IMLebanon

«تصويب» المبادرة الرئاسية لإخراجها من دائرة «التصويب»

«14 آذار» تتماسك «مبدئياً».. والاعتراض مستمرّ

على الرغم من محاولات إعادة شد العصب في صفوف قوى «14 آذار»، والتي شارك فيها كل من الرئيسين سعد الحريري وفؤاد السنيورة ورئيس حزب «القوات اللبنانية» سمير جعجع، إلا أن تلك المحاولات ظلت في إطارها الكلامي الذي نجح في إبقاء «إطار» التحالف وإن كانت الصورة في داخله قد شَحُبَت ألوانها. كما أن تلك المحاولات لم تستطع أن تبدّد حجم الاعتراض لدى مكونات أساسية في هذه القوى من اسلوب التهميش والاستبعاد عن دائرة القرار. لكن الواضح أن محاولات استعادة اللحمة إلى قوى «14 آذار» هدفها الرئيس بالنسبة إلى الرئيس سعد الحريري هو «تصويب» مسار مبادرته بترشيح النائب سليمان فرنجية، لإخراجها من دائرة تصويب حلفائه عليها والذي قد يصيب منها مقتلاً، بعد أن أصابتها طلقات حلفاء فرنجية بالتخدير.

يعترف قياديون من قوى «14 آذار» باتساع حجم الهوّة بين مكوّناتها، «لم يعُد هذا الأمر بحاجة إلى اعتراف، فالخلافات خرجت إلى العلن». في جردة حساب سريعة، يُرجع هؤلاء القياديون أسباب هذا التصدّع إلى «تراكمات بدأت في العام 2005 ولا زالت مستمرة الى اليوم، اذ ينتقل فريقنا من خيبة الى أخرى ومن نكسة الى هزيمة».

يُعزّي قياديو «14 آذار» أنفسهم بأن ما أصابهم قد أصاب أيضاً قوى «8 آذار» بعد مبادرة الرئيس سعد الحريري بترشيح سليمان فرنجية لرئاسة الجمهورية «حالهم ليس افضل من حالنا، باستثناء ميزة لا بد من الاعتراف بها وهي تخص حزب الله الذي يعلن ويمارس حرصاً شديداً على حلفائه ويلتزم بكل تعهداته، ولم يُقدِم على أمر خارج اطار التشاور الواسع».

وقعت المبادرة الرئاسية كالصاعقة على مكوّنات «14 آذار»، إلا أن بعض القياديين في هذه القوى يرون أنها «مبادرة واقعية منطلقة من قراءة لحقيقة المشهد»، وهم ينظرون إلى هذه «الواقعية» باعتبارها خياراً يمنع تجرُّع الخسارة مجدداً». إلا أنّهم يرون أن المبادرة «شابها الاستعجال. وبعد سنة ونصف السنة من الشغور في سدة الرئاسة، وقعوا في خطأ التسرّع بكيفية الطرح، لان خطوة كهذه كان من الافضل أن تُدرس أكثر حتى لا تشكل هذه الصدمة لدى الفريقين، مما عرّضها لقوة صدّ لا يُستهان بها فرمل من اندفاعتها الأولى التي وصفت بالصاروخية».

تلك الاندفاعة التي تسببت بصدمة في الانقسام السياسي اللبناني، رفعت من منسوب الخشية أن تؤدي إلى التفرقة داخل الصف الواحد نتيجة حجم الاعتراض على عدم الشراكة في صياغة التوجه والقرار، مما قد يؤدي بالتالي الى تفرقة وطنية او إلى توترات تدفع الى الدخول في مزيد من التنازلات من الأطراف كلّها. يعتقد هؤلاء القياديون أن «المشكلة كانت بعدم التنازل، إلى أن كشفت المبادرة عن تنازل كان يمكن حصوله قبل سنة ونصف السنة. لذلك كان هناك تسرّع أضاف إلى الغموض الذي اكتنف المبادرة الرئاسية مزيداً من الشكوك، ولو تمّ التعاطي بأسلوب آخر لما اتهمت المبادرة بعدم الشفافية من قبل حلفاء الصف الواحد».

ترفض تلك القيادات في «14 آذار» المواقف التي «تحرّم» على الرئيس سعد الحريري أن يرشح مارونياً للرئاسة «يتمّ الترويج أن في ذلك مصادرة لحقوق المكوّن المسيحي. هذا خطأ كبير. هذه المواقف تصعّب إمكانية صياغة تفاهم ما مع الشريك الآخر في الوطن. وبالتالي فإن إدراج الترشيح بأبعاد طائفية لا معنى له على الإطلاق، الا اذا كان الامر يأتي من باب الكيدية التي ليس وقتها ببعدها الطائفي».

يأخذ هؤلاء القياديون من «14 آذار» على الرئيس الحريري أنه «لم يعرف كيف يرشّح»، في اعتقادهم أن الترشيح كان يجب أن يأتي من قوى «8 آذار» على أن يقبل به الحريري، وليس العكس. وأنه كان بإمكان الحريري وفرنجية أن يتفقا على «ان يتولى فرنجية العمل لدى 8 آذار لفرض ترشيحه، على أن يتلقف الحريري الأمر وفق تسوية شاملة تريح الحلفاء ولا تستفز الخصوم».

ويستدرك هؤلاء بالتأكيد أن «هذا لا يعني سقوط المبادرة. المبادرة لم تنتهِ والمسار لا زال موجوداً وكل شيء ممكن في السياسة، فمن كان يعتقد أن الحريري يرشّح فرنجية وأن يكيل رئيس النائب وليد جنبلاط المديح لفرنجية؟».