لبنان بحاجة إلى ما بين 185 و200 مليون دولار للحدّ سريعاً من انتشار كورونا
في الوقت الذي تنصبّ فيه جهود مختلف الدول على شراء اللقاحات لفيروس كورونا، والتسابق في ما بينها على تلقيح أكبر عدد ممكن من مواطنيها بأقل فترة ممكنة، ما زال لبنان خارج السباق العالمي. والأخطر انه يركض بعكس الاتجاه الصحيح، ما قد يفوّت علينا فرصة التعافي السريع صحياً واقتصادياً.
انعكاسات الفيروس على الصحة واحدة أينما كان، لكنها تختلف على الاقتصاديات. بعض الدول استطاعت تحمل الصدمة وتخصيص مليارات الدولارات لمواجهة مضاعفاتها، في حين “تكرسحت” دول أخرى، وعجزت حتى عن تأمين سعر اللقاح. لبنان مع الأسف يقع في الخانة الثانية، مع العلم ان حاجته للقاحات أكبر من أي بلد آخر في العالم. ذلك ليس لانه احتل المرتبة الأولى في عدد الإصابات بالقارنة مع عدد السكان فحسب، إنما لعجزه الفاضح في التعويض عن الأفراد والمؤسسات والقطاعات عن كل يوم إقفال يتطلبه الحد من انتشار الفيروس.
أسعار اللقاحات
التواصل الرسمي مع شركة تصنيع اللقاحات “فايزر”، ومواكبة متطلبات استيراد اللقاح نيابياً من خلال إقرار مشروع يرفع المسؤولية عن الشركة المصنعة… تمّا بنجاح. يبقى تأمين سعر اللقاحات وإيجاد البنية التحتية المناسبة لتخزينها، خصوصاً انها تتطلب الحفظ في درجة حرارة أقل من (-70) درجة مئوية. فكم يبلغ سعر اللقاح واصلاً إلى لبنان؟
تشير المعلومات الى ان لقاح شركة “فايزر” يكلف 20 دولاراً للجرعة الواحدة، وبما انه يجب أخذه على جرعتين فان كلفته على الشخص الواحد تبلغ 40 دولاراً. في حين يكلف لقاح شركة موديرنا 37 دولاراً للشخص الواحد. ويكلف لقاح “سينوفارم” الصيني نحو 200 يوان للشخص الواحد أو ما يعادل 31 دولاراً أميركياً. وفي الوقت الذي تبلغ فيه كلفة لقاح “استرازينكا – أكسفورد” في أرضه حوالى 2.5 دولار، فان قيمته واصلاً إلى لبنان تتراوح بين 30 و40 دولاراً أميركياً للشخص الواحد.
الكلفة الكبيرة نسبياً للقاحات تبدو باهظة، ولكن إن جرت مقارنتها مع ما تكلفه فحوصات الـ pcr يصبح الرقم مقبولاً. فاللقاح الصيني على سبيل المثال يكلف 31 دولاراً، أو ما يعني 236 الف ليرة بحسب سعر السوق، في حين ان كلفة فحص كورونا كانت حتى الامس القريب تكلف 150 الف ليرة قبل ان تخفّض بقرار من وزارة الصحة حديثاً الى 100 ألف ليرة، وهي ترتفع إلى حدود 200 الف ليرة في حال تم اجراؤها من قبل المختبرات الخاصة في المنازل. وعليه فان العديد من الأفراد باستطاعتهم تلقي جرعات اللقاحات على حسابهم في حال التوصل إلى اتفاق استيرادها عبر الشركات الخاصة، قبل ان تتوصل الدولة إلى اتفاقية الاستيراد والبدء بالتوزيع. وبشكل عام فان اعتبار كلفة اللقاح الواحد بحدود 37 دولاراً تعني ان لبنان بحاجة ما بين 185 و 200 مليون دولار لتلقيح كل سكانه، في حين ان كلفة تغطية نصف عدد السكان تتراوح بين 90 و100 مليون دولار. وهذا رقم ليس من الصعب تأمينه إذ انه يشكل 1/5 من كلفة الدعم الشهرية التي تدفع من أموال المودعين في مصرف لبنان.
منع التهريب
بعد تأمين الحلول القانونية والادارية والمحاسبية… من المهم جداً بحسب متابعين لهذا الملف ان تُفصل المساعدات المادية التي يتلقاها لبنان من أجل شراء اللقاحات عن المبالغ التي يدفعها، هذا أولاً. أما ثانياً فمن المهم جداً ان تكون هناك مراقبة مشددة في حال دعم شراء اللقاحات لكي لا يجري تهريبها الى سوريا، بحيث تستفيد الجهة المستوردة سواء كانت رسمية او خاصة من فرق سعر قد يصل إلى أكثر من 200 الف ليرة لبنانية باللقاح الواحد.
كلفة اللقاحات التي ظهرت بسيطة بعد مقارنتها محاسبياً بكلفة فحوصات الـ pcr وما يدفع شهرياً على دعم السلع والمواد الغذائية، تبدو معدومة الكلفة كلياً في حال جرت مقارنتها مع كلفة الاقفال العام واستمرار الفيروس. فبحسب الارقام الصادرة عن القطاعات الانتاجية والخدماتية فان الخسائر اليومية ترتفع إلى عشرات ملايين الدولارات جراء الاقفال. فالقطاع التجاري يخسر يومياً حوالى 10 ملايين دولار، في حين تفوق الخسائر في القطاع السياحي 15 مليون دولار يومياً. هذا فضلاً عن الخسائر التي سيرتبها تخفيض حركة السفر عبر المطار وانعكاسها على قدوم المغتربين، وبالتالي على المزيد من فقدان الدولار وارتفاع قيمته أكثر مقابل الليرة.