في انتظار وصول اللقاحات لا وجود لآلية ولا لخطط
هل سيدخل اللقاح السوق السوداء كأدوية بروتوكول كورونا؟
مع تحطيم الأرقام اليومي للإصابات والوفيات ألم يحن الوقت للقول إنه “قد حان وقت الهلع”؟ الغريب أن يستمر تعطيل “خطة الإقفال التام الكلي” التي طرحتها لجنة الصحة النيابية بسبب رفض البعض الاقتناع بأن أنصاف الحلول غير مجدية وتُضعف كل خطوط المواجهة. نظراً لكثرة الاستثناءات غير المبرّرة، انفجار صحي ينتظرنا أمام إصرار الكثيرين على الإستهتار بالإجراءات الوقائية، والمتوقع “كارثي”، وساعات قليلة تفصلنا عن وصول إشغال أسرة العناية الفائقة لمصابي كورونا إلى 100%!
لا يقتصر تجاهل “كارثة كورونا” وانعدام المسؤولية عند المؤتمنين على صحة الناس على المعنيين فقط، بل يمتد ليشمل “الشعب” كله. وفيما تُشكل تصرفات فئات واسعة من المواطنين نقطة الضعف الأكبر التي تسمح للوباء بالتسلل والإنتشار السريع، “حان وقت الهلع”، فما هو حجم الكارثة الصحية؟ وماذا يعني تمسّك “مصرّفي الأعمال” بخطة هذه مواصفاتها ونتائجها، ولن تحقق أياً من مطالب الأطباء والخبراء ونصائحهم؟
“إقفال كلي” الآن!
انتقد نقيب أصحاب المستشفيات الخاصة سليمان هارون، في حديث لـ”نداء الوطن” حجم الإستثناءات من الإقفال وسط “الإرتفاع الكبير بعدد الإصابات بفيروس كورونا و”العاصفة الوبائية” التي تجتاح المستشفيات الخاصة والعامة في هذه المرحلة” وأضاف: “لم أفهم حتى المنطق الذي نُصت على أساسه هذه الخطة المجتزأة، فلنأخذ مثلاً على ذلك الدوائر العقارية، ففي حين ينص القانون على خفض الموظفين إلى 25% بدل 100%، بقي عدد المواطنين المتجهين إلى الدوائر هو نفسه وبالتالي ما كان يحتاج لساعة بات بحاجة لعدة ساعات في غرف مغلقة وزادت احتمالية التعرض للإصابة! أما استهتار الناس فحدث ولا حرج، لا التزام بالإجراءات والتدابير الوقائية، وما شهدناه في فترة الأعياد أكبر دليل على ذلك والآتي أعظم، فالأرقام حتى الساعة لا تبشر بالخير”، مؤكداً أن “المستشفيات الخاصة تصارع للبقاء باللحم الحي وهناك أكثر من 60 مستشفى خاصاً تستقبل مرضى كورونا وتضم حوالى 300 سرير لأقسام العناية الفائقة، ونحو 550 سريراً للعزل العادي ونعالج حتى في أقسام الطوارئ بسبب اعداد المصابين الهائلة للحالات الخطرة في اليومين الأخيرين وبالتالي لا يجوز اتهامنا بالتلكؤ”، كما طالب النقيب بـ”إقفال كلي وفوري لمدة شهر على الأقل مع توفير المال للفئة الأكثر فقراً، من دون استثناء المطار نظراً لخطورة المرحلة ولعدم الثقة بعملية تتبع حركة الوافدين ومراقبة التزامهم بالحجر الصحي”.
