هناك مظلومٌ أساسي في لبنان هو مجموع اللبنانيين عامةً، وفي معركة رفع المظلومية، يُظلم طرفان الفساد… والدستور!
باتت محاربة الفساد شعاراً يرفعه الجميع والفاسدون في طليعتهم. كل البيانات والتصريحات تتحدث عن الفساد والفاسدين وضرورة كشفهم ومحاسبتهم. ويلتقي في الدعوة الى ذلك زعماء الطوائف والتابعون لهم ورجال المال والأعمال والسماسرة واداريون كبار، ومعهم من جهات اخرى مواطنون ومحازبون وهيئات في المجتمعين المدني والعسكري ( الميليشياوي)، ومفكرون ومنظّرون ومحلّلون …وفي سياق الدعوة لمكافحة الفساد والفاسدين، يجري تحميل كل المصائب التي حلّت بلبنان واللبنانيين الى شبح الفساد هذا ! فالانهيار المالي والاقتصادي هو من يتحمل مسؤوليته، كذلك المضاربة بالدولار وفقدان المواد ومنها الادوية ولوازم الحياة اليومية الى الإفقار والاذلال على محطات المحروقات … كما ان هناك من يحاول إدراج أسباب انفجار بيروت وحصرها في خانة الفساد وما يليه من تفسيرات …
مظلومٌ هو الفساد ان استمرت الأمور على هذا النحو . فالمشكلة الاساسية هي في انهيار الدولة بحيث اصبح الدستور والقانون مظلومين ايضاً على يد من أوكلت اليهم مهمة الحفاظ عليهما والتزام نصوصهما. واستطراداً يمكن الحديث عن مظلوم متفرع عن انهيار الدولة والدوس على انتظامها هو السلطة التنفيذية التي اطيح بها تماماً منذ عامين .
لم يكن الانهيار ولا انفجار المرفأ نتيجة سرقات من هنا وسمسرات من هناك، ولا نتيجة إهمالٍ وظيفي او نَعَس موظف في مكتب. بل كانا نتيجة لانهيار الدولة بوظائفها الاساسية الأولية، واقتسامها بين زعامات الطوائف والميليشيات في استمرار لعقلية الحروب الأهلية ونتائجها، ثم هيمنة طرف من بين هؤلاء على آخرين، ما جعل الدولة عاجزة ووضع دستورها وقوانينها على رفٍ بعيد المنال .
المشكلة هي هنا، والحل في استعادة دولة الدستور، وحتى يحين الوقت الذي تعود فيه الدولة، سيبقى الفساد شمّاعة معلقة على قوانين معلّقة وسيبقى البلد مفتوحاً على كل ابواب الخراب .