نتحمّل نحن اللبنانيين والدولة المسؤولية عن الواقع الكارثة الذي وصلنا إليه في جائحة “كورونا”، فلا المواطنون مسؤولون ولا الدولة، والنتيجة أنّ حياة آلاف البشر مهدّدة في ظلّ عدم قدرة المستشفيات على الاستيعاب وعدم وجود أي أفق واضح من أجل وصول اللقاح إلى لبنان.
المواطن مسؤول، لأنّه استخفّ بهذا الفيروس، ولأنّه اعتبر أنّ اللجوء إلى الكمّامة أمر لا يجوز. المواطن مسؤول، لأنّه أصرّ على أن يتواجد في أماكن لا تباعد اجتماعياً فيها ولا تطبّق إداراتها معايير السلامة، لأنّها تريد استغلال الظرف لجني أكبر نسبة من الأرباح، ولا سيّما في المطاعم والمقاهي والملاهي الليلية، في اعتبار أنّ أصحابها كانوا يدركون أنّ فترة السماح لهم بالعمل ستكون محدودة، فأرادوا استغلالها حتى آخر دقيقة وحتّى آخر سنتمتر، غير عابئين بما سيترتّب على ذلك من كوارث.
الدولة مسؤولة، لأنّها لم تكن حازمة في تطبيق أي إقفال أو أيّ إجراء، بدءاً من ضرورة وضع الكمّامة، فهذا الأمر يجب أن يكون إلزامياً في الشارع وفي كلّ الأماكن الخاصة والعامة، والمخالف يجب أن يعاقب بغرامة مالية مرتفعة.
الدولة مسؤولة، لأنّها لم تفرض إجراءات وتدابير التباعد في المطاعم والمقاهي والملاهي، ولأنّها سمحت بالوساطات والتدخّلات، بعضّ النظر عن المخالفين، ولم تكن محاضر الضبط بحقّ البعض تشكّل أي رادع بسبب انخفاض قيمتها المادية، فالعقاب الأنسب كان يفترض أن يكون إغلاق المؤسّسات المخالفة لفترات تصاعدية.
الدولة مسؤولة لأنّها لم تغلق المطار أو توقف الرحلات من بعض دول غزاها الفيروس، والتقصير والإهمال الأكبر كان في عدم متابعة المصابين في الداخل والخارج، ما جعل البعض منهم آلة متنقّلة لنشر فيروس “كورونا” في أماكن مختلفة.
في الخلاصة، لن ينفع أي إغلاق كامل أو جزئي ما لم يدرك المواطن مسؤولياته في الحفاظ على صحّته وصحّة غيره، وما لم تدرك الدولة أنّ مهمّتها هي فرض التدابير الإحترازية والوقائية، وليس التمنّي على المواطنين من خلال إطلالات إعلامية وتغريدات لهذا المسؤول أو ذاك وهي أمور لا فائدة منها، فمن يفهم بموضوع “كورونا” ومن لا يفهم لا يغيبون عن الشاشات، موزّعين النصائح ومتحدّثين بمنطق العالم الفهيم العظيم، وهم في الحقيقة ورّطوا أنفسهم وورّطوا الناس في مصيبة لا خروج منها إلا بخروجهم من أنانياتهم وادّعائهم للمعرفة، وهم في الحقيقة جهلة في العلم ومقصّرون في العمل.