IMLebanon

قراءات الممر الالزامي  في مأزق وطني وسياسي

الشغور الرئاسي ليس كل المأزق الوطني والسياسي الذي تدور فيه التركيبة السياسية. ولا أحد يعرف الى متى يستمر الدوران فيه، بدل العمل الجدّي للخروج منه. فهو مأزق، بعضه من صنعنا، وبعضه الآخر من صنع سوانا، بحيث يختلط الخيار بالقدر. ولا مجال للهرب منه بالصلوات والتمنيات وحتى بالرغبات، ما دمنا نربط انتخاب رئيس للجمهورية بتسوية اقليمية مفترضة بين ايران والسعودية تحت رعاية أميركا وروسيا في مرحلة ما بعد الاتفاق النووي.

وليس أخطر من الدوران في المأزق سوى الثبات على مواقف جامدة يصعب صرفها سياسياً، ويسهل الانهيار الاقتصادي من تحتها. فلا الدوران في الفراغ رياضة مجانية. ولا الثمن السياسي الذي يتخوّف البعض من ان يدفعه في الاتفاق على مخرج من المأزق تمكن مقارنته بالثمن الباهظ وطنياً وسياسياً واقتصادياً واجتماعياً الذي يدفعه الجميع باستمرار الدوران في المأزق. ولولا الفراغ السياسي الذي يدفع أحياناً الى تمارين عبثية في ملء الفراغ بالفراغ لما انشغل البلد الغارق في النفايات والنكايات بزوبعة في فنجان الممر الالزامي. وهو بالطبع التعبير الذي استخدمه الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله في خطاب وادي الحجير بالقول ان العماد ميشال عون ممر الزامي الى انتخاب الرئيس والعمل الحكومي.

ذلك ان القراءات في التعبير أعطته تفسيرات تلائم المواقف السياسية لأصحاب القراءات. وهي تركزت على نقطة اساسية خلاصتها ان دعم حزب الله للعماد عون تدرّج من مرتبة المرشح الالزامي لاتمام الاستحقاق الرئاسي الى مرتبة صاحب الرأي الالزامي في اختيار المرشح للرئاسة.

ومن هنا لجوء السيد نصرالله الى التوضيح لتأكيد ما قصده عبر الموقف القوي الذي جرى تفسيره بما يفيد التوهين. فلا تغيير في دعم العماد عون كمرشح طبيعي، قوي، وله قاعدة تمثيل عريضة ونحن كنا وما زلنا وسنبقى ندعم هذا الترشيح، وعبارة الممر الالزامي لا تقدم ولا تؤخر ولا تغير ولا تمس ولا تضعف من قوة هذا التبني وهذا الالتزام. لا بل ان السيد نصرالله رأى في القول ان العماد عون ممر الزامي سواء كان مرشحاً أو لم يكن نوعاً من تعبير أعم. وهذا ما سيفتح الباب من جديد امام قراءات توحي أن ملف التوافق على مرشح ليس مغلقاً في مرحلة التحولات الاقليمية.

لكن المسألة ليست في المعنى بل في المبنى نفسه. فلا في الانظمة الديمقراطية شيء اسمه ممر الزامي هو امر طبيعي في الانظمة الشمولية. ولا في الديمقراطية اللبنانية، على علاتها وسلبياتها، ما يصح سوى التسويات. واذا كان لمستقبل لبنان واللبنانيين من ممر الزامي، فانه ليس السجال حول التعطيل وتعطيل التعطيل بل الحوار لبناء مشروع الدولة.