وبالنسبة لما صدر عن وزارة الصحة من قرارات بتخفيض تصنيف المستشفيات التي لا تستقبل مرضى كورونا، تمنى هارون “عدم استخدام لغة التهديد أو التصعيد، إذ أن الحوار اليوم في ظل الأزمة سيد الموقف، بخاصة أن المستشفيات الخاصة تحاول جاهدة رفع قدرتها على استقبال أعداد أكبر من المصابين إلا أن الوضع صعب لأنه يحتاج تمويلاً كبيراً بخاصة في ظل عدم دفع مستحقات هذه المستشفيات فالحكومة تدين بنحو 2,500 مليار ليرة لبنانية، أو 1.6 مليار دولار بسعر الصرف الرسمي أو حوالى 300 مليون دولار بسعر الصرف غير الرسمي، لأكثر من 120 مستشفى خاصّاً! أموال من المتوقع أن تدفع بالليرة اللبنانية التي فقدت 80% من قيمتها وقدرتها الشرائية أما وزارة المال فقد صرفت فقط 8.5% من المبلغ المستحقّ عليها سنة 2020 وذلك من دون الحصول على أي مال من الاعتماد الإضافي لموازنة 2020 بقيمة 450 مليون ليرة لبنانية، والذي أنشأه البرلمان للمستشفيات في نيسان 2020”.
الثقب الأسود
وعطفاً على مرحلة الخطر هذه، يقول المدير الطبي في “المركز الطبي للجامعة اللبنانية الأميركية – مستشفى رزق” الدكتور جورج غانم لـ”نداء الوطن” إن “على وزارة الصحة الإقرار بأننا في وضع مقلق وخطير جداً يستدعي الخوف من قادم أسود، بخاصة وأن أعداد الإصابات والوفيات إلى ازدياد وارتفاع مضطرد في ظل انعدام وجود آليات حتى للتبليغ عن الحالات الحرجة لكورونا، ناهيك عن الحديث عما تدينه الدولة لنا من أموال لم تصرف وضعتنا كمستشفيات في وضع حرج”.
وبلغة تحذيرية صارمة يقول غانم “علينا أن نضع الأمور في نصابها، ففي حين دعت منظمة العفو الدولية إسرائيل إلى توفير اللقاح ضد فيروس كورونا المستجد للفلسطينيين في الضفة الغربية المحتلة وقطاع غزة، وأن تتصرف على الفور لضمان توفير لقاحات كوفيد-19 بشكل متساو وعادل للفلسطينيين الذين يعيشون تحت احتلالها، نتمنى في لبنان أن يتم التعامل معنا كلاجئين في بلادنا علّنا نصل إلى حقوقنا المنشودة عبر الـWHO واليونيسف”. ويتابع “نحن في LAU على الصعيد الشخصي حاولنا طلب 50 ألف لقاح “موديرنا” فقط لأطبائنا وممرضينا والعاملين، على أن نتكفل نحن بكل شيء إلا أن الشركة رفضت ارسالها إلا عبر الوزارة. والوزارة “طنشت” على طلبنا، والآن حتى لو أردنا طلب اللقاحات عبر الوزارة، بات هناك أكثر من 30 دولة قبلنا طلبت اللقاح نفسه!”
ويكمل “الوزارة ثقب أسود في كل شيء، نرسل إليها الخطط والتوجيهات والطلبات وكلها تختفي من دون استثناء! واليوم لا نعلم لماذا أصلاً تم اعتماد لقاح “فايزر” مع العلم أنه يحتاج إلى درجة حرارة 70 تحت الصفر، أما “موديرنا” فيحتاج بين الـ20 والـ30 تحت الصفر أو “أسترا زينيكا” من الممكن أن يتم وضعه في برادات عاديّة. وحتى الساعة لم يعلنوا حتى أين سيكون “مركز حفظ اللقاحات الكثيرة هذه”، وهل سيكون مصيرها مع وزير الصحة، مصير الطحين العراقي مع وزير الإقتصاد؟ وما هي الخطة ولماذا يرفض الحديث مع أهل العلم في هذه الأمور؟ نحن ذاهبون إلى كارثة “فساد” أو “إهمال” على أقل تقدير”.
السوق السوداء!
