IMLebanon

هلّق فهمنا

 

 

“بيت فيه فساد يجب ان يُهدم ويُنظّف ثم يُعاد تعميره”. جملة مفيدة توضيحية قالها الرئيس الجنرال أمام وفد مغترب، وكشفت المستور عن خريطة طريق لخطة تبرّر أسباب هذه الكوارث التي نعيشها وتخلِّف مآسي وسع الوطن.

 

أما أين سيعيش اللبنانيون الذين يجب أن تهدم منازلهم ليصار إلى تنظيفها من الفساد؟

 

فلا لزوم للتوقف عند هذه التفاصيل التافهة. ولا يهم إن كانوا سيعيشون أصلاً. وليس ضرورياً على ما يبدو. فالهدم والتنظيف مكلفان، وقد يتسبّبان ببعض الإبادة الجماعية لقرية من هنا ومدينة من هناك.. بسيطة “بنكمّل باللي بقيوا”. أما إذا لم يبق من يخبر، نستورد شعباً جديداً “بورقته” وفق شروط مدروسة ودقيقة، وبعد إخضاعه لفحوص مخبرية تؤكد خلّوه من كل ما يعيق الهدف النبيل الذي ترمي إليه سياسة الأرض المحروقة. والأهم هو إستيراد شعب يفهم إطار النضال المستمرّ لسيد العهد القوي بغية “إعادة بناء هذا البلد، رغم كل الصعاب والمواجهات التي تعترضنا وحملات التضليل والشائعات”. شعب لا ينجرف خلف المطالبات الساذجة والرعناء بإستقالة الرئيس الجنرال. فقد أبلغنا أنه سيقوم بواجباته “حتى النهاية، وآمل أن تبدأ معي مرحلة إعادة إعمار لبنان نفسياً ومادياً على أن يستكملها الرئيس الجديد في وقت لاحق”. أي نهاية؟؟ تلك هي المسألة التي تؤشّر إلى أن تباشير الأمل لن تلوح في الأفق قبل إنجاز متطلّبات التنظيف. فالهدم لا يزال في أوّله، بالتالي لن تكون مرحلة إعادة إعمار لبنان في المدى المنظور. يجب أن تمهّد لإنطلاقتها خطوات جبارة تتطلب الكثير من التفجيرات والحرائق والإغتيالات والإفلاسات والأزمات الاقتصادية والسياسية والإجتماعية…

 

وفقر وجوع وبطالة وذلّ وموت بأساليب ووسائل مبتكرة، ليس فقط على الصعيد المحلي ولكن على الصعيد الدولي.

 

لكن من يهتمّ؟؟ فمن يقرأ تقاطعات التصريحات المتدفّقة من الشياطين المحلية والإقليمية والدولية، يعرف أنها في مدار لا علاقة له ولا اكتراث من قبل من يدور في فلكه بمدار الجثث المتفحّمة ولوعة أهلها. والعجيب الغريب أنّ التنظيف لا يشمل بيوت أي من أركان المنظومة المتحكّمة بالسلطة او من المنتفعين منها في مختلف مرافق السياسة والإقتصاد والأمن والإدارة، أو من أصحاب الحظوة المولجين تنفيذ الأعمال الوسخة لمدِّ المنظومة بالمال الحرام الذي يستوجب مزيداً من الموت. فيسندها وتسنده حتى الوصول إلى الهدف النبيل الذي لا حياد عنه على الرغم من التضحيات التي يقدّمها العهد القوي من اللحم الحيّ الذي صار فحماً. على العكس، يجب حماية بيوت هذه المنظومة ومن يديرها، فالتنظيف لا يحول دون حماية نفسها ومصالحها بالتكافل والتضامن في ما بينها.

 

لذا، هبّت القوى الأمنية المدجّجة بالأوامر لقمع المتضرّرين الغاضبين واعتقالهم لرفضهم دفن أحبّتهم قبل مساءلة المجرمين والمسؤولين عن هذا الطوفان من الإجرام.

 

و… أبشروا… فالعهد القوي لا يترك شاردة أو واردة وسيتوّج إنجازاته بإعادة الإعمار نفسياً… حينها سنشهد معجزة المعجزات وسيتحقّق الطموح الأسمى لبناء بيت لا فساد فيه، وفق مفهوم خاص للفساد وللإنجازات، والأهمّ الرئيس المقبل الذي سيستكمل مسيرة الإصلاح والتغيير… ومن الضروري أن يكون الصهر وسند الظهر. وإلا يصبح صعباً، ان لم يكن مستحيلاً تسليم الأمانة. عظيم…

 

أصبح بإمكاننا أن نرتاح ونستكين إلى النار التي تحرق زهرة شبابنا والتي تنزل على العهد القوي والمنظومة ومن يديرها برداً وسلاماً..

 

هلّق فهمنا…