Site icon IMLebanon

تصحيح «الخلل» في العلاقات بين «المستقبل» و«حزب الله» ضرورة الضرورات؟!  

لم يطرأ على المشهد اللبناني أي جديد جوهري يذكر، بخلاف ملء الشغور في سدة الرئاسة الأولى أواخر تشرين الثاني الماضي، والذي تعزز لاحقاً بتشكيل «حكومة جامعة» برئاسة الرئيس سعد الحريري نالت ثقة نيابية وازنة على رغم غياب ما لا يقل عن ثلاثين نائباً عن جلسة منح الثقة..

قد يكون من المبالغة في التفاؤل القول ان ما بعد انتخاب الرئيس وما بعد تشكيل الحكومة هو بالضرورة غير ما قبلهما لجهة العلاقات.. وان العلاقات بين الافرقاء الذين باعدت بينهم المواقف والتطورات والقرارات والمشاريع في الداخل، ستعود الى وضعها الطبيعي، والجميع متفق على ان التطورات الحاصلة على المستويات الدولية والاقليمية والعربية كافة بالغة الدقة والخطورة وان التحديات الناجمة عنها تستدعي تحصين الجبهة الداخلية وقطع الطريق على أية تسللات.. واعادة النظر بالمواقف والاصطفافات التي سادت على مدى السنوات السابقة

من قبل ان يجلس الرئيس سعد الحريري الى طاولة الرئاسة الثالثة، والى جانبه وزراء «حزب الله» وحلفائه.. أريد للعلاقة بين «المستقبل» و»الحزب» ان لا تخرج عن دائرة الضبط، فكانت جلسات «الحوار الثنائي» برعاية الرئيس نبيه بري، التي شكلت «ربط نزاع» وتنفيساً بقدر للاحتقانات التي أخذت في العديد من المرات طابعاً مذهبياً..

كثيرون كانوا على قناعة ان لا شيء من دون ثمن.. وعندما يسأل هؤلاء عن الثمن المطلوب يتبين استحالة دفعه، لا دفعة واحدة ولا بالتقسيط، وبقي عامل «السلاح غير الشرعي» حاضراً في كل مناسبة، صغيرة كانت أم كبيرة، ومانعا من العبور الى خلاصات وتوافقات ومشاريع بات لبنان بأمسّ الحاجة اليها، من مثل قانون جديد للانتخابات النيابية، واجراء الانتخابات في موعدها في حزيران المقبل..

في البيان الصادر عن كتلة «المستقبل» أول من أمس، بعد اجتماعها الاسبوعي برئاسة الرئيس فؤاد السنيورة، ذكرت الكتلة أنها «تتمسك بصيغة القانون المختلط بين النظامين الأكثري والنسبي والذي تشاركت بتقديمه مع «القوات اللبنانية» و»اللقاء الديموقراطي» (بزعامة وليد جنبلاط) كصيغة مرحلية قابلة للتطبيق، وذلك الى ان تزول سلطة وسيطرة منطق السلاح الميليشياوي الذي يتلاعب ويخل بالتوازنات التي يقوم عليها لبنان..» مع استمرار «السلاح الميليشياوي» يستحيل في رأي «المستقبل» اعتماد نظام النسبية الكامل الذي يسمح بتمثيل مختلف شرائح المجتمع اللبناني بشكل عادل ومنصف بعيداً عن هيمنة وتأثيرات ووهج السلاح غير الشرعي..».

الرسالة وصلت.. وأولوية الحكومة   التي جرى الحديث عنها طوال الأيام الماضية لجهة اقرار قانون جديد للانتخابات، ستكون في مأزق بالغ الدقة.. والحوار المفتوح بين «المستقبل» و»حزب الله» برعاية الرئيس بري – الذي يرفض بدوره صيغة العودة الى قانون الستين او القبول بصيغة المختلط بين الاكثري والنسبي كما يقدمها الثلاثي «المستقبل» و»الديموقراطي» و»القوات» – لم يعد مطلوباً من أجل «تنفيس الاحتقانات» بقدر ما بات مطلوباً، اللقاء، وعلى أعلى المستويات بين الأمين العام لـ»حزب الله» السيد حسن نصر الله، والرئيس سعد الحريري، من أجل «تدوير الزوايا» وتقديم التضحيات من أجل لبنان، الكيان والشعب، الحاضر والمستقبل..

لكن السؤال يبقى الى أي مدى هذا الاحتمال ممكناً، وهل تتقبله قيادات نافذة في «المستقبل» كما وفي الحزب؟!.

ليس من شك في ان المشهد الذي «يتغير» بحدود او بأخرى في المنطقة، يوفر فرصة لـ»تدوير الزوايا..»، لكن الى أي مدى؟ وهل ينجح الرئيس بري في توفير «لقاء الضرورات» بين نصر الله والحريري؟! ليكون اللقاء الثاني بينهما منذ نحو سبع سنوات؟!

من الصعوبة بمكان الحديث عن ذلك في هذه الأوقات، خصوصاً وأن مواقف الحزب من المملكة العربية السعودية والعديد من دول الخليج لم تتغير، وهي ماتزال على حالها، الأمر الذي يوفر فرصة لممانعي اللقاء في ان يستمروا في ممانعتهم؟! على رغم ان رئيس الجمهورية يعدّ العدّة مطلع الاسبوع المقبل ليفتح زياراته الخارجية بزيارة الرياض بدعوة من العاهل السعودي؟!

المفارقة، أنه وفي وقت يظهر «حزب الله» انفتاحاً ملحوظاً على سائر القوى السياسية، والروحية في لبنان، فإنه يمسك نفسه عن الانفتاح على «المستقبل»، خارج «الحوار الثنائي»، وكذلك بالنسبة لـ»المستقبل».. على رغم ان قناعة عديدين باتت تشدد على وجوب انجاز هذا المطلب الذي بات ممراً الزامياً لنجاح العهد والحكومة.. وغير فريق يدعو لأخذ العبرة من العلاقات – المسيحية – المسيحية، التي كانت في وضع لا تحسد عليه.

صحيح ان «الواقعية» التي يتصف بها رئيس «القوات» سمير جعجع غير متوافرة عند عديدين، وهو صاحب القول: «من يتقدم نحونا خطوة نتقدم نحوه عشر خطوات..» وزيارة وفد «حزب الله» الى بكركي الاسبوع الماضي (29 الشهر الماضي) لم تكن لمجرد تقديم التهاني بالأعياد، بل رسالة الى «القوات» عبر البطريرك الراعي خلاصتها «ان الظروف الموجودة اليوم في لبنان ستفرض حتماً نوعاً من التواصل، وهذا التواصل، نأمل أن يصل الى مدى سياسي معين ونحن منفتحون على هذا الموضوع..».

في لقاءاته المتكررة، يتعمد الرئيس بري الاستعانة بالأمثلة الشعبية، وهو يعرف ان فرص الوصول الى النسبية كاملة مستحيلة، أقله في هذه المرحلة، وعليه فهو يشجع على الحوار المنفتح من دون أية قيود على قاعدة: «ما لا يدرك كله لا يترك جلّه..»؟!