IMLebanon

كمْ قتيلٍ يبلغُ ثمنُ الرحيل…؟

 

 

بحكومةٍ أو بغيـرِ حكومة، فلا حكومة ولا دولة ولا حكْم في ظـلِّ هذا الحكم.

 

إذاً… إنتظروا دورَكُم في الطوابير إلى جحيمِ الإنفجار الكبير.

 

كـمْ إنفجارٍ، كـمْ مجزرةٍ، كـمْ إنهيارٍ، كمْ مقبرةٍ، كـمْ إنتحارٍ تريدون، من أجـل أنْ تتركوا هذا الشعبَ يعيش… ويعيش بسلام…؟

بأيِّ صيغةٍ تريدون أنْ تستمرَّ مسيرةُ الموت تكفيراً عن خطايا العرش…؟

 

بالإنفجارات المتلاحقة، بالمستشفيات المتهالكة، بالبراميل المشتعلة، بالأفران الباردة، بالدواء، بالغذاء، بالوباء..؟

بأيِّ آلـةٍ شيطانية بعد، تريدون أنْ تستمرَّ مواكبُ دفـن الموتى…؟

 

«كاليغولا» بطَـلُ قصّـة الأديب الفرنسي «ألبير كامو» أراد مملكةً يسود فيها المستحيل فدعا جميع أصحابه كيْ يفنيهم واحداً واحداً، وحين سُئِلَ وفـق أيِّ ترتيبٍ يكون القتل؟ أجاب: إقتلوهم حسب الترتيب الهجائي.

 

على مثالِ أيِّ بطلٍ من أبطال «ألبير كامو» في الدولِ الدمويّة من هذه المنطقة تريدون أنْ تمسَخوا وجـهَ لبنان الحضاري والإنساني، حيث القصور ترتفع فوق المقابر، والإنسان فريسةٌ مستباحةٌ لأنياب السلطة المتوحّشة.

 

هل تنتظرون أنْ يصبح ترحيلُ الشعب اللبناني بالسيف، على غـرار إجتياح بعض شعوب المنطقة بسيف الحكم الإرهابي…؟

 

إذْ ذاك يصبح ترحيلُ الحكم أمـراً حتْمياً، ويصبح العنفُ من أجل إنقاذ مصير الشعب نوعاً من العنف الديمقراطي.

لا يصدّق أحـدٌ يتمتّع بقواهُ العقلية أنَّ مصيرَ وطـنٍ ودولةٍ وشعب مرهونٌ حتى الجنون على وزيـرٍ في حكومة.

 

لقد وقـعَ أهلُ العقل في حالةٍ من الضياع وهم يتساءلون: هل يمكن أن يكون عقلُ أهـل الحكم بهذا القدر من الغباء، بهذه الخفّـةِ، بهذه الغيبوبة حيال المجازر المتلاحقة التي تعصف بلبنان..؟ حتى خيِّـل لبعضهم أنّ أهل الحكم ربّمـا يحتفظون بمفاجأةٍ ما، بحـلٍّ ما، بسرٍّ خلاصيٍّ ما، بقرارٍ دوليٍّ ما، ولا يخيَّلُ إليهم أنَّهم سيتفاجأون بمأساةٍ أشـدّ وأدهى، تستهدف تنصيب جبران باسيل خلفاً على قصرٍ من الجماجم.

 

إذا كان الإنسان يعيش في نـزاع مصيري وقلـقٍ مادي، وإذا كان المرض بلا عـلاج، والمائدة بلا خبـز، والنهار بلا عمل، والليل بلا ضـوء، والمستقبل بلا أمَـل، فقد يصبح الحـزبُ الأوَّل عنده والإلهُ الأوَّل، هو البقاء على قيـد الحياة، فينكمش بفعل غريزة البقاء إلى مستوى الإفتراس الوحشي.

ad

 

ليس أيُّ طغيانٍ في التاريخ إلاّ كانت لـه نهاية حتمية، لقد مجَّـد هتلر الدولة الإلمانية الطاغية، وغـذّى عبادة السلطان الذاتي، ولكنّ هتلر عندما أوقع إلمانيا في مهاوي الإنهيار أبـى عليه عنفوانُه العسكري إلاَ أنْ ينتحر.

 

في مطالعات التاريخ، يتبيّن أنَّ مظالم الشعوب لا يمكن أن تمـرّ دونما حساب أو عقاب مهما طالتْ مواعيد الزمان.

 

الكاردينال ريشليو وزير الدولة في عهد لويس الثالث عشر تحـوّل إلى شخصية مكروهة من الفرنسيين بسبب سـوء سياسته الداخلية، واستجلاب عدواة الدول الأوروبية لفرنسا، بعد 150 سنة على وفاته اجتاحتْ جموعٌ من الفرنسيين كنيسة السوربون، فحطَّمت قبـرَ ريشليو وقطعتْ رأس جثَّـتهِ المحنَّطة، وألقَتْ ما تبقَّى من الجثـة في نهـر السين.

 

والتاريخ أيها السادة، إنْ هو إلاّ معلّـمٌ للأمـم.