وأردف “قدمنا خططاً عديدة تم تجاهلها، أولاها الدمج بين قدرات المستشفيات الخاصة والعامة في خطة تكاملية وآخرها نصائح الإقفال العام، وكل ما نتلقاه من هذه الوزارة هو إهمال وعدم اكتراث لرأي العلم. وفيما الدفعة الأولى من اللقاح ستصل في مطلع شباط المقبل، وتتكون من 1.5 مليون جرعة، لا نعلم حتى الساعة ما هي آلية اعطاء اللقاحات، والوزير حمد حسن لا يجيب على الأسئلة، وليست هناك خطة واضحة او تقسيم واضح للتوزيع”، وأعطى مثلاً أنه “تم التصريح على أن اللقاح سيعُطى مجاناً، والأولوية للأجهزة الطبية وطواقم التمريض، والأشخاص كبار السن، والذين يعانون من أمراض مزمنة، إلا أنهم لم يحددوا (كيف؟ متى؟ الكمية لكل مستشفى؟ في أي برادات ستُحفظ؟) ولم يزودونا بأي معلومات دقيقة ولا مبنية على أسس علمية وذلك على الرغم من أننا على بعد نحو شهر من وصول الجرعات. والأفظع من هذا هو أنهم وعدوا “الراغبين بالحصول على اللقاح التوجه إلى المراكز التي سيعلن عنها، والمستشفيات الجامعية والحكومية وهو ما لا نتوقع أن يحدث، ففي أقل تقدير، في ظل الفوضى هذه أن تدخل المحسوبيات السياسية ولربما السوق السوداء في الأمر! من يعلم؟! فإن هكذا فوضى في التخطيط يمكن أن تفتح الباب أمام أخطاء تقنية جمة وعلينا تسليط الضوء من الآن على ما يمكن أن يواجهنا من عثرات”.
وأضاف: “أما ما يؤكد مخاوفي من ظهور سوق سوداء للقاحات، هو ما حدث في الأشهر الماضية. فمع كل مرة بلّغنا الوزارة عن دواء ما يفيد مرضى الكورونا، اختفى من الوزارة والصيدليات، فمثلاً تجربتنا في المستشفى مع «أدوية بروتوكول كورونا»: Hydroxycholoroquine – Ivermectin- Remdesivir، قالت لنا الوزارة ان لديها كمية من أحد هذه الأدوية ما يكفي لـ480 شخصاً، وفي اليوم التالي اختفت الكمية كلها، وكنا قد استفدنا منها فقط لمريض واحد وفي حين كانت كلفة الإبرة 750 ألف ليرة فتحت أبواب السوق السوداء على 3 ملايين ليرة لبنانية لكل إبرة أي بات يكلف المريض الواحد حوالى 30 مليون ليرة، وبات التعامل مع صحة المواطن كما يتم التعامل مع انقطاع الطوابع البريدية من السوق وسيكون “البقاء للأقوى مالياً أو سياسياً” وهو ما لا نقبله”.
كما أشار غانم إلى أنه من المعيب إطلاق الوعود بأن هناك 3 ملايين لقاح بين”فايزر” و”الكوفيكس” ستوزّع مجاناً على المواطنين وطمأنتهم بالقول ان الشركات الخاصّة ستبدأ لاحقاً إستيراد اللقاحات لأنها وعود في غير محلها، ففي مثل مضحك بسيط عن استهتار وزارة الصحة، علمنا من إحدى الشركات أنها اشترت 30 ماكينة تنفس، وبعد التصوير و”الهمروجة الإعلامية” تم استقدام 10 فقط وصارت الشركة تلاحق الوزارة كي تستلم منها حقها بالـ20 ماكينة الأخرى المدفوع ثمنها! واسألوا النائب افرام الذي قام بأهم انجاز صناعي في لبنان على هذا الصعيد كي يخبركم كيف تم تجاهل الماكينات “لبنانية الصنع”! بالمحصلة، كي لا نخرج من معركتنا مع “عاصفة كورونا” صفر اليدين، هناك نقطتان لا خلاف عليهما هما:علينا الإستعداد للمواجهة، على صعيد الأشخاص والوزارة و”الهلع”!