Site icon IMLebanon

وثيقة الفساد سرَّبها مؤيِّدون لغولن

عن سؤال: ماذا جرى في أول لقاء بين زعيم تركيا رجب طيب أردوغان ومؤسس حركة “حِزمت” فتح الله غولن؟ أجاب المسؤول البارز نفسه في الأخيرة، قال: “لم يضع غولن برنامجاً مشتركاً مع أردوغان. دعمه في الانتخابات النيابية منذ البداية لأنه كان مُسلِماً وديموقراطياً وراغباً في انهاض الاقتصاد التركي من عثرته وساعياً الى تقليص دور العسكر في السياسة أو تدخُّله فيها أو الى انهائه. واستمر في دعمه الذي كان كبيراً بسبب العدد الواسع لأنصاره المنتمين الى “حِزمت” أو المؤيدين لأفكاره أو الذين تعلّموا في مدارسه وتخرجوا فيها. وهؤلاء، اضافة الى عددهم، متفوّقون ومتعلّمون كثيراً ومثقّفون. وهم موجودون بسبب ذلك بأعداد مهمة جداً في القطاع العام مثل ادارة الشرطة والجيش والقضاء والمدارس، وفي القطاع الخاص مثل الاعلام. فصحيفة “زمان” التي ينشرها مؤيد لغولن توزّع يومياً أكثر من مليون نسمة. كما أنهم موجودون في القطاع الاقتصادي والتجاري. وبانتشارهم الواسع هذا مكّنوا أردوغان من النجاح في الوصول الى السلطة والبقاء فيها. طبعاً، لا يشك أحد في أنه يمتلك “كاريزما” وشعبية مهمّة في الأوساط الدينية التركية كما في أوساط المسلمين المتديّنين من الأتراك. لكنه أضاف اليها شعبية غولن فكان فوزه المهم والكبير وكانت انجازاته الاقتصادية. ولهذا السبب انضم اليه ليبراليون كثيرون وعلمانيون”.

على ماذا اختلفا؟ سألتُ. أجاب: “لاحظ غولن وجود فساد كبير عند أردوغان وابنه وعائلته وحاشيته، فلم يشعر بالارتياح الى ذلك. “طلع البخار الى رأس أردوغان” كما يقال، فأراد الاستئثار بالسلطة وابعاد كل من يُمكن أن يشكِّل خطراً عليه أو يشعره بأنه مدين له. ولهذا قرّر اقفال الـ Preschools أي روضات الأطفال التي اسسها غولن داخل تركيا والتي تحضِّر الصغار لدخول المدارس، سواء مدارس غولن وهي كثيرة أو المدارس الأخرى الرسمية والخاصة. وبذلك بدأ أردوغان تقليص نفوذ غولن في أوساط المعلمين والمثقفين والنُخب. وقد أصدر قراراً رسمياً بذلك. وحصل هذا الأمر قبل تسريب وثيقة الى الاعلام عن فساده ووزراء عنده وعائلته. وقد عرف به غولن ولم ينكره أردوغان لاحقاً. وتمّ اغلاق مدارس الحضانة”.

سألتُ: هل كان قرار الاقفال سبب تسريب وثيقة الفساد المشار اليها؟ أجاب: “يعني سؤالك أن غولن سرّب الوثيقة أو جماعته ردّاً على القرار. الأمر ليس على هذا النحو. اذ لم يحصل أي اجتماع رسمي لأعضاء حركة “حِزمت” الموجودين في الادارة والقضاء والشرطة وفي محافل الدولة كلها لدرس الردّ على القرار قبل الاعتراف به رسمياً وقبل تطبيقه. والسبب أنها ليست حزباً يجتمع أعضاؤه أو قادته للردّ على أردوغان. سُرِّبت الوثيقة لأن الناس تذمَّروا من ذلك الاجراء ومعهم المتعاطفون مع “حِزمت” والمتخرِّجون من مدارسها. لكن ذلك لم يتمّ بقرار من غولن أو من “حركته”. علماً أن عمل هؤلاء وغيرهم في الدولة التركية باداراتها المختلفة لم يكُن نتيجة خطة ترمي الى السيطرة عليها، بل كان بقرار منفرد من هؤلاء الذين يُعدّون بالمئات بل بالآلاف داخل تركيا وخارجها والذين هم الأكثر كفاءة من غيرهم. طبعاً أثار ذلك أردوغان فبدأ حملة قمع لغولن و”حِزمت” وأنصارهما لا سابق لها، ذكّرت الأتراك والأكراد بالطريقة التي كان يتعامل بها الجيش مع أخصامه داخل تركيا ومنهم الاسلاميون والأحزاب غير العلمانية. فالعسكر أي “الكماليون” نسبة الى مصطفى كمال الملقّب بأتاتورك، والقوميون والليبراليون راحوا يتهمونه بالعمل لاقامة نظام اسلامي في تركيا. طبعاً لا يعني ذلك أنه نجح في ضرب غولن وشعبيته. لكنه ربما جعل بعضها يخشى الجهر بانتمائه الى “حِزمت” أو بايمانه بغولن. فهذا الأخير كان قبل “الخِلاف” الشخصية الأكثر شعبية في تركيا. وفي استطلاعات رأي عدة، حصل على المرتبة الأولى في الشعبية أكثر من مرة، ولا يزال كذلك. الا أن الجهر بذلك صار أكثر صعوبة. في أي حال، كثيرون تركوا أردوغان وحزبه بعدما كشف وجهه الأصولي وفساده وطمعه في السلطة وطموحاته غير المقبولة. أما غولن فإنه كان، حتى أيام حكم العسكر، يحظى باحترام شخصيات علمانية تنتمي الى النظام القديم مثل بولنت أجاويد وديميريل وغيرهما”.

سألتُ: ماذا عن “حِزمت” وغولن واسرائيل؟ أردوغان حافظ على علاقات تركيا بها ولا يزال يتعامل معها اقتصادياً وأمنياً واستخباراتياً. أجاب: “ما تقوله صحيح. نحن في موضوع اسرائيل نؤمن بأن التعامل مع الشعوب أمر ضروري”.

ماذا قال أيضاً عن ذلك المسؤول البارز نفسه في حركة “حِزمت” التركية؟