IMLebanon

لا للعودة عن الإغلاق العام

 

ملف “كورونا”: ما زلنا في مرحلة الخطر والعشوائية

 

تروّج الرواية الرسمية أن ملف الصحة في لبنان ممسوك “بعدالة وشفافية ومساواة” وهو ما يتّسق مع مصالح سياسية للرواة لا صحة فيها، بل يُعدُّ تزييفاً ممنهجاً للواقع الملموس الذي طغت فيه الاستنسابية والإهمال وتحول المواطن والمقيم في لبنان إلى “مشروع شهيد” لصالح “كورونا” أو “مشروع استنزاف” خدمةً لكارتيل الأدوية. وفيما اضطر مجلس النواب للقيام بخطوات تنفيذية كطرح قانون اللقاح عوضاً عن الوزارة، لا جديد في إطار “خطة إدارة ملف اللقاحات” سوى الوعود بالإعلان عنها اليوم! ثمة من يرجّح أن يكون الحل قريباً، وأن الآتي سيكون “مرحلة مفصلية” نأمل الإنتصار فيها. إلا أنه لا يمكن غض الطرف عن أن ما يُقارب الـ 65% من اللبنانيين باتوا تحت خط الفقر ولا يسعهم دفع فواتير المشافي.

 

 

 

وعن هذه القضية، وما نجم أو ينجم عنها، تشرح سوزان اللحام لـ”نداء الوطن” عن معاناتها مع فاتورة المستشفى لوالدها سليم اللحام والذي يحمل بطاقة معوّق رقم 23712-4 والتي تندرج إحتياجاته الخاصة في اللوائح المعتمدة، ويخول حاملها الإستفادة من كل الحقوق المزعومة من بدل استشفاء وغيره من الإمتيازات، وتقول: “أصيب أبي بفيروس كورونا المستجد، ونُقل إلى مستشفى عثمان الخاص لحالته الطارئة، وعانى مدة يومين ونصف في قسم الطوارئ ومن ثم تم نقله إلى العناية المركزة لضعف حالته، واليوم، بعد مرور ستة أيام فاجأنا المستشفى بأن “مستلزمات المستشفى من كمامات وألبسة واقية وغيره” غير مشمولة بالبطاقة، وأن وزارة الصحة لم ترسل أو توزع لهم أياً من “المستلزمات الطبية” التي من المفترض أنه اشتراها من أموال البنك الدولي!”. وتابعت: “بصراحة، إن إدارة المستشفى متعاونة كل التعاون وتحاول تخفيض الفاتورة لكنها غير ملامة أبداً على ما يحدث، واليوم أنا مطالبة بتوفير ثمن كمامات ولباس واقٍ للأطباء والممرضين وغيرها بما يعادل 490 ألف ليرة لبنانية في اليوم، في وقت أعاني من بطالة مقنعة، او بكلام آخر راتبي الشهري يعادل ما يطالبونني بدفعه في اليوم!”.

 

وفي معرض الشرح عن فداحة الكارثة التي يواجهها القطاع الطبي حالياً في مواجهة الأعداد المهولة لمرضى “كورونا” وعدم الإسراع في “الإرتياح للوضع” و”تخفيف الإجراءات في وقت مبكر”، أشار مدير مستشفى بيروت الحكومي فراس أبيض، في تغريدة له إلى أنه “خلال الأسبوع الماضي، ارتفع العدد اليومي لمرضى “الكورونا” المتواجدين في العناية المركزة 163 مريضاً (21.7%)، بينما زادت سعة اسرة العناية 129 سريراً (15.4%). خلال الفترة ذاتها، توفي 404 من مرضى “الكورونا”، ويفترض أن العديد منهم كانوا في العناية. تبلغ نسبة إشغال اسرة العناية 94.4% حالياً” وأنه قد “تم إجراء 122,520 فحصاً للمرضى المحليين. بلغ متوسط معدل إيجابية الفحوصات 22.3% بعد 10 أيام من الإغلاق الصارم مع الامتثال الجيد، وعليه لا يوجد دليل واضح على أن انتشار الوباء آخذ في الانحسار ولا يجب إصدار الأحكام حالياً، كما من المتوقع أن يزداد الطلب على أسرة العناية المركزة”.

 

وعطفاً على مرحلة الخطر والعشوائية هذه، يقول المدير الطبي في “المركز الطبي للجامعة اللبنانية الأميركية – مستشفى رزق” الدكتور جورج غانم لـ”نداء الوطن”، إن “الفشل الذي يعاني منه القطاع الصحي اليوم يتمثل أولاً في عدم وجود ثلاثة مكونات أساسية للنجاح في مثل هذه الأزمة: لا قيادة واضحة، لا شفافية، لا توقع تخطيطي. أي يجب أن نخطط للأسوأ وأن نعمل للأفضل. كما لا بد من الإضاءة على فشل الحكومات المتعاقبة في رفع مستوى المستشفيات الحكومية في عموم المناطق اللبنانية، خاصة وأن هذا النوع من الأزمات الصحية كان من المفترض أن يتعامل معها القطاع العام وأن يكون القطاع الخاص بمثابة داعم أو خطة بديلة، تُترك لوقت “الذروة”، ناهيك عن الديون الضخمة غير المسددة للقطاع الخاص الذي يواجه الأزمة بمفرده وموارده الخاصة”. ويتابع: “وصلنا في مستشفى رزق إلى حد المعالجة في الباحة! وما أوصلنا إلى هذا الحد ما هو إلا عدم قيام الحكومة بأكملها (وزارات الصحة، الشؤون الإجتماعية، الاقتصاد، العمل…) بالدعوة إلى خطة شاملة متكاملة لتغطية مرضى “كورونا”، تشمل التأمين الخاص والتأمينات الاجتماعية وتغطية وزارة الصحة العامة، وعدم قدرة الحكومة على السيطرة على السوق السوداء بالإضافة إلى الأزمة المالية ونقص العملة الصعبة”.

 

كما عرض غانم حلولاً فورية أهمها: “ضمان المساعدة الفورية للمستشفيات الكبرى من حيث المعدات (أجهزة التنفس الصناعي، آلات الأوكسجين عالي التدفق، الشاشات، المضخات…)، من وزارة الصحة أو أموال البنك الدولي التي بالمبدأ تخصص بحسب اللوائح المنشورة على موقع البنك الدولي الالكتروني ملايين الدولارات لذلك، أو حتى طلب التغطية من منظمة الصحة العالمية”، كما طالب “بمساعدات مالية لتعيين المزيد من طاقم التمريض، والسداد الفوري (سلفات) لهذه المستشفيات المخصصة لتغطية مرضى كورونا بمعزل عن الديون المتراكمة السابقة، والنشر العاجل للمستشفيات الميدانية المتوفرة بالتعاون مع المستشفيات الكبرى مع العلم أن 80% من مرضى “كورونا” يحتاجون فقط إلى الأوكسجين والمصل وبعض الأدوية”.

 

بالمحصلة لم يشكل أداء النخب الصحية التي اعتلت موجات “الإنتصار” عائقاً أمام انتشار الوباء، وبانتظار الخطة الموعودة يأمل المواطنون أن تكون بمستوى يرقى إلى التحديات الهائلة التي تواجه أجسادهم المنهكة. وهو آخر ما لدى الشعب من ممتلكات لم تُنتهك!