“نداء الوطن” تتواصل مع أحد المحتجزين في “ووهان” الصينية:
تحوّل فيروس “كورونا” إلى أكثر العناوين إخافة في العالم، بعد استحواذه انتباه كل السفارات العالمية في الصين عدا السفارة اللبنانية التي لم تتحرك للتواصل مع أفراد جاليتنا ودعمهم، إلا بعد صرخة لومٍ أطلقها الطالب اللبناني أدهم السيد الذي يدرس في إحدى جامعات الصين منذ خمسة أعوام،عبر فيسبوك، لام فيها السلطات اللبنانية المعنية على عدم الإكتراث بالقاطنين الأربعة في مقاطعة ووهان، والتي أغلقت قسراً واحتُجزوا فيها مع اعلان حال طوارئ في محيطهم وفرض حجر صحي عليهم حتى إشعار آخر!
ثلاثة شبان لبنانيون وصبية محتجزون اليوم في اماكن سكنهم بعد انتشار الفيروس القاتل في المدينة التي هاجروا إليها من لبنان بهدف الدراسة الجامعية، فتحولت ووهان من مدينة يبلغ عدد سكانها 11 مليون نسمة في وسط الصين، يعتبرونها مدينتهم منذ سنوات الدراسة الاولى، إلى مركز تفشي الفيروس وواحدة من أكثر من عشر مدن مقفلة تحت مراقبة شديدة حيث تكافح الحكومة الصينية لاحتواء الفيروس. هذا وقد، أُغلقت فيها أغلب المحال التجارية الصغيرة التي تبيع مواد غذائية قبل فرض الحجر الصحي بسبب عطلة الربيع أو ما يسمى بعطلة رأس السنة الصينية.
كان وزير الصحة اللبناني حمد حسن قد أعلن منذ أيام عن “عدم وجود معلومات تفيد بإصابات لبنانيين بفيروس كورونا على الأراضي الصينية” عند تفقده الحجر الصحي في مطار رفيق الحريري الدولي، والذي وُضع كإجراء وقائي للحؤول دون عبور أي إصابة من دون تنبه وعلاج، من دون اعطاء أي تفاصيلٍ محددة عن أعداد المغتربين اللبنانيين المتواجدين تحت الحجر الصحي في مدينة ووهان الصينية، معقل الفيروس المرعب.
سفارة لا تعرف أين مواطنوها
لم تكن سفيرة لبنان لدى بكين ميليا جبور على علم بأعداد وأسماء وهويات اللبنانيين الموجودين في ووهان، بحسب تبريرها عندما تواصلت مع الطلاب الأربعة، الأمر الذي يظهر استهتاراً مؤسفاً تم استدراكه بعدما كتب أدهم عبر فيسبوك معاتباً كيف تواصلت السفارة الصينية في لبنان معه أكثر من مرة في ظل غياب تام لسفيرتنا اللبنانية في الصين، أو أقلّه إرسال رسالة الكترونية لهم عبر الإيميل، مُرفقاً ملامته برسالة من سفارة المملكة المغربية وصلت إلى زميله من بلاده. وبعد تداول الناشطين كلام أدهم عبر مواقع التواصل الإجتماعي، قامت السفارة بواجب الإطمئنان اليهم، وتم وضع آلية للمتابعة معهم في ظل الأوضاع الطارئة.
وضع المواطنين في ووهان
وعمّا إذا كان لديهم القدرة على الإستمرار لمدة زمنية أطول قال السيّد الذي يتخصص في “الإقتصاد الكمّي”، لـ “نداء الوطن”:”نحن اليوم على تواصل دائم مع السفارة اللبنانية عبر القنصل الذي بات يكلمنا بشكل يومي، وعن نفسي كطالب يسكن في الجامعة التي يدرس فيها، لدي كل شيء من سوبر ماركت إلى المطعم الطلابي إلى أسواق داخل الحرم التي أعيد فتحها على رغم عطلة الربيع وأن كل ما يحتاجه متوفر رغم أنه يفضل عدم الخروج إلا عند الضرورة القصوى” وأكمل “تكمن الخطورة في انتشار الفيروس بشكل سريع ولكن حتى الآن امورنا مستقرة جميعاً ونقوم بتحديث صحي يومي عن أنفسنا ضمن السكن الطلابي، فيقيسون حرارتنا ويتابعون الجميع خوفاً من ظهور أية عوارض للمرض علينا، كما أنه قد طُلب منا املاء استمارة معلومات كاملة عنا جاء فيها سؤال عما إذا كنا قد زرنا منطقة هانكوك وغيرها من المناطق حيث اكتُشفت الحالات الأولى للمرض والتي يظن أنها تفشت من سوق لبيع الأسماك فيه مطعم يبيع لحوماً لحيوانات غريبة وممنوع بيعها قانوناً”.
