بالمباشر، يتحمل الرئيس عون و”حزب الله” المسؤولية عن وضع حد لـ “الشاب الشقي”. فالرئيس الذي يدافع بلا كلل ولا ملل عن صهره الوزير يعتبر انه لم يرتكب شيئاً حتى الآن وأن زياراته الى المناطق حق بديهي، فيما أثبت الأخير بالملموس انه أينما حلّ يسود التوتر ويثار جوٌّ طائفي. و”حزب الله” الذي أدّى دوراً أساسياً في تعيينه رئيساً لـ “التيار” يضع نفسه في موقع رمادي: يتضامن مع باسيل وحلفائه ثم يغرق بالصمت تاركاً لـ “مقياس التوتر” مهمّة تحديد توقيت التدخّل المفيد، وهو يعلم علم اليقين أنّ تغطية باسيل وعون له في موضوع السلاح لا يجوز أن تصرف يومياً على حساب اللبنانيين.
ليست المسألة حملةً على وزيرٍ صار معادياً لأكثرية القوى السياسية والمواطنين. ولا هي “باسيلوفوبيا” تهيمن على ذهن المتعاطين بما يفعله باسيل. لكن الضرر بات شديداً لدرجة ان السكوت عمّا يتسبب به الجائل في القرى بدل عواصم القرار، يعدُّ مشاركة في الجرم، وليس مجرد غضّ طرف في انتظار أن يلهم الله من ضلّ سواء السبيل.
لسنا في وارد إخافة اللبنانيين. لكنهم باتوا يعلمون انّ الأمل في تحسين ميزان المدفوعات عبر موسم سياحي نشط أصيب بنكسة جديّة بعد حادثة الجبل التي استهلها الـ “باش مهندس” في قبرشمون. فرحلت عائلات مصطافة وألغيت حجوزات كثيرة، وخسر البلد ما خسره. ويعود لحاكم مصرف لبنان بالطبع الإفصاح عن رقم التدخل في السوق دفاعاً عن سعر الليرة بفعل آخر اضطراب أمني، وهو بمئات ملايين الدولارات اذا التزمنا جانب التحفظ الشديد.
ليست هذه تفاصيل في بلد يرزح تحت مديونية تتجه نحو المئة مليار دولار، ويعاني عبء النزوح السوري وبطالة فلكية، ناهيك عن باقي المعزوفة من هدر وتلوث وفساد مالي وسياسي وقضائي.
لذلك نتمنّى على الرئيس عون و”حزب الله” بالتضامن والتكافل، باعتبارهما الغطاء الفعلي للوزير باسيل وحلفائه، واحد بالسياسة وآخر بفائض قوة السلاح غير الشرعي، ممارسة أدنى حد من الواجب الوطني إن لم تحركهما الرأفة بمستقبل الشباب والفقراء المعدمين. فهما قادران على تبريد الجو السياسي من خلال صب الماء على الرؤوس الحامية في موضوع المجلس العدلي والاكتفاء بالاحتكام الى القضاء العادي، والتشجيع على استئناف العمل الحكومي لإقرار موازنة جريئة تدخل فعلاً الى مجالس الهدر التاريخي ولا تخشى “ميليشيا” العسكريين المتعاقدين، فترفع بعض الخوف من وكالات التصنيف العالمية وتعيد بعض الأمل بإمكان الحؤول دون تدهور اقتصادي ومالي شنيع.
رئيس الجمهورية و”حزب الله” مسؤولان، وواجبهما المبادرة لوقف مسلسل التوتر والتعطيل. أما باسيل فمجرد تفصيل.