Site icon IMLebanon

فساد الإمتحانات.. الحل ليس بإلغائها!

لا تحمل الأسباب الموجبة التي يستند اليها اقتراح قانون الغاء الشهادة المتوسطة (البريفيه) عناوين اصلاحية، وإن كانت تستند الى وجود فساد في اعداد الامتحانات وإجرائها. يفصل الاقتراح الشهادة المتوسطة عن الشهادة الثانوية، وكأن الفساد يكتسح الأولى، فيما الثانية تتحلى بالنزاهة، والجميع يعرف أن منظومة الامتحانات ومؤسسات تربوية وإدارات ووزارات وأجهزة يستشري فيها الفساد ولا أحد يطرح الغاءها، بل نسمع أصواتاً لمكافحة الفساد وإصلاح المؤسسات من دون طرح معالجة المنظومة كلها. هذا يعني أن هناك تسرّعاً في تناول قضية خطيرة، باقتراح الغائها، قبل قياس الجدوى ومناقشتها كمسألة وطنية، تحتاج الى معالجة الامتحانات الرسمية وإصلاح المنظومة التعليمية كاملة ووضع نظم تقويم دقيقة تجعل عملية الانتقال من الأساسي الى الثانوي غنية بالتحصيل العلمي والثقافة، بدلاً من التركيز على أسئلة الامتحانات لمجرد النجاح في الشهادة.

ليس الغاء شهادة البريفيه أو حتى اعادة النظر بالشهادة الثانوية اليوم يدرج في خانة الاصلاح التعليمي. فاقتراح القانون الذي تقدم به نائبان لا ينطلق من وجهة متكاملة للإصلاح التعليمي، وكل ما يحصل أيضاً في ملف الامتحانات الرسمية في وزارة التربية لا يدرج أيضاً في خانة الاصلاح، لانه ينطلق من خلفية تنظر الى جزء من المشكلة التي نعانيها في الامتحانات، وهي تحمل في ذاتها أسئلة تتعلق مثلاً بالمستفيد من الغاء شهادة “البريفيه”، من مدارس خاصة تجارية أو مؤسسات “دكاكين” لا يفيدها وجود نظام تقويم يقيس الجدوى والمعلومات لدى التلميذ وينظم طرق التعليم بالتوازي مع ورشة اصلاحية شاملة تجعل من التعليم الأساس، قبل طرح موضوع الامتحانات وطريقة اجرائها وفلسفتها وكل ما يتعلق بموادها النظرية والتطبيقية، علماً أن مدارس كثيرة قد لا تلتزم بمواد يفرضها المنهاج اللبناني في الأساسي، اذا ما ألغيت شهادة “البريفيه”.

وقد يسأل البعض عن جدوى اقتراح الغاء الشهادة المتوسطة على أبواب الامتحانات، خصوصاً وأننا شهدنا العام الماضي تساهلاً في إجراء امتحانات “البريفيه” سجلت بموجبه نسبة نجاح مرتفعة، فيما نلحظ اليوم ورش عمل دعا اليها وزير التربية لإعادة النظر بالامتحانات وبوضع الأسئلة وبطرق التصحيح، لكن من زوايا ضيقة يتعلق بعضها بخفض أعداد المتقدمين للامتحانات في المراكز، من دون نقاش جدارة النظام التعليمي ونقد هيكل الامتحانات الرسمية، ومواجهة المشكلات في التربية، وبعض الممارسات في الامتحانات.

يجب تعيين المشكلة، وتحديد التوجه لحلها، وذلك من طريق إصلاح المنظومة التربوية، التي تشمل الامتحانات والشهادة، فكيف نطلق اقتراحات قبل أن نشرع في تقويم تربوي تشارك فيه المكونات التربوية والتعليمية كلها، وتحدد من خلاله خريطة طريق للحل؟ أما التصدي للخلل في الامتحانات فلا جدوى منه، ما لم نقلب معادلة النقاش بالكامل