IMLebanon

لا للإستنساب  

 

منذ نحو سنتين واللبنانيون صُمَّت آذانهم لشدّة التكرار: أبشروا، فالفاسدون إلى القضاء والفساد إلى التلاشي. فالقضاء آتٍ والقدر كذلك ليدخل الخير والبركة والبحبوحة من الباب، فالأمور ستُصلَح والأحوال إلى الأفضل بكثير. والدنيا ستكون بألف خير فتعمّ البحبوحة وينعم الناس بالخيرات.

 

ونودّ أن نقول إننا من أبناء الذين يعيشون الأمل ويؤمنون بالرجاء. ولكن لنعترف، في المقابل، بأنّ ما آلت إليه أوضاعنا هو ما يعرفه ويعانيه اللبنانيون ويضيعون في متاهاته إلى حدّ اليأس والكفر.

 

وإذ نعترف بأنّ هناك ورشة على الصعيدين التشريعي والتنفيذي من حيث الإجتماعات المتوالية في المقرّات الرسمية من قصر وسرايا وبرلمان خصوصاً على صعيد اللجان البرلمانية العديدة، فإننا لم نلمس حتى الآن شيئاً على الأرض.

 

نعرف أنّ مواجهة وحش الفساد الذي افترس هناء اللبنانيين وأطاح طمأنينتهم ورغدَ عيشهم وهناءهم ليست بالأمر اليسير. إذ دونها صعوبات، كون الفساد متغلغلاً في النواحي كافةً، وكون الفاسدين لم يتركوا ذرّة تراب واحدة يمكنهم أن يجنوا حصاد فسادهم فيها، إلا استغلّوها… وبالتالي فإنّ هذه المواجهة ليست بالأمر السهل، ولكنّ التوصّل إلى النتائج ليس مستحيلاً إذا أخذنا بالأمور الآتية:

 

أولاً- إعتماد التحقيقات التي تتولّاها “المعلومات” وسائر الأجهزة الأمنية. كون هذه التحقيقات يُفترض أن تكون مستندة إلى وثائق وأسانيد ودراسات معمّقة.

 

ثانياً- أن يُنظَر إلى الملفات المُحالة وتلك التي ستُحال بمنظار العدالة ولا شيء آخر غير العدالة. وعدم تسريب ما في التحقيقات من مجريات، ولاحقاً أن تكون المحاكمات علنية، والإفساح في المجال أمام المتّهمين كي يُدافعوا عن أنفسهم بحريّة تامّة، ما يعني وقف الإتهامات العشوائية قبل صدور الأحكام القضائية إن بالبراءة أو بالإدانة.

 

ثالثاً- ألّا تكون الإتّهامات مناسَبةً لإلهاء الناس عمّا هم فيه من وضع إقتصادي – إجتماعي مزرٍ قضى على آخر مقوّمات القدرة على مواجهة تكاليف الحياة.

 

رابعاً- وخصوصاً البعد عن الكيدية وترك العدالة تأخذ مجراها.

 

خامساً- وأخيراً وليس آخراً سدّ مزاريب الهدر كلّها (يعني كلّها) وليس بالإستنساب.