Site icon IMLebanon

مستجدات كورونا

 

هذا ملخّص حوار تفاعلي تابَعته لأساتذة الطب الوقائي في جامعة بركلي ـ كاليفورنيا في الولايات المتحدة الأميركية:

لم يمنع الإقفال مع الصين، أي منع الرحلات ذهاباً وإياباً منها وإليها، وصول الوباء إلى أميركا، ولكنه أخّر انتشاره لبعض الوقت، وهذا ما سمح بالاستعداد المُسبق للمواجهة، لكن لم تتم الاستفادة من الوقت، وذلك بسبب النظام الصحي والاقتصادي والسياسي القائم، وهو مختلف كليّاً عما هو قائم في الصين.

 

في المحصلة، إنّ الولايات المتحدة اليوم هي في الوضع الأسوأ بالنسبة للإصابات، وهو وضع مرشّح للتفاقم كارثياً في الأسابيع المقبلة. السؤال الآن هو هل يمكن الحظر لأربعة أسابيع أو ثمانية؟ وحتى الثمانية لن تنفع بكاملها، وقد تقلّل احتمال الإصابة بنسبة ضئيلة، ولكنها تعطي فرصة لمنظومة الصحة بالتعامل بنحو مقبول مع الوباء وتداعياته. الفترة المقترحة للعزل يجب أن تكون عشرة أسابيع قابلة للتجديد، والقرار يجب أن يكون مبنياً على أساس تطور المعطيات الإحصائية والعملية لتطور انتشار الوباء.

 

السؤال هنا هو هل يمكن الإصابة مرتين بالفيروس التاجي (كورونا)؟ لا أجوبة واضحة وكاملة حتى اللحظة. الجواب الطبي هو لا، يعني أنّ المنطق يقول إنّ المصاب سيحصل على مناعة وذلك كما كل الفيروسات الأخرى، أي لسنوات آتية. لكن الواقع هو أننا لا نعرف بدقة كيف هو مسار كورونا، وهناك تقارير عن اختفاء الفيروس من المريض المصاب، ولكن هل يعني ذلك الشفاء؟ وكيف تم التحقق من اختفاء الفيروس؟

 

الواقع هو أنه لا يمكن مقارنة كورونا مع فيروسات الرشح الموسمي (انفلونزا)، فهو فيروس مستجد ولا يمكن التكهّن بمساره الوبائي في هذه اللحظة، وقد نتمكن من فهم مساره خلال الأشهر المقبلة.

 

فهل سيتحوّل كورونا إلى فيروس موسمي؟ ففيروس SARS مثلاً اختفى لأنه تمّ القضاء على المصدر (الخزّان) في شرق آسيا. لكن هناك النوع المستوطن في أمكنة معينة لاستمرار وجود خزان لها، وهو الحال الآن في الخليج العربي بنوع من كورونا مخزونة في الجِمَال، لكنّ هذا النوع يتسبّب عادة بعوارض رشح عادية.

 

ما هو مهم الآن في لحظات عدم الاستقرار وضَحالة المعرفة، هو تحاشي الإصابة من خلال التباعد الاجتماعي، وبالتالي تحاشي إصابة الآخرين. علينا أيضاً الالتزام بالتغذية الصحية والاستمرار في غسيل الأيدي وتحاشي الاختلاط.

 

أما عن غطاء الوجه القماشي (ماسك) المصنّع في البيوت، فهو خيار غير مدروس، ولا يمكن الاعتماد عليه، فقد يعطي الإحساس بالحماية الخاطئة.

 

وماذا إذاً عن عودة الناس إلى مواطنهم في هذه الأزمة؟ هذا سؤال صعب وأجوبته معقدة لأنّ الدراسة هي لكل حالة على حدة، يعني علينا تحاشي تعميم الأحكام. فهذا الواقع صعب الإجابة عنه، فقد يكون التجمّع في الجامعات مثلاً، أو في أماكن أخرى، في ظروف صحية سيئة وفي اكتظاظ سيؤديان إلى مزيد من الإصابات، وهنا يجب إيجاد وسائل التباعد الاجتماعي بترك القادرين للعودة إلى مواطنهم. الخوف هنا أنه في حال العودة هو إمكانية نقل الوباء إلى آخرين في المواطن. فإذا كان هناك ظهور لعوارض كورونا في مكان غربته، فقد وجب أن يعالج في مكانه. وفي حال لا وجود لعوارض، فإن عاد إلى موطنه، عليه التزام الحجر عند العودة لأسبوعين على الأقل. ولكن الجواب هنا ليس قاطعاً، ويصعب وضع قواعد تطبّق في كل الحالات.

 

بالنسبة الى تجمعات دور العجزة والسجون. المهم أن تطبّق مسألة التوزيع والتباعد الإجتماعي. (وهذا بالنسبة الينا الآن في لبنان يعني ضرورة معالجة مسألة السجون باتخاذ اللازم لكل حالة على حدة).

