مُطابق، أو غير مُطابق، تعابير أطلقها الوزير السابق وائل ابو فاعور خلال حملته من أجل سلامة الغذاء في صيف 2015، عندما كان وزيراً للصحة، ثمّ تابع تلك الحملة من موقعه في وزارة الصناعة في صيف 2019، قبل أن تُطيح إنتفاضة 17تشرين الحكومة، وتنكشف الأزمة العامة، طولاً وعرضاً.
حرَّكت حملة أبو فاعور المجتمع، من أقصاه الى أقصاه. البعض رأى فيها حركة سياسية حزبية، وكثيرون إعتبروها هزَّةً ضرورية لإدخال وعيٍ جديد لدى شعب، إعتاد قبول ما يُفْرَض عليه، في السياسة والتديُّن والتطييف والتحزّب… والغذاء!
نجحت الحملة في إدخال وعي جديد وتقاليد جديدة. عرِف المواطن أنّ عليه الإنتباه الى ما يشتريه من مواد، مصدراً وتاريخ استهلاك، وصار البائع في متجره أكثر حرصاً على ترتيب متجره، واللحّام أكثر تمسّكاً بنظافة ملحمته، والأهمّ من ذلك، أقرَّ مجلس النواب قانون سلامة الغذاء الذي ينتظر مراسيمه التطبيقية…
لم يكن فساد الغذاء سِوى إحدى قمم جبل الفساد العام الذي انكشف تماماً في نهاية العام الماضي، لينهار مع انكشافه نظام المُحاصصة والتعمية القائم على النهب العام، مُستنداً الى سلوك ثابت في دَوْسِ الدستور والقانون، واستِلاب القضاء، وتحويله أداة في يد المُتسلّطين على البلاد.
وتتحمّل شبكة المُتسلّطين تلك، وفيها السياسي والتاجر والميليشيوي والمصرفي ومُصنِّع المخدرات، المسؤوليّة عن سلسلة المصائب المُتراكمة التي يرزح تحتها المواطن، من دون أن يرى في الأُفق حلّاً ومخرجاً. وليس في تجارب الماضي القريب ما يُشير الى كوّة أمل. فحتى المُستودع الذي تمّت مداهمته، كانت أُثيرت في شأنه، قبل شهورٍ قليلة، بلبلة على خلفية المواد الفاسدة التي جرت مُصادرتها، ليُعاد توزيعها كحصص غذائية في إحدى البلديات!
لقد علّمتنا التجربة أنّ أكبر الفضائح يتمّ نسيانها بطرحِ فضيحة أخرى، وفضيحة الغِذاء الفاسد سينتهي أَثرها مع “الكشف” عن مأثرة مماثلة، في انتظار مُحاسبة شاملة في دولةٍ مُستعادة.