحكومة العظيمة تركت البلاد تسيب خلال فترة الأعياد، وتلقي حكومة تصريف الأعمال خلف ظهرها موضوع لقاح كورونا، ألم يحن الوقت بعد للإفراح عن أرواح اللبنانيين والتعجيل في إنقاذهم من هذا الوباء؟!

 

في 28 كانون الأول نهاية العام 2020 توقّفنا أمام تحذير رئيس لجنة الصحة النيابية الدكتور عاصم عراجي «أنّ الشهريْن المقبليْن سيكونان صعبيْن جداً، وعلى المواطنين أن يدركوا صعوبة الأمر»، حسناً لقد أدرك اللبنانيّون صعوبة الأمر، رأوا بأم العين ما آل إليه تهوّرهم ولا مبالاة  دولتهم، الآن وبدلاً من أن يكون الحديث انتهى عن كورونا وبدأ عن أعداد الذين تلقّوا اللّقاح ككل بلاد الله، ما يزال موضوع لقاح فايزر بيونتك موضع أخذ وردّ و»تفلسف» وإلقاء حجّة واهية في وجوه اللبنانيين بأنّ الشركة المصنّعة تطالب ببراءة ذمّة من أي مضاعفات قد يتسبّب بها اللقاح، وهذا أمرٌ عادي وبسيط وكل شركات الأدوية تذكر في نشرات أدويتها العوارض الجانبية وعن عدم التليغ حتى الآن عن عوارض أخرى، مئات الأدوية استخدمت لعشرات السنين ثمّ تبيّن أن لها آثار جانبيّة خطيرة فتم سحبها من الأسواق، ولكن نحن في مواجهة وباء لذا «التفلسف» غير فلا أحد يخاف على روح المواطن أكثر من المواطن نفسه، «صرّفونا» نريد لقاحاً خلال أيام قليلة يكون حاضراً بين يدي القطاعيْن العام والخاص، ليس هناك لقاح دولة بعينها أي لقاح فايزر بيونتك موديرنا سينوفارم سبوتنيك أسترا زينيكا، المهمّ إنقاذ الأرواح، وإن كان فايزربيونتك الأفضل بعد تلقّي الملايين من سكان الكرة الأرضية لهذا اللقاح حتى وإن لم يعجب الخامنئي ودويلة حزب الله لا تنتظر قرار الدولة اللبنانيّة فباستطاعتها استيراد لقاح إيران وتطعيم كل اللبنانيين من ذوي الدم الإيراني الهوى، فعلام كلّ هذا التأخير الذي بدأت الشكوك تحوم حوله وتكاد الأصوات تهمس بأحاديث الصفقات التي يخضع لها كلّ شيء في لبنان!!

 

من المؤسف أنّ ما شاهدناه بالأمس من طوابير وحشود في السوبر ماركات والأفران والأسواق الشعبيّة في هجمة شرسة على التموين لأن حالة الطوارىء ستمتد عشرة أيام قابلة لتمديدها له معنىً واحداً فقط أرقام الإصابات ستزداد ارتفاعاً بشعاً ، لا يوجد من ينظّم الأمور في هذا البلد ولا تستطع أن تطلب من شعب مذعور أن يضرب عرض الحائط بكل توصيات الاحتياط لأنّه يؤمّن احتياجاته ما يلزم منعا وما لا يلزم، المطلوب الإلتزام بحرفيّة معنى الإلتزام، سيكرر مشهد ما حصدناه اليوم بعد ازدحام سهرات الأعياد وسيتسبب من جديد بارتفاع مخيف في أرقام الإصابات!

 

ميرڤت السيوفي