وأضاف “وزعت علينا لائحة باجراءات الوقاية وكمامة منذ اليوم الأول، وطلب منا عزل أنفسنا عن الخارج قدر الإمكان وغسل أيدينا باستمرار والإكثار من شرب السوائل الساخنة والإستحمام الدوري بالماء الساخن أيضاً” كما لاحظ أن معظم الضحايا التي تنشر أسماؤهم على مواقع الأخبار حتى الآن هم أشخاص كبار في السن وقال “ليس بين الوفيات أي شخص عمره تحت الأربعين عاماً، الأمر الذي يدعونا للإطمئنان قليلاً”.
أبناؤنا تحت رحمة الآخرين
تتناقل أخبار إجلاء السفارات لرعاياهم بينهم وبين تلاميذ الجامعة الأجانب، وأخبرنا أدهم عن حديث عن إخلاء قريب للفرنسيين وأن ملك الأردن سيرسل طائرة لإجلاء الأردنيين ومنهم زملاؤه الطلاب حيث سيواجه كل من يصل إلى المطار فحوصات صحية قبل الصعود إلى الطائرة. وكانت إنكلترا واليابان وكوريا الجنوبية من بين الدول الأخرى التي تنظم أو تفكر في رحلات الإجلاء لمواطنيها.
تم اجلاء موظفي القنصلية الاميركية وغيرهم من الاميركيين في ووهان الى كاليفورنيا امس الاربعاء، حيث أن الصين لن تمنع أي دولة من إجلاء رعاياها، شرط مراقبتهم صحياً تحت إشراف وحجر وقائي إجباري مدة حضانة الفيروس، أي 14 يوماً عند الوصول. علماً أن من يحمل الفيروس يمكنه أن يبدو طبيعياً ولا يعاني من أية عوارض لمدة أسبوعين، ولن يسمح لأي شخص يبدو عليه عوارض المرض من الصعود على متن الطائرة، وسيتم فحصهم بعد ذلك “عدة مرات” أثناء اي رحلة اجلاء خارجة من منطقة ووهان. أما السفارة اللبنانية، فلن تتكلف مادياً وتحجز طائرة خاصة للمواطنين الأربعة، لقلة عددهم!
مع ارتفاع عدد القتلى، سُئل المواطنون الأربعة المعرّضون لخطر الإصابة بأكثر فيروس مميت حالياً على وجه الأرض، عما إذا كانوا يريدون مغادرة المدينة الخاضعة للحجر الصحي الإجباري والعودة إلى ربوع الوطن أم لا. ليأتي الجواب بعدها، رغم القلق العالمي، ان وزارة الخارجية اللبنانية، بصدد انتظار إجلاء إحدى الدول العربية لرعاياها، كالأردن أو مصر أو الإمارات العربية المتحدة، بما أن جالياتها أكثر، كي يتواصل معها الوزير الجديد، للتنسيق مع البلد العربي ذاك، وتسفير من يريد من الأربعة العودة إلى لبنان ضمن رحلة جلاء تلك الدول لمواطنيها، حيث أن “عددهم أكثر من أربعة” في ربط غريب بين مصير أبنائنا ورأفة الأشقاء العرب بهم.
حذر مسؤولو الصحة العامة في الولايات المتحدة والصين الناس من توقع المزيد من الإصابات حيث أنه يمكن أن ينتقل المرض من قبل أشخاص لا تظهر عليهم أي أعراض ولكن السلطات اللبنانية لا تجد في ذلك ناقوساً للخطر يدعوها لاستئجار طائرة وتترك ابناءنا تحت رحمة التنسيق الدولي مع دول عربية أخرى لانتشالهم من سجنهم الصحي.
لا لقاح حتى الآن
هذا واصدرت مصلحة الطب الوقائي، في وزارة الصحة العامة اللبنانية، بيانا تضمن تحذيراً يوصي المسافرين اللبنانيين فيه بتجنب السفر غير الضروري إلى المناطق الموبوءة، وتم تصنيف بقية الصين على المستوى اثنين، والذي يوصي “بممارسة الاحتياطات المعززة والوقائية”.
لا يوجد لقاح حتى الآن على الرغم من تدافع صانعي الأدوية لاختراع عقار شافٍ، بعد أن تسبب مرض الفيروس التاجي الجديد في إصابة أكثر من 4500 شخص في جميع أنحاء الصين ووفاة 106 اشخاص. كما قالت لجنة الصحة الوطنية الصينية إنه تم الإبلاغ عن أكثر من 1700 حالة و 26 حالة وفاة يوم الثلاثاء الماضي وحده، بما في ذلك أول حالة وفاة في بكين. كما تم تأكيد أكثر من 70 حالة خارج الصين، بما في ذلك خمس حالات في الولايات المتحدة.
كما أعلنت مؤسسة Bill & Melinda Gates Foundation الأميركية أنها ستخصص مبلغاً وقدره عشرة ملايين دولار من أموال الطوارئ و”الدعم الفني” لمساعدة المستجيبين الأوائل في الصين وأفريقيا في تسريع جهودهم لاحتواء الانتشار العالمي. وقالت المؤسسة إنها تعمل بالفعل مع شركاء من القطاعين العام والخاص في الصين لتسريع التعاون الوطني والدولي في الجهود المبذولة لتحديد وتأكيد الحالات، وعزل المرضى ورعايتهم بأمان، وتسريع عملية تطوير العلاجات واللقاحات.