IMLebanon

كالشعرة من العجين

 

حرصت منصة إعلامية تابعة لمافيا الممانعة على طرح اسم “دسم”، حسب مقاييسها، في قضية توقيف نقيب الصرافين في لبنان محمود المراد مع متورطين آخرين من صلب الممانعة يعملون على نطاق إقليمي. وبينهم إيرانيون، كما دلت التحقيقات.

 

وواضح من صيغة الطرح أن الغرض من الإتهام المجاني هو المقايضة أو التشهير، في ملف التلاعب بسعر صرف الليرة اللبنانية، ومع التمهيد الى احتمال عدم النيل من “متهمها” بسبب “تدخلات سياسية على مستوى عال”.

 

وكأن هناك قدرة لغير مافيا المحور على التدخلات السياسية والأمنية.

 

فقد حصل الأمر ذاته في قضية الشيكات المزورة لإغاثة المتضررين من حرب تموز 2006، التي انكشف أمرها، وتولت المنصة الإعلامية ذاتها الترويج بأن التزوير مصدره حكومة الرئيس فؤاد السنيورة، على رغم سوق المتهمين المضبوطين والمحسوبين على الممانعة، بالجرم المشهود الى السجن والقضاء.

 

آنذاك، تمت لفلفة القضية وخرج المذنبون بعد ثمانية أشهر من دون حساب او عقاب، ونسي الناس حقيقة من سرق تعويضاتهم، ليدينوا السنيورة والهيئة العليا للإغاثة. وحصل الأمر ذاته في قضية المتهم بقتل النقيب الطيار سامر حنا، وأيضاً في ملف الأدوية المزورة، المتهم به في حينه شقيق الوزير محمد فنيش.

 

ولا يبتعد المتهم الأساسي في قضية معامل الكبتاغون عن هذا المسلسل.

 

وكجائزة ترضية، لن تغير التحقيقات في واقع قضية الفيول المغشوش وكل تداعيات السرقة في ملف الكهرباء شيئاً.

 

فالتجربة علمتنا ان مافيا الممانعة وحدها تملك القدرة على سحب جميع المرتكبين من كل هذه الملفات كالشعرة من العجين. وتواظب على عمليات التهريب للنفط والقمح، كما هربت الدولار في السابق، وتتابع حملاتها ضد “الثلاثين عاماً الماضية” وتتغول في كافة الميادين، ثم تندد بالتهريب عبر الحدود.

 

والأهم انها تملك الكثير من الأوراق. تخرجها تباعاً. وتتفوق في الإثارة على حبكة المسلسلات الرمضانية التي منيت بتعطيلات أفقدتها استقطابها المشاهدين بسبب انتشار فيروس كورونا هذا العام.

 

وهي تبرع بالعمل على جبهات متعددة في وقت واحد. فقد بدأت السيناريوات بتحوير غضب الثائرين على الطبقة السياسية الحالية، وجرهم الى قناة المصارف وحاكم المصرف المركزي، وتوالت مع تأجيج العصب المذهبي، وآخرها بدعة التنافس بين سعد وبهاء الحريري التي تروج لها وترعاها برموش العيون.

 

وبالتزامن، ترفع نشراتها الصحية أعداد المصابين بجائحة كورونا. وخافوا أيها اللبنانيون وعودوا الى حجوركم لا تغادروها.

 

هنا، لعبة الأرقام هذه تكشف الكثير. تتدنى عندما يفترض تسجيل إنجازات، وترتفع عندما يفترض كم الأفواه.

 

وفي الحالتين تنعدم الشفافية والثقة. تماماً كما في كل الملفات الأخرى، التي لا تهدف الا الى القضاء على الساحة الوطنية لحساب ساحات الطوائف.

 

وفي كل الأحوال، تواصل المافيا جهودها للتحكم بمسار البلد ومصيره.

 

وفي حين تركز على ساحات الآخرين لتفخيخها، تنسى ساحتها الخاصة او تستهين بها، معتبرة انها في الجيب ولا شيء يدعوها الى القلق.

 

لعل هذه الاستهانة هي الخاصرة الضعيفة التي ستطيح بكل السيناريوات المحتدمة جبهاتها. حينها لن ينفع الحديث عن “تدخلات سياسية على مستوى عالٍ”، لأن مفاعيل سرقة المال العام وتأثيرها على البطون الخاوية ستقلب الطاولة، وتطيح جهود البارعين في لعبة تركيب الطرابيش وبهلوانيات المنصات الإعلامية المأجورة، الكفيلة بسحب المتهمين ومن يقف خلفهم كالشعرة من العجين.