IMLebanon

“كورونا” يشلّ حياة اللبنانيين وخطر على السجون… وزارة الصحة تتوقع الأسوأ

 

متأخراً أتى قرار الحكومة بوقف الرحلات مع ايطاليا وايران وكوريا الجنوبية والصين، كما وقف الرحلات من كل الدول التي تشهد تفشياً لـ”كورونا” وإعطاء مهلة 4 ايام للبنانيين الراغبين بالعودة. فالحكومة احتاجت أن تنتظر أسابيع، ينتشر خلالها المرض، وتعلن وفاة مواطنين اثنين وترتفع وتيرة العدوى، لتعلن إيقاف هذه الرحلات. الموضوع نفسه كان محور أسئلة الصحافيين ولومهم للحكومة، في المؤتمر الذي عقده رئيسها حسان دياب بعد اجتماع لجنة الطوارئ التي بحثت بملف فيروس كورونا. دياب الذي بدا منزعجاً من أسئلة الصحافيين ومصراً على أنه قام بواجبه، أنهى مؤتمره بالإشادة بنفسه، قائلاً بأن سفراء زاروه يهنؤونه بالإجراءات التي اتخذها لبنان منذ البداية.

 

مؤتمر دياب الذي رفض فيه إعلان حال الطوارئ لم يرح اللبنانيين، الذين ازداد ذعرهم من الإعلان عن ثاني حالة وفاة أمس وارتفاع عدد الإصابات. وسارعوا للتوجه إلى المحال التجارية لشراء حاجاتهم بعد أن أشيع خبر عن التوجه لإعلان حال الطوارئ، قبل المؤتمر، فظهرت صور الازدحام في هذه المحال. في مشهد يظهر أن هلع اللبنانيين دفع بهم لرفع احتمال إصابتهم بالفيروس، جراء الاكتظاظ الذي سببوه في هذه المحال. وتعليقاً على مؤتمر دياب طالب قسم كبير من اللبنانيين المذعورين الحكومة باتخاذ إجراءات أكثر صرامة، لكن الحكومة التي سهّلت تفشي الفيروس بداية لأسباب سياسية، تحاول اليوم التعامل مع كل مرحلة بوقتها. فقد أعلن دياب أن لجنة متابعة التدابير الوقائية تواصل رصد كل الحالات ومدى تطور انتشار الفيروس وترفع توصيات بناءً على ما يستجد، مضيفاً أن القوى الأمنية ستعمل على مراقبة تطبيق الإجراءات المتخذة. وفي حين حاول دياب التهرب من مسؤولياته بخطاب سياسي، أعلن أنه طلب من الادارات العامة والبلديات وضع جدول مناوبة بالحد الادنى من الموظفين، واتخاذ جميع التدابير لمنع التجمعات العامة والخاصة. كما طلب من أرباب العمل في القطاعات كافة اتخاذ التدابير لحماية العمال.

 

وزارة الصحة تحاول تأخير التفشي

 

يؤكد مدير عام وزارة الصحة، وليد عمار، لـ”نداء الوطن” أن “وضع لبنان جيّد مقارنة مع دول أخرى، فلم تعلن أي دولة بأنها سجلت إصابة قادمة من لبنان”. وعن توقعاته لجهة وتيرة انتشار الفيروس، يرى عمار أنه “من المفترض أن نتوقع الأسوأ لنكون مستعدين. فالآلاف أتوا من مناطق انتشر فيها المرض، طلبنا منهم التزام العزل المنزلي”. ويبدو ان الوزارة مرتاحة حتى الآن لتمكنها من معرفة مصدر الحالات، ويقول مديرها أن في لبنان “عدوى محلية لكن لا انتشار محلياً للفيروس وهناك فرق بين الاثنين”. وفي حين يتخوّف المواطنون من تفشّي الفيروس، “تتخذ الوزارة التدابير الصحية لتأخير تفشيه قدر المستطاع، فكلما تأخر الأمر كلما فتح المجال أمام المستشفيات كي تتهيأ، وكلما كانت هناك فرصة للاقتراب من إيجاد العلاج”، يقول عمار.

 

هو إذاً سباق مع الوقت يخوضه العالم وكذلك لبنان الذي يتوقع مسؤولوه كما مواطنوه تفشي المرض فيه. ويؤكد عمار أنّ “كل المستشفيات ستكون على استعداد عندما يتفشى المرض، بعضها باشر بالاستعداد وبعضها بدأ باستقبال حالات. فالمستشفيات باتت مستنفرة. وكلما ازداد عدد المصابين كلما تخطى الإمكانيات، لكن العمل جار على قدر عال من المهنية”. أما مستشفى الحريري الذي يبدو أنه سيبلغ قدرته الاستيعابية قريباً، فوفق عمار “كانت مهمته استيعاب الصدمة وهو ما جرى”. وفي حين بدأ يرتفع عدد الإصابات التي تكتشف كل يوم، بعد أن تمكنت مستشفيات أخرى من الحصول على فحص كشف الإصابة، فقد فرضت تعرفة 150 ألف ليرة لقاء الفحص الذي يمكن إجراؤه مجاناً في مستشفى الحريري. ويبرر عمار تحديد الوزارة هذه التعرفة بأن “بعض المراكز فرضت تعرفة بين 400 و450 ألفاً”. وينفي المسؤول في الوزارة وجود حالات يتم التكتم عنها، مؤكداً أن “لبنان يعلن عن كل الحالات التي تكتشف، وبأن الوزارة تقوم بتحقيق وبائي مع الذين تتأكد إصابتهم لمعرفة مع من تواصلوا”. ويدعو عمار المواطنين إلى استيعاب وجود خطرٍ والالتزام بالتدابير الوقائية.

