Site icon IMLebanon

“كورونا” الديناميكي

 

يختلط هواء لبنان صبحه ومساءه بأجواء تعكير للحياة كلّها، ولتعكير صفو الأعياد وبراءتها صارت الأمور ضاغطة وفوق طاقة احتمال هذا الشعب، اللبنانيّون الذين تحوّلوا في غفلة من لصوص المصارف إلى فقراء لا يملكون قرشاً لا أبيض ولا أسود، لم يتبقَ لديهم ما يُفرحون به أولادهم على بساطته ما الذي تبقّى لديهم ممّا تعول عليه العائلات الجائعة، في أعياد هذه السنة نشاهد عبر الشاشات هدايا مساعدات الأعياد طعاماً يوزّع على العائلات الكثيرة الفقيرة، ما يعايشه اللبناني يومياً إن فضح شيئاً فقد فضح حجم الجوع الذي يسكن البيوت والحزن المعشّش فيها، هي أعياد بلا فلاح، والفرح إن أشبع القلوب عموماً هذا العام لن يكون بإمكانه إشباع قلوب حزينة وبطون جائعة!!

 

البلد ذاهب إلى مهوار حفلات ليلة رأس السنة فيما الدولة تشعر بعجز عن أخذ قرار تضبط فيه أمن البلاد الصحي خصوصاً وأننا دولة التجارة بالصحة ولا تأخذ القرارات إلا بعد فوات الأوان، بالأمس حذّر رئيس لجنة الصحة النيابية عاصم عراجي أن بعض المستشفيات الخاصة تأخرت كثيراً من أجل تجهيز نفسها لدخول المعركة في مواجهة فيروس كورونا المستجد، بحجة وجود أموال لديها لدى الدولة وعدم قدرتها على ذلك، لافتاً إلى أن هذا الواقع أدى إلى إرباك كبير، موضحاً أنه بعد جهد كبير قرر البعض الدخول في المعركة، عدم الإلتزام بالإجراءات الوقائية مخيفة، أشار إلى أن هناك نحو 70 سريراً شاغراً في الوقت الراهن…

 

ويبقى أن أخطر ما أشار إليه عراجي أن الشهرين المقبلين سيكونان صعبين جداً، وعلى المواطنين أن يدركوا صعوبة الأمر؛ أعتقد أن الأوان قد فات على إعادة السيطرة على أرقام الإصابات فنحن شعبُ لا يتجاوز تعداده الملايين الأربعة وانهيار الجهاز الصحي عندنا يعني أننا سنتحوّل إلى النموذج الإيطالي أو الإسباني حيث وصلت الأمور إلى اختيار الأطباء من يموت ومن يعيش فعانوا ضغوطاً نفسية رهيبة في كلّ مرّة اتخذوا قراراً بنزع جهاز التنفس عن مريض تجاوز الستينات لإنقاذ شاب في العشرينات!!

 

ويتحمّل الشعب اللبناني مسؤولية كبرى خصوصاً عندما لا يأخذ بأسباب الوقاية ويخاطبنا عندما نطالب بإغلاق البلد وتعليق رحلات الطيران مع الدول التي ضربها وباء الفيروس المتمحور، وما بات يعرف بكورونا 2، هؤلاء يقول لنا بمنتهى الوقاحة “سكرّتو البلد وفي ألف إصابة اليوم، شو إلو عازة التسكير”، هذا النوع من الموطنين يجب أن يفرض عليه حجر إلزامي لما يشكّله من خطورة على الناس عموماً، سيكون مفيداً أن يعترف اللبنانيّون أنّ غالبيتهم تعاملت باستهتار شديد مع هذا الوباء بل كثير منهم اعتبروا ـ ولا يزالون ـ أنّه ليس هناك شيء إسمه كورونا، وقد نرى رأي العين من يصرّون على المصافحة وتبادل القبلات وعدم ارتداء الكمامة، ويحاولون إقناعك بأن كورونا خدعة ومؤامرة وما إلى هناك من نظريات سمعناها بل وقرأنا عنها، وشاهدنا أطبّاء ينظّرون لها!!

 

المطلوب الإلتزام بحرفيّة معنى الإلتزام، ما نحصده اليوم من ارتفاع مخيف في أرقام الإصابات وأرقام الوفيّات يستدعي أن ندعو المعنيّين إلى إعادة التفكير جيّداً في نوعيّة الغرامة، بالنسبة للبعض باستطاعتهم دفع قيمة الغرامة، والمطلوب من الدّولة أن تتحمّل مسؤولياتها على الأقلّ خلال أسبوع الأعياد، حالة الفلتان وازدحام الملاهي الليليّة، وعبقة أنفاس الأراكيل، حتى سهرات العائلات في المنازل تثير صورها القلق والخوف، في أوروبا بعض الدول تسمح بوجود ستة أشخاص في كل منزل، عندنا قد تصل الأعداد إلى ثلاثين وأحياناً أكثر!!

 

كورونا أصبح ديناميكياً وأسرع بكثير من قدرة وزارة الصحة اللبنانيّة ووزيرها البارد على مواجهته، الصورة التقريبية تختصرها حسبة بسيطة كورونا في نسخته الأولى كان المصاب ينقل العدوى إلى 3 أشخاص، أمّا في نسخته الثانية التي نواجهها الآن المصاب بكورونا ينقل العدوى إلى 8 أشخاص.. واحسبوها بمعرفتكن!