 

عن زيادة تعرّض فئة الدم A أكثر إحصائيّاً من غيرها للإصابة حسب دراسة أجريت في الصين؟ وقد يكون هذا دقيقاً، ولكن لا يجب علينا إعطاء ذلك أهمية الآن حتى لا يعتبر أصحاب فئات الدم الأخرى أنفسهم محصّنين فينحون نحو تجاهل العزل.

 

أما عن حرارة الجو وتأثيره على انتقال وصمود كورونا، فلا يمكن التقرير الآن بهذا الخصوص، وعلينا أن ننتظر لنرى خصوصاً لوجود إصابات الآن في مناطق حارة. المؤكد هو أنّ شعاع الشمس (الجزء ما فوق البنفسجي منه) يفيد ويقتل الفيروس فوراً. لكن بالنسبة للحرارة وتأثيرها فلا يمكن التعويل على تقارير بلدان لا تملك تقنية PCR للتأكد من أنّ الجو في حَدّ ذاته هو عنصر مفيد لمنع الانتشار. المؤكد هو أنّ البرد (التبريد في البرّاد) لا يقتل الفيروس لأنه منيع ضد الحرارة المنخفضة، ومن هنا فإنّ ما هو مبرّد لا يعفينا من التعقيم.

 

يعيش كورونا حتى 3 أيام على البلاستيك، وأقلّ على مسطحات أخرى، ولكن لا دراسات كافية حول هذا الموضوع، لكنّ المؤكد هو أنّ المياه المعالجة بالكلور تقتله.

 

هل يمكن تلقّي العدوى من الهواء؟ إن كان في الشمس فكورونا مثل كل الفيروسات يموت مباشرةً، أمّا في الشتاء واحتجاب الشمس فيبقى الفيروس في الجو لنحو 3 ساعات، لكن الاحتمال ضئيل لينتقل في الهواء الطلق.

 

لكن لا توجد تقارير ثابتة الآن حول الغرف المغلقة، إلّا أنّ الابتعاد يجب أن يكون مترين في هذه الحال.

 

إن لم يكن هناك حجر صحي عام، أي تدخّل لتأخير العدوى، فإنّ الإحتمال الأكبر هو أنّ ذروة الإصابات يجب أن تكون في أواسط حزيران المقبل في أميركا، ومن المرجّح أن يكون في أواخر نيسان بالنسبة الى لبنان، لكنّ هذا مرتبط بالإجراءات المتخذة ومدى الالتزام بها.

 

بالنسبة الى القطط والكلاب فهي لا تصاب بالعدوى ولا تعُدي. لكن قد تأتي العدوى ممّن يحملونها من البشر، وينقلونها بمداعبة ظهور الحيوانات الأليفة. وهنا يعود التشديد على غسل الأيدي وتغيير الثياب عند دخول المنزل ووضعها في الغسيل.

 

أمّا بالنسبة الى الحاجات (البضائع) المنقولة والمغلفة، فلا يوجد أي معطيات حاسمة، لكنّ الحذر واجب وعلينا تعقيم ما يمكن تعقيمه.

 

PCR يكشف فقط RNA أي جزئيّة من الفيروس، ولا يعني أنّ الفحص الإيجابي يشير أنّ حامله قادر على نقله، ومن هنا علينا الحذر في تفسير الوضع ودرسه من كل جوانبه.

 

الصابون مفيد مثل المعقّمات المتعددة ويقتل الفيروس. أمّا المعقّمات فلا يجب استعمالها بكثافة، وأكثر من اللازم، لأنها قد تؤدي إلى نشوء جراثيم محصّنة. كما أنها قد تؤدي إلى أذية الجلد. لكنّ الغسيل بالصابون يجب أن يكون كافياً، وعلينا مساعدة الأولاد ومراقبتهم في الغسيل.

 

لقاح الانفلونزا لا يحمي من كورونا ولكنه يقلّل من إمكانية التَشابك معه، يعني تشابه العوارض إذا حصلت إصابة بالأنفلونزا سيدفع المصابين الى الاعتقاد بالإصابة بكورونا مما يؤدي إلى إرهاق النظام الصحي.

 

الأطفال، وإن كانت إصابتهم أقل خطورة على الحياة بالمقارنة مع الكبار، ولكنها قد تكون شديدة عليهم وقد تنقل العدوى إلى البيت كله.

 

غطاء الوجه الطبّي في الخارج في الهواء الطلق، علينا الاقتصاد في استعماله، لكنّ لبسه إلزامي للمصابين بأي نوع من الرشح، وذلك لعدم التسبّب بعدوى آخرين. إلّا أنّ لبسه بنحو دائم وللجميع غير منطقي. المهم تحاشي لمس الوجه. التجارب مع الرشح العادي لم تعط نتائج في تقليل الإصابة بلبس الغطاء في شرق آسيا.

 

كيف نعرف أنّ الأزمة عَدّت ويمكن أن نكون بأمان؟ فترة 12 – 20 أسبوعاً من الحجر هي المدة الآمنة نظريّاً، ولكن هل هذا ممكن اجتماعياً واقتصادياً، وهل كل الدول قادرة على فرضه بالتوازي مع تأمين حاجات الناس اليومية، وكيف يمكن التعامل مع المخالفين؟ كلها أسئلة صعبة وقد تكون مستحيلة في هذه اللحظة. فنقطة الأمان لا يمكن معرفتها إلّا بدرس عدد الإصابات دوماً لمراقبة عددها ونسَبها. مع العلم أنّ الانتكاسة الوبائية عالية الاحتمال، يعني أن يعود الوباء مرة ثانية على الأقل، خصوصاً عندما تبقى نسبة كبيرة من المجتمع غير محصّنة. هذا يعني أيضاً أنّ الأمر قد يستمر بين صعود ونزول إلى يوم إنتاج اللقاح.

 

كل شخص يعدي 2,6 شخص في مجتمعات لا يحتشد فيها الناس، (هذا الأمر قد يكون مضاعفاً في لبنان حسب العادات الاجتماعية المتّبعة)، وهذا يعني أنّ أكثر من نصف السكان في أميركا سيصاب بالعدوى خلال 8 – 12 أسبوعاً.

 

واستعداد المستشفيات مرتبط، حتى في أحسن الأنظمة الصحية، بعدد المصابين مرة واحدة. وعلى المجتمع حماية العاملين في المجال الصحي وذلك حتى يتمكنوا من العناية بالمصابين.

 

فحص PCR يجب أن يدرس استعماله والاقتصاد به. متى ومن علينا اختباره؟ فالحفاظ على القدرات لمَن عندهم الاحتمال الأعلى والمتوسط بالعدوى، وهو ما يجب أن يستند الى العوارض والتعرّض وليس للخوف من إمكانية الإصابة. فأهم من الحرارة والرشح والسعال هو عارض العودة من مكان موبوء منذ أقل من أسبوعين والتَّماس مع مُصابين.

 

المهم هنا هو عدم التوجّه الى أقسام الطوارئ للفحص. المهم أيضاً عَزل المتواصلين مع المصابين، وهذا الأمر أهمّ من الفحص.

 

منظومة الطب الوقائي بهذا الموضوع فشلت أو هي متأخرة حتى في الولايات المتحدة. ومن ضمنها مثلاً القدرة على التَتبّع الفردي من خلال التكنولوجيا الرقمية، وهو ما تمنعه (على الأقل علناً) الأنظمة الأميركية بداعي الحرية الشخصية. فالوباء يحدث لفترة أمّا الحياة العامة فتستمر.

 

بالنسبة الى عقار الكلوروكوين الذي يتم الترويج له في وسائل التواصل، لا معطيات حتى الآن يمكن من خلالها اعتماده خارج دراسات منظمة في ظروف مدروسة علمياً، وعلى عكس ما يُشاع فإنّ النتائج على هذا العقار حتى اللحظة غير مشجّعة ولا تستند إلى معطيات علمية دقيقة. يعني أنّ استعماله اعتباطياً سيؤدي الى نتائج غير متوقعة، وقد تكون كارثية. ولكن المهم هو مزيد من الدراسات، والأهم هو إنتاج اللقاح وإجراء دراسات على علاج بنحو مكثّف.

 

أكثر من سنة نحتاجها للعلاج والوقاية وذلك لأسباب عدة (في الماضي قبل أيام التقنيات الحديثة كنّا نحتاج الى ١٥ سنة لإنتاج لقاح مثبت)، لكنّ التقنيات الحديثة قصّرت المدة. هذا لا يعني أنه يمكن تفادي فترة التجربة لتفادي النكسات والأعراض الجانبية الممكنة، ومنها الضرر من هذا اللقاح ذاته، ومن ثم إنتاج مئات الملايين من الوحدات لتغطية العدد الأكبر من الناس.

 

بالنسبة الى فترة حضانة كورونا في الجسم، أي فترة التقاط الوباء قبل ظهور العوارض؟ هي بين يومين وأسبوعين بالمجمل بمعدل 5 أيام تقريباً، والتدرّج هو من الرشح إلى السعال إلى حرارة مرتفعة. وقد تكون حدة العوارض بطيئة إلى حين التحوّل إلى حالة صعبة، ومن هنا فإنّ الحديث عن السقوط المفاجئ في الشارع هو أمر غير منطقي. ضيق النفس يعني الحاجة للذهاب إلى المستشفى للعلاج، وهنا عندما تصبح الحالة خطرة وقد تؤدي الى الوفاة.

 

عدا ذلك، ففي الوقت الحالي ما يمكننا النصح به هو البقاء في البيت.