حتى ليل أمس، وصل العدد الإجمالي للإصابات بفيروس «كورونا» في لبنان إلى 66 مع تسجيل 16 إصابة جديدة. ففيما أعلنت وزارة الصحة العامة، صباحاً، وفاة مريضٍ «كان مُصاباً بمرضٍ مزمن» مُشيرةً إلى أن مجموع الحالات المُثبتة بلغ 61، سجّل التقرير اليومي الصادر عن مُستشفى رفيق الحريري، مساء، 5 إصابات تم تشخيصها في مختبراته. الارتفاع بتسجيل عدد الإصابات مردّه إلى الزيادة في إجراء التحاليل المخبرية بعدما تم تفعيل مختبرات أخرى، فيما تُشير أرقام الصحّة إلى إجراء نحو 1200 فحص حتى أول من أمس.
ورغم إعلان رئيس الحكومة حسّان دياب، أمس، أنه بات هناك مُستشفى في كل محافظة لاستقبال المرضى، إلا أن الارتفاع المتزايد في أعداد المصابين قد يفوق قدرة كل المستشفيات، الحكومية والخاصة، على الاستيعاب، وهو ما يطرح ضرورة البحث في خيار «العلاج المنزلي». والحديث هنا، عمن يملكون خيار عزل أنفسهم بالكامل بعيداً عن عائلاتهم مع الالتزام «الحديدي» بالإجراءات التي توصي بها وزارة الصحة، وخصوصاً أن «قسماً كبيراً من المُصابين حالياً يعانون من عوارض طفيفة لا تستدعي دخول المُستشفى»، وفق تأكيدات مصادر طبية، مُشيرةً إلى أن التحدّي الأبرز «يرتبط بالثقافة المجتمعية التي لا تتقبّل عدم إدخال المصاب إلى المُستشفى بسبب الذهنية الخاطئة التي تربط بين الفيروس والموت الحتمي».
إلّا أن التحدي الفعلي لا يكمن فقط هنا، بل يرتبط بالإمكانيات التي تتمتع بها وزارة الصحة للإشراف على الالتزام المطلوب من المريض لعزل نفسه وعدم تعريض عائلته للخطر أو المحيط به ولتحديد «أهليّة المُصاب» للوثوق به. ذلك أن الإمكانات التي قد تبذلها وزارة الصحة على هذا الصعيد في ظل غياب «شبكة» موحّدة من المراكز الصحية الرسمية في مختلف المناطق ستكون أكبر بكثير في حال عمدت إلى تجهيز المُستشفيات.
ولا يبدو خيار «العلاج المنزلي» مُستبعداً لدى وزارة الصحة، وخصوصاً أنّ بلداناً عدة، ولا سيما في أوروبا، كما سبق لمُنظّمة الصحة العالمية أن أكدت أنه يُمكن الاعتناء بالمرضى الذين يعانون من أعراض خفيفة ولا يعانون من أمراض مزمنة أو ظروف صحية حرجة في المنزل.
وبمعزل من «فارق» الإمكانيات بين لبنان وتلك الدول، فإنّ المُشترك في النقاش مرتبط بحجم تأثير الفيروس على صحة جزء مهم من المُصابين، «والدليل أن غالبية المصابين حالياً لا يعانون من عوارض خطيرة، فيما الحالات الحرجة ترتبط بمن يعانون من أمراض مزمنة. وبالتالي، فلتكن الأولوية لهذا النوع من الحالات». وتلفت المصادر نفسها. إلى أن أكثر من 15 مريضاً تماثلوا إلى الشفاء، سريرياً، «ولا يزالون في المُستشفيات فقط تجنباً لاختلاطهم وتعريض محيطهم للعدوى في حال لم يلتزموا بالإجراءات».
20 طبيباً مشتبهاً في إصابتهم في أحد مستشفيات بيروت وعشرة أطباء و15 ممرضاً مصابون في مستشفى المعونات
في غضون ذلك، برزت معطيات جدية ترتبط بالخطر المحدق بالطواقم الصحية ما لم تتخذ تدابير حمائية في ظلّ تسجيل إصابات في صفوف نحو 15 ممرضاً وممرضة ونحو عشرة أطباء. فقد أعلن مُستشفى سيّدة المعونات الجامعي، أمس، إصابة عشرة أشخاص من طاقمه الطبي بفيروس «كورونا» المُستجدّ «كانوا على تواصل مُباشر مع أحد المُصابين»، فيما تُفيد معلومات «الأخبار» بأنّ أحد مُستشفيات بيروت يتجه، اليوم، إلى إجراء فحوصاتٍ لنحو 20 طبيباً يُشتبه في إصابتهم بعد احتكاكهم بإحدى الحالات التي ثبتت إصابتها.
ووفق رئيسة نقابة المُمرضين والمُمرضات ميرنا ضومط، هناك نحو 15 إصابة لمُمرّضين ومُمرّضات كانوا على تماسٍ مع عدد من المرضى المُصابين. وهذا ما يستدعي «ضرورة حماية الطواقم الصحية التي تكون على خطّ المواجهة الأول مع المُصابين». وفي هذا السياق، يُنفّذ موظفو ومُستخدمو مُستشفى رفيق الحريري الحكومي، اليوم، اعتصاماً أمام مبنى المُستشفى «بسبب غياب وسائل الحماية والإجراءات الوقائية كالتعقيم الدوري في مراكز عمل الموظفين». ويقول هؤلاء إنه في وقت تجهد فيه المؤسسات والإدارات العامة لتعقيم وحماية مبانيها لحماية موظفيها، «نُترك مهملين في ظلّ نقصٍ حاد في أبسط المُستلزمات والتجهيزات كالصابون السائل والمناديل».
«الحريري الحكومي» لم يعد وحيداً
وبما أنّ مُستشفى الحريري لم يُعد وحيداً مع تفعيل المختبرات في المُستشفيات الجامعية لإجراء الفحص المخصص للكشف عن الفيروس، واستقبال بعض المُستشفيات الجامعية الحالات المشتبه في إصابتها، أعلنت إدارة المُستشفى، أمس، أن تقريرها اليومي سيتضمّن عدد الفحوصات التي تجرى في مُختبرات المُستشفى «دون المُختبرات الأخرى»، على أن يعود للوزارة «بيان الأرقام عن إعداد الإصابات على كافة الأراضي اللبنانية». وهكذا، وفيما أعلنت وزارة الصحة صباح أمس عن وفاة مريض في العقد السادس «كان مُصاباً بمرضٍ مُزمن»، مُشيرةً إلى أنّ مجموع الحالات المُثبتة بلغ 61، 52 منها مُشخّصة في مُستشفى رفيق الحريري و9 حالات في المُستشفيات الجامعية، وصدر التقرير اليومي عن «الحريري» مُعلناً تسجيل 5 إصابات إضافية، ليرتفع العدد الإجمالي إلى 66 إصابة، أي بزيادة 16 حالة.
بحسب مصادر «الصحة»، فإنّ الأخيرة ستقوم بإضافة العدد الصادر عن المُستشفى الحكومي مساءً مع الأعداد التي تكون قد جمعتها من بقية المُستشفيات، على أن تعلنها صباحاً في اليوم التالي.
أمّا ارتفاع تسجيل الإصابات، فمرده إلى ارتفاع القدرة على الفحص بعد تفعيل عدد من المُختبرات، فيما تُفيد معلومات «الأخبار» بأن نحو 1200 فحص أُجريت منذ «اندلاع» الوباء. وهذا الارتفاع في تسجيل الإصابات هو السبب الرئيس الذي دفع الى «إشراك» بقية المُستشفيات في المهمات الطبية والصحية المرتبطة بالفيروس بعد تزايد الضغط على «الحريري»، علماً بأن رئيس الحكومة حسّان دياب أعلن، أمس، أنه سيكون هناك مُستشفى في كل محافظة وأنه «ستتزايد أعداد المراكز والمُستشفيات لاستقبال المُصابين»، فيما تبحث لجنة الصحة النيابية اليوم مع وزير الصحة حسن حمد تفاصيل هذا «الوعد».
دياب يُمهل اللبنانيين المُسافرين أربعة أيام
أعلن رئيس الحكومة حسّان دياب، أمس، وقف جميع الرحلات الجوية والبرية والبحرية من لبنان إلى كل من: إيطاليا، كوريا الجنوبية، إيران، والصين. كذلك منع دخول جميع الأشخاص الآتين من الدول التي تشهد تفشي الفيروس (فرنسا، مصر، سوريا، العراق، ألمانيا، إسبانيا، المملكة المتحدة) جواً وبراً وبحراً، «على أن يستثنى من ذلك أعضاء البعثات الدبلوماسية المعتمدة في لبنان والمنظمات الدولية، والمواطنون اللبنانيون وأفراد عائلات اللبنانيين الذين لم يستحصلوا بعد على الجنسية اللبنانية وأفراد قوات اليونيفيل، مع أعطائهم مهلة أربعة أيام للعودة الى لبنان. وبعد انقضاء فترة الأربعة أيام توقف جميع الرحلات من هذه الدول، وعلى الراغبين من اللبنانيين التواصل مع السفارات اللبنانية في تلك الدول ويصار إلى اتخاذ الإجراء المناسب في حينه بالتنسيق مع المديرية العامة للطيران المدني».