Site icon IMLebanon

“الكورونا” ينتشر… ولقاح “H1N1” الأسبوع المقبل في لبنان

 

يظهر البعض وكأنه يستعجل وصول فيروس “كورونا”، فيعمد إلى نشر أخبار كاذبة تتحدث عن إصابة عدد من اللبنانيين بالفيروس، الأمر الذي تنفيه بشكل قاطع رئيسة مصلحة الطب الوقائي في وزارة الصحة الدكتورة عاتقة بري.

 

وتؤكد بري لـ”نداء الوطن” أن “لبنان لم يسجل أي إصابة بالفيروس، وتتابع الوزارة توصيات منظمة الصحة العالمية وتعمل وفقها، ولم تعلن الأخيرة حتى اليوم أي طارئة صحية تثير قلقاً دولياً”. وستعقد اللجنة الوطنية للأمراض الجرثومية اجتماعاً لها قريباً لدرس إن كان من داع للتشدد أكثر في الإجراءات الوقائية أم لا.

 

ولم تصدر منظمة الصحة بعد قراراً بمنع السفر من وإلى منطقة ووهان الصينية التي ظهرت فيها الإصابات، لذلك لم يصدر لبنان قراراً مماثلاً. ويبدو أن من إيجابيات الأزمة الاقتصادية أنها حدّت من سفر اللبنانيين إلى الخارج، وهو ما تشير إليه بري: “التجار القادمون من الصين أكثر عرضة للإصابة بالفيروس”، وترى أن “عدم وجود رحلات مباشرة بين لبنان والصين يحدّ من انتقال الفيروس إليه”، كاشفة عن أن “الوزارة ستوزّع على القادمين إلى لبنان استمارة لملئها على أن تجري مراقبتهم على مدى أسبوعين، للتأكد من عدم حملهم للفيروس”. ووفق قراءة برّي فإن “الفيروس المستجد أقلّ سوءاً من فيروس “السارس” وفيروس كورونا السعودي اللذين انتشرا سابقاً”.

 

من جهتها تتريث الدكتورة ديما ابراهيم، الاختصاصية في الأمراض الجرثومية، في تحديد خطورة الفيروس وضرره وتقول لـ”نداء الوطن”: “إلى الآن لم نعرف قوة الفيروس وكم يبلغ احتمال الوفاة جراءه، فالأرقام غير واضحة لأن الفيروس جديد، ننتظر لمعرفة خطورته”. وتشير ابراهيم إلى أن “لا خطة واضحة، إلى الآن، لدى المستشفيات للوقاية، لكن اجتماعات تعقد لوضع خطط للوقاية، فاحتمال وصول الفيروس إلى لبنان قائم”. وترجّح ابراهيم أن “يتم اعتماد إجراءات شبيهة بتلك التي اعتمدت عند انتشار الكورونا القادمة من السعودية. كما تستعد وزارة الصحة لإصدار تعميم إلى المستشفيات، مطلع الأسبوع المقبل، لمراقبة بعض العوارض التنفسية الحادة غير العادية وسؤال من يعانون منها إن سافروا إلى مدينة ووهان”. وتلفت ابراهيم إلى أن “من يلتقون بأشخاص يسافرون كثيراً من وإلى الصين هم الأكثر عرضة للإصابة بالفيروس الذي تتشابه عوارضه مع عوارض الانفلونزا العادية”.

 

ويفرض غياب علاج الفيروس الحديث تحدّياً على الأطباء، لذا سيشددون على الوقاية وعزل المشتبه بإصابتهم حتى تثبت سلامتهم. وفي ظل غياب اللقاح المعالج للفيروس سيعمل الأطباء على معالجة عوارضه، كخفض الحرارة واستخدام الأمصال وتغذية المريض. وتلفت ابراهيم إلى أن كبار السن والأطفال الصغار هم الأكثر تضرراً من الفيروس. ووفق ابراهيم “الانفلونزا العادية هي من أحد أسباب الوفاة لدى كبار السن، لذلك من الضروري التلقيح ضدها”. وفي حين تشير ابراهيم إلى نقص لقاح الانفلونزا في الصيدليات، تقول بري إن ذعر المواطنين تسبب بالنقص في دواء الـ Flumivir المضاد لانفلونزا H1N1، وتدعوهم إلى عدم التهافت على شراء هذا الدواء، “فهو غير فعال في مواجهة الفيروس الجديد، وستؤمنه الشركة للمستشفيات ابتداءً من الأسبوع المقبل”.

 

وأمس أعلنت “منظّمة الصحة العالميّة” أنّه “من المبكر جدّاً” اعتبار فيروس “كورونا” الذي ظهر في الصين وبدأ بالانتشار حول العالم “حال طوارئ صحيّة عامة على نطاق دولي”، إذ قال المدير العام للمنظّمة تيدروس أدحانوم غيبريسوس خلال مؤتمر صحافي في جنيف: “لا يُخطئّن أحدكم الأمر، إنّها حال طوارئ في الصين، لكنّها ليست بعد حال طوارئ صحيّة عالميّة”، لكنّه أضاف: “قد تُصبح كذلك”.

 

وأوضح أنّ “لا دليل حتّى اليوم على انتقال العدوى من انسان إلى آخر خارج الصين، لكنّ هذا لا يعني أنّ هذا الأمر لن يحدث”. وتابع غيبريسوس: “نعلم أن هناك انتقالاً للعدوى من إنسان إلى إنسان في الصين، لكن يبدو أنّ الأمر يقتصر حتّى الآن على مجموعات أسريّة وعلى العاملين في مجال الرعاية الصحيّة الذين يعتنون بالمرضى المصابين”.

 

تزامناً، اتخذت الصين تدابير قصوى لمكافحة “كورونا” بحيث فرضت حجراً صحّياً على مدينة ووهان، مصدر الوباء، بالإضافة إلى مدينتَيْن مجاورتَيْن، اعتباراً من أمس. كما أعلنت العاصمة بكين إلغاء الاحتفالات الشعبيّة المرتقبة لمناسبة رأس السنة الصينيّة، التي تبدأ اليوم وتستمرّ أسبوعاً، بسبب الوباء الفيروسي الذي أودى بـ17 شخصاً في الصين وأصيب به نحو 600 آخرين.

 

وبعد تعليق حركة القطارات والطائرات المغادرة من ووهان (نحو 12 مليون نسمة) إلى أجل غير مسمّى، وأُغلقت الطرق السريعة المؤدية إلى خارج المدينة، انتشر الخوف بين السكّان وبدت شوارع ووهان ومراكزها التجاريّة هادئة.

 

وعلى خطى ووهان، أعلنت بلديّة مدينة هوانغانغ التي تُعدّ 7.5 ملايين نسمة والواقعة على بُعد سبعين كيلومتراً شرق ووهان، أن حركة القطارات ستتوقف فيها حتّى إشعار آخر، وأُغلقت كافة دور السينما ومقاهي الانترنت والسوق المركزي في المدينة. وكذلك أغلقت مدينة إزهو (1.1 مليون نسمة) محطّة قطارها، كما أُغلقت الطرق السريعة في خيانتاو المجاورة، هذا فضلاً عن تعليق حركة النقل العام في مدينة شيبي المجاورة أيضاً. ويبلغ عدد سكّان المدينتَيْن نحو مليوني شخص.

 

وفي واشنطن، اعتبر متحدّث باسم وزارة الخارجيّة أن الإجراءات الصينيّة “مؤشّرات مشجّعة تُظهر أن الحكومة الصينيّة أدركت خطورة المشكلة”، في وقت وصل الوباء إلى دول آسيويّة عدة وحتّى الولايات المتحدة، حيث تمّ تسجيل بعض الإصابات، فيما تمّ تعميم مراقبة حرارة الجسم في مطارات آسيويّة عدّة وفي دبي والمملكة المتحدة ونيجيريا وإيطاليا وغيرها.

 

وفي سياق متّصل، أعلنت القنصليّة الهنديّة في جدّة أنّ ممرّضة هنديّة تعمل في السعوديّة أُصيبت بفيروس من سلالة “كورونا”، لكنّه ليس فيروس “كورونا” المستجدّ، مصحّحةً بذلك معلومة أوردها في وقت سابق وزير الشؤون الخارجيّة الهندي، فيما نفت السلطات السعوديّة وجود حالات إصابة بفيروس “كورونا” على أراضي المملكة.

 

وتمّ رصد ظهور الفيروس في سوق لبيع ثمار البحر بالجملة في ووهان. ولا يزال مصدره المحدّد مجهولاً، لكن فترة حضانة الجسم له يُفترض أن تكون حوالى 14 يوماً. وأقرّ المركز الوطني للمراقبة والوقاية من الأمراض أن عمليّات بيع غير قانونيّة لحيوانات مفترسة حصلت في هذا السوق، من دون التمكّن من جزم ما إذا كانت هذه الحيوانات هي مصدر المرض.

 

والوباء هو نوع جديد من فيروس “كورونا”، وهي سلالة تضمّ عدداً كبيراً من الفيروسات التي قد تؤدي إلى أمراض على غرار الزكام، إنّما أيضاً إلى أمراض أخرى أكثر خطورة مثل الـ”سارس” (متلازمة الالتهابات التنفسيّة الحادّة).