IMLebanon

«كورونا» والجهل

 

حان وقت الجد! انشغل العالم أجمع بفيروس كوفيد-19 منذ ما يزيد عن السنة، فكان الناس رهائن الجهل عموماً. جهل ماهية هذا الفيروس الذي ضرب البشرية. جهلٌ شارك فيه العلماءُ عامّةَ الشعب، بالرغم من الزخم العلمي الملحوظ الذي بُذِل في غير مختبر من أجل تطويقه، إن باللقاح الفاعل أو بالدواء الناجع. وحتى الآن ليس ثمّة دواء أو لقاح يُمكن أن يكون أحدهما قاضياً على هذه الجائحة، ويكون الثاني قادراً على وقف فعلها.

 

«المرء عدو ما يجهل». هذا ليس كلاماً في فراغ، إنه مُحصّلة تجارب أُمم وشعوب. ما أدّى إلى أخطاء كُبرى شارك فيها حتى رؤساء دول عُظمى، كما فعل رئيس أميركا السابق دونالد ترمب، الذي لم يكتفِ بأن تعامل مع كورونا بجهل، بل أيضاً بغباء قلّ نظيره، ويكفي موقفه من الكمامات الذي بدّله غير مرّة، إذ كان يُفاخر أحياناً بنزع الكمامة والرمي بها بعيداً، ثم يبدو في فيديو لاحق وهو يتكمم، إلى ما هنالك من الصبيانيات التي يُستغرَب صدورها عن أطفال الأزقّة فكم بالحريّ عن رئيس الدولة الأكبر في العالم.

 

ولم يُقتصر الجهل على الرؤساء المزاجيين، ولا على الناس العاديين وهم بالمليارات، بل شمل أيضاً المنظّمات المعنية. وهذا ما شاهدناه، خصوصاً، في الذبذبة في مواقف وقرارات وبيانات منظّمة الصحة العالمية… ولو راجعنا تلك كلّها، لصَدَمَنا التناقض بين بيانٍ أُصدِر أمس وآخر أُصدِر قبله وثالث يُصدر اليوم…

 

ويجدر الاعتراف بحقيقة أن للتناقض أسباباً موجبة، كون الفيروس اللعين مُستجداً على العلم والعلماء، وإن كانت ثمّة دراسات تُؤكد أنه معروفٌ منذ نحو عقدَين على الأقل، ولكنه لم يكن تحت الرقابة والمعالجة.

 

الحقيقة الواحدة، الثابتة، المؤلمة، أن كوفيد-19 وأبناء سلالته هم قَتَلة، وأن أرقام الضحايا في العالم بالملايين، وأننا في لبنان بدأنا ندفع ضريبته المُرتفعة جداً بما يُراوح بين ستين وتسعين ضحية يومياً، وهذه أرقامٌ مُخيفة في وقتٍ ليس مَن أو ما يُؤكد على أن الدواء الناجع ممكن أن يبدو في المستقبل المنظور، وعلى أن اللقاح الفاعل هو فاعلٌ فعلاً. إذ من السابق لأوانه معرفة ما سيترتّب على «الطعم» من نتائج سلبية قد تكون في غاية الخطورة. إضافة إلى أن أكبر مناعة يُوفّرها اللقاح لا تتجاوز الأشهر الثمانية في أحسن الحالات.

 

في هذا الوقت، يُخيّم على كل بيت في لبنان تقريباً شبح الحزن جرّاء رحيل قريب أو نسيب أو حبيب أو رفيق بين الضحايا الذين يتساقطون يومياً في مخالب وأنياب هذا الفيروس-الوحش الفتّاك.