إلى مَن يرفع هذا الشعب شكواه؟
إلى حضرات التجار الكرام؟
إلى مستوردي القمح؟
إلى وزارة الإقتصاد لإثبات الجرم؟
هل إلى محكمة العدل الدولية؟
هل إلى منظمة الصحة العالمية؟
هل إلى المحكمة الجنائية الدولية؟
هل إلى الأمم المتحدة؟
أم لا شكوى إلاّ إلى الله؟
هذا شعبٌ أبيّ، هذا شعبٌ عنده كرامة، هذا شعبٌ رصيده ضميره، هذا شعبٌ عنده من نفسه، فمَن أنتم يا حكامه لتمارسوا في حقه شتى أنواع الإهانة والذل والتسميم؟
على بُعِد رمية حجر من ساحة الحرية والسيادة والإستقلال حيث نزل مليون ونصف مليون مواطن رفضاً للحروب والإغتيالات والموت، ترتفع إهراءات تختزن موتاً واغتيالات من نوع آخر، إنه الموتُ إغتيالاً بسرطانات القمح الفاسد!
هل يُعقَل أن يناضل اللبناني ضد الموت اغتيالاً بالتفجيرات ليموت اغتيالاً بالقمح المسرطن؟
أليس الذي يتسبب بالإغتيال بالسرطان مجرماً كالذي يغتال بالتفجيرات؟
أليس الموت واحداً؟
مَن أدخَل شحنات القمح المسرطن إلى لبنان؟
هل صحيح أنَّ كميات كبيرة من هذه الشحنات صارت في الأسواق وفي الأفران وتحوّلت إلى الخبز ومشتقاته وصارت على موائد اللبنانيين ليأكلوا السرطانات أكلاً؟
مَن هذا الذي اتخذ قراراً بتسميم أربعة ملايين ونصف مليون لبناني، ومليون ونصف مليون نازح سوري، ونصف مليون لاجئ فلسطيني؟
في وضح النهار، وليس تحت جنح الظلام تُرتَكَب الجريمة، وهي جريمة موصوفة ولا تحتاج إلى قرينة أو دليل. فجُرمُها منها وفيها. فمَن يسحب هذه المواد الجرمية من الأسواق؟
تبدأ السلسلةُ ولا تنتهي:
فسادُ القمح وسوءُ تخزينه وتوضيبه ونقله يؤديان إلى انتشار سمومٍ فطرية تنمو وتتكاثر في الطحين. والأسوأ عندما يجري رشُّ القمح، قبل استيراده أو خلال نقله بالبواخر أو خلال تخزينه داخل الأهراء، بمادة مبيدة للحشرات، بهدف الحؤول دون إصابته بالتسوُّس. وهذه المادة يقول الخبراءُ إنها سامة جداً للإنسان، وتتسبَّب بسرطان الكبد وسرطان الكلى، كما تؤدي إلى تشوهات خُلقية، وتؤثر على الجهاز العصبي لدى الإنسان، كذلك هي من الأسباب التي تؤدي إلى مرض الزهايمر.
ماذا تريدون أكثر؟
لا يتعلَّق الأمر بشحنات القمح فقط، بل إن بعض الأفران يكملون الجُرم، وهذا الكلام موثَّق في تقارير:
عدد من الأفران يلجأ إلى إضافة مواد كيميائية للعجين بغية إطالة مدة صلاحية الخبز، وهذه المواد الكيميائية تُستعمل في التحنيط وكمواد حافظة، وفي الخبز تُستخدم للحفاظ على الخبز لأطول فترة ممكنة ولتفادي العفن.
ومن فضائل بعض الافران أنها تلجأ إلى إعادة تذويب أرغفة الخبز التي لا تُباع في اليوم نفسه من تاريخ إنتاجها وتحويلها إلى عجين، وخلطها مع الخلطة الطازجة.
ماذا تريدون أكثر؟
وإلى أين سيصل إجرامكم بحق الشعب اللبناني؟
لوّثتم الهواء. خنقتم الناس بالنفايات. وثالثة الأثافي تُطعمون الناس خبزاً مسمماً مصنوعاً من طحين مسرطن، ومع ذلك تجلسون على طاولات الإجتماعات والحوارات لتوهموا الناس بأنكم تعملون من أجل الفاسدين.
لا، إنكم تعملون لأَجَلِهِم لا من أجْلِهِم.