Site icon IMLebanon

الفساد بين الأصيل والوكلاء

 

واضح أن مكافحة الفساد ستبقى دنساً بلا حَبَل يلد محاسبة واقتصاصاً من المرتكبين. سمعنا التعليمة التي تشي بذلك. تبرع بالإعلان عنها أحد عتاة طرابين الحبق من مرتزقة محور الممانعة. فقد اجتهد وحك دماغه. وأكد أن أحداً لم يضع بين يديه ملفات تدين من يتحكم بالملف ويحتكر حقيبته منذ عشر سنوات. واستخلص ان ما يثار بشأن فيول مغشوش هدفه إستبدال الإستيراد من الجزائر لمصلحة دولة أخرى.

 

هذا هو حجم المسألة. والباقي رماد في العيون، او مسرحية جديدة لا تخرج عن نمط سابقاتها بغية لفلفة فضيحة مستجدة من مسلسل فضائح سرقة المال العام.

 

ودرءاً للتهم الثابتة، تتكثف المؤتمرات الصحافية لوزراء الطاقة المحتكرة حقيبتها من العهد القوي. وينكرون كل ما يتم تداوله عن المذكرات التي وصلت إليهم عن الغش والصفقات ولم يحركوا ساكناً.

 

وربما لا يعرفون الا بحدود المطلوب منهم، لأنهم من رتبة مستشارين، أي وكلاء لا يحِلّون ولا يربطون ولا يتفاوضون، لأن الأصيل، على ما يروي أحد المفاوضين من شركة عالمية كبرى، هو المفاوض الأوحد، وهو الذي يعرقل مشروع شركته لحل أزمة الكهرباء المستعصية، والقاضية بتأمين التيار بعد سنة 24/24 ساعة، وبتأسيس معامل لها القدرة على تصدير الطاقة بعد أربع سنوات، وبكلفة لا تشكل عشر ما يهدر حالياً. وكان هذا الأصيل يضع العصي في دواليب أي مفاوضات مشترطاً إدراج بند للاستعانة بخدمات البواخر مرتين سنوياً، والا لا مشروع ولا عقود.

 

باختصار، وبالإذن من الحكومة التكنوقراطية، لا أمل بأن يتمكن القضاء من مكافحة فساد يبتلع البلد، ما دامت الأوضاع السياسية على حالها. فلا مافيات النفط ستتوقف ما دامت تغدق خيراتها على من يغطيها ويستفيد من خدماتها، ولا تهريب المازوت والقمح المدعومين والدولارات الى الشقيقة ستصيبه انتكاسة مع الأرقام التي تدين كل من يدعي التعفف عن الفساد والقدرة على السير بملفاته الى النهاية، ولا الأدوية المفتقدة الى شهادات الجودة العالمية ستجف منابعها، ما دامت السيادة مصادرة لمصلحة رأس المحور.

 

بالتالي هذه الوقائع، كما غيرها من الجرائم لن تؤدي الى المحاسبة الفعلية والفعَّالة للمجرمين الفعليين المنخرطين في الجريمة المنظمة التي تتحكم بإدارة البلاد، وتجعل أي هجوم على أي من المسؤولين والقطاعات كيدياً ومغرضاً وهدفه القضاء على أي منافس محتمل او زيادة نسبة المحاصصة للصالح الخاص. ربما يتم تقديم بعض كبوش الفداء ممن يمكن التضحية بهم. لكن ستبقى الأمور في هذه الحدود.

 

ومهما علت الضوضاء، لا بد ان تنحسر تجنباً لوصول الملفات والأدلة الى الخطوط الحمر، كالحدود الفالتة براً وبحراً ومطاراً..

 

والتلويح بالملفات لن يتطور الى أكثر من ذلك، ولعل تفادي التشكيلات القضائية غايته التمسك بمن يتمتع بمزيد من الحرص على عدم تطوره.

 

والنكتة أن الممانعة تتهم “القضاة الفاسدين” الذين لا تريد بدلاً عنهم، الا من هم أكثر طواعية.