حبَّذا لو أنَّ المقال اليوم يكون صورةً لا كلمة، لأنَّ الصورة قد تُغني وقد تَفي بالغرض، ولا يكون ينقصها سوى الروائح المسمَّة لتُعبِّر عن الواقع!
إنَّها صورة جبال النفايات التي تغطي العاصمة والمناطق، وهي ليست مفاجئة بل كانت متوقعة منذ لحظة الخلاف على المناقصات وعلى توزيع مغانمها. وحتى يوم غد، موعد انعقاد جلسة مجلس الوزراء فإنَّ تلك الجبال ستزداد ارتفاعاً لتزداد معها الإنبعاثات والأوبئة والجراثيم التي تتفاعل مع الحرارة المرتفعة.
ماذا سيحدث في جلسة الغد؟
وما هي السيناريوهات المرتقبة؟
الدعوة إلى الجلسة ورد فيها:
مناقشة المواضيع المثارة بالإضافة إلى جدول الأعمال السابق ومشاريع مراسيم جديدة، أي أنَّ كلَّ وزير يجد في menu الدعوة ما يريده، فدُعاة طرح مناقشة الآلية أو المقاربة يجدون هذا البند، ودعاة البنود من خارج جدول الأعمال، يجدون هذا البند أيضاً، ودعاة جدول الأعمال لهم ما يرضيهم أيضاً، ولكن مَن يرضي الناس والمواطن العادي، وأين هي بنوده؟
هذا بلدٌ ضدَّ أبنائه وضدَّ طلابه وضدَّ مواطنيه عموماً:
يدرس الطلاب على مدى سنة فيُعطَون إفادات بدلاً من شهادات، يدفع الناس ضرائب فيكافأون بتجميع النفايات في الشوارع، لا محاسبة ولا معاقبة بل كل ما في الأمر ممارسة السياسة على حافة الهاوية.
أنظروا يا سادة ما يجري حولنا، التحوُّلات هائلة فماذا تنتظرون؟
الخطر في ما سيجري غداً هو في جلسة مجلس الوزراء التي قد تنفجر في وجه الجميع، فماذا لو لم يتمَّ البتُّ في الآلية أو المقاربة قبل البدء بجدول الأعمال، ماذا لو اختلف الوزراء على الآلية أو المقاربة ولم يدخلوا في صلب الموضوع والبحث في جدول الأعمال أو البنود الطارئة من خارج الجدول، فماذا سيكون عليه الوضع في هذه الحال؟
رائحة النفايات المنبعثة من المستوعبات ستصل إلى أنوف المجتمعين في السراي الحكومية، فماذا لو انفضَّت جلسة مجلس الوزراء من دون المعالجة؟
هناك قطبةٌ مخفية وربما هي غير مخفية يعرفها العارفون بالملفات المطروحة:
هناك إحدى عشرة شركة تقدمت بمناقصات النفايات، فأين كانت ستطمر لو أنَّ هذه المناقصات قد رست عليها؟
ولنفترض أنَّ فضَّ العروض قد أُنجز وفاز من فاز، فأين كان سيتم الطمر فيما مطامر الشركات غير مجهَّزة؟
هل هي مسرحية؟
هل مشهد جبال النفايات هو لتحمية الأجواء للوصول إلى الحلول الجاهزة أصلاً؟
وإذا كان الأمر كذلك فلماذا معاقبة الناس وبعض المغتربين الذين صدَّقوا أننا أصبحنا دولة، ومعاقبة بعض السياح الذين صدّقوا أننا ما زلنا بلداً سياحياً؟
إنه الفساد الممزوج بروائح مسمَّة.