 

ولدى سؤاله عن الخطيئة الأولى التي لام مواطنون الوزارة عليها، إثر السماح لركاب الطائرة التي حملت أول إصابة بالاختلاط بالناس، يجيب عمار بأنه لا يذكر التفاصيل، لكنه يؤكد أن “الوزارة يومها قامت بالإجراءات اللازمة”. وبالعودة إلى الحالة الأولى فقد أثار إعلان وزارة الصحة أمس عن أول حالة شفاء لمواطنة أصيبت بالفيروس وأدخلت الى مستشفى الحريري بتاريخ 20/‏2/‏2020 الشكوك والتساؤلات. إذ أن الوزير كان قد أعلن عن الحالة الأولى بتاريخ 21 شباط، أي بعد يوم من دخول السيدة التي شفيت إلى المستشفى. ما يطرح تساؤلاً عن احتمال إخفاء الحالة. وفي حين يواجه ممرضو وأطباء مستشفى الحريري والعاملون فيه خطر الإصابة بالمرض، أعلنت لجنة مستخدمي مستشفى الحريري الاضراب بدءاً من صباح اليوم. فالمستخدمون شكوا من إهمالهم وتعريضهم وعائلاتهم للخطر جراء غياب وسائل الحماية والإجراءات الوقائية. ويعدّ هذا الإعلان فضيحة، إذ يشير إلى احتمال تحول المستشفى التي تعالج المرض إلى ناشر له، في حال لم تتخذ سريعاً الإجراءات التي يطالب بها المستخدمون.

 

وفي حديث إلى “نداء الوطن” يقول أحد الأطباء الذين يعالجون مرضى “كورونا” في مستشفى الحريري، إن الحالات التي تأكدت إصابتها بالفيروس مؤخراً هي لمرضى احتكوا مع مصابين، “أي كان يمكن تفادي الإصابة بالفيروس لو لم يسلموا على مصابين ويقبّلوهم”. ويؤكد الطبيب أن “المرضى في المستشفى يخضعون لحجر تام ويمنع على أحد زيارتهم”. ويتخوّف الطبيب من “انتشار الفيروس في لبنان نتيجة استهتار المواطنين وعدم التزامهم منازلهم”. أما بالنسبة لخطر الإصابة التي يواجهها الأطباء الذين هم على تماس مع المرضى، فيقول: “نلتزم بتعليمات منظمة الصحة العالمية ونسبة الخطر قليلة”.

 

وضع السجون خطير

 

وفي حين يملك المواطنون العاديون القدرة على اتخاذ إجراءات الوقاية وتجنب الأماكن المكتظة، تثير الأوضاع المزرية داخل السجون الخوف من وقوع كارثة في حال انتقلت العدوى إلى داخلها. وتحذّر المحامية زينب زعيتر من خطر انتشار الفيروس في سجن رومية وبقية السجون. فوفق المحامية التي زارت السجون وشاهدت الإجراءات المتخذة هناك، فإن قوى الأمن الداخلي تراقب حرارة الداخلين وتقوم بتعقيم الهواتف ويحاولون أخذ احتياطات. كما تم إيقاف سوق المساجين إلى الجلسات خشية إصابة أحدهم. “لكن أوضاع السجون مزرية ولا يتم التأكد من سلامة الأغراض التي تدخل الى السجن. المساجين مرعوبون. فهم لا يملكون امكانيات للتعقيم. ويعيش ما بين 20 إلى 30 شخصاً في غرفة من المفترض أن تتسع لأربعة. فكيف سيتمكنون من التزام معايير التنظيف والوقاية؟”. كذلك تلفت زعيتر إلى خطورة الوضع في النظارات حيث يدخل أشخاص باستمرار. وتشير إلى أن “لا مستوصفات مؤهلة في السجون لمعالجة المساجين والكشف على الإصابات”.

 

من جهته يؤكد عمار خطورة الوضع في السجون، “فالسجون مسألة خطيرة”. لكنه يعلن أن الوزارة تعمل مع منظمة الصحة على تدريب كل من يتعاطى مع المساجين كي لا تنتقل أي عدوى، وعلى حصر الزيارات وتدريب المسؤولين على كيفية حماية المساجين”. لكنّ هذا الإعلان وإن بدا إيجابياَ يكشف أننا ما زلنا في مرحلة التدريب، في حين أن الواقع يفرض اتخاذ إجراءات